الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
دور العراق والمجتمع الدولي في إيقاف قوى الإرهاب من مواصلة عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد المسيحيين والايزيديين

تعرض العراق الى هجمة إرهابية شرسة استهدفت شرائح عديدة من مكوناته الإنسانية، حيث تعرضت تلك المكونات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (المسيحيون والأيزيديون والمندائيون) الى عمليات تطهير عرقي، وجرائم ضد الإنسانية، وعمليات إبادة جماعية، وتهجير وعمليات سلب للممتلكات والحريات بأبشع الصور، ضمن احتلال تنظيم داعش الإرهابي مناطق عراقية شاسعة سيطر عليها بالقوة المسلحة .

نتيجة العمليات العسكرية التي شنها تنظيم داعش الإرهابي، تم ارتكاب افعال إجرامية يدينها القانون الدولي والوطني بحق المواطنين المدنيين، حيث شكلت الأفعال المرتكبة جرائم منهجية منظمة، تم استعمال الأسلحة الفتاكة فيها ضد المدنيين العزل، كما تم ارتكاب جرائم قتل جماعية لإبادة أكبر عدد منهم لأسباب دينية وطائفية، وأدت تلك الأفعال الى تهجير أعداد كبيرة منهم، تركوا بيوتهم وممتلكاتهم وفروا بأنفسهم الى المناطق الآمنة المجاورة، وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والعبودية الجنسية، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمةِ التفرقة العنصرية على أساس الدين وغيرها. مما يجعلها تقع ضمن تعريف مفهوم الجرائم ضد الإنسانية، باعتبارها أكثر اتساعا في توصيف وانطباق الأفعال المرتكبة، بالنظر لتنوع الضحايا وممارسة عمليات الاستعباد الجنسي والإتجار بالبشر، وعمليات الإعدام العلني دون محاكمات، وعمليات جز الرؤوس بالسيوف والسكاكين، وقتل الأسرى، وعمليات الخطف والحجز وتقييد الحريات والحصار المادي والنفسي المفروض على الناس .

أن المادة السادسة من قانون المحكمة الجنائية الدولية، عرفت عمليات الإبادة الجماعية من انها التي ارتكبت بقصد احداث التدمير الكلي أو الجزئي ( لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية)، على أساس القتل الجماعي المرتكب، وإلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بقسم منهم، وإخضاعهم عمدا الى ظروف معيشية بقصد التدمير الكلي أو الجزئي، وفرض تدابير قسرية تعرقل سبل ووسائل الحياة، بالإضافة الى امتهان البشر وممارسة بيعهم في اسواق النخاسة كرقيق، مما يجعل الفعل المرتكب ضمن مفهوم الإبادة الجماعية .

أما جرائم الحرب فأنها جميع الأفعال التي تخرق بشكل جسيم اتفاقيات جنيف الصادرة في العام 1948 او ما تلاها من اتفاقيات دولية عن جرائم الحرب، وتؤدي تلك الافعال بالنتيجة الى وفاة أو ضرر فادح يصيب الأنسان أو السجين أو أي شخص مدني يحميه القانون، وشملت تلك الأفعال جرائم القتل العمد، وجرائم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، واحداث الام وأضرار خطيرة بالحياة والسلامة العامة، وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بصورة غير مشروعة، والنفي أو الاعتقال أو القتل غير المبرر، وتقييد الحريات في الاحتجاز والأسر غير المشروع وأخذ الرهائن .

أننا امام ثلاثة توصيفات قانونية يحكمها القانون الدولي، جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، ونجد في تطبيق التوصيف الخاص بالجرائم ضد الإنسانية أكثر تحديدا وانطباقا من بين تلك الأفعال، بالنظر لسعة التعريف، وعدم تحديد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة أثنية أو دينية محددة دون غيرها، وتداخل التوصيفات القانونية لجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية ضمن معيار الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها مجموعة (داعش)، باعتبارها جرائم منهجية وترتكب بالقوة وبالتالي فأن هذه الجريمة تلزم الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتضع الحكومة العراقية أيضا أمام مسؤولياتهم القانونية والدستورية والأخلاقية، وتوجب اتخاذ التدابير اللازمة لوقف ارتكاب الأفعال الإجرامية، وإيقاف الاجتياح والاحتلال الحاصل، والعمل بجدية للقضاء على المجموعات الإرهابية التي تشكل خطرا على الحياة ليس في المنطقة والعراق فحسب بل على مجمل الحياة البشرية، بالنظر للمفاهيم المغلقة والمتطرفة والظلامية والكراهية التي يعتمدها أفراد التنظيم، مع ما تمت ممارسته من أفعال إجرامية تعرض الحياة الإنسانية للخطر .

دور المجتمع الدولي في إيقاف قوى الإرهاب عن مواصلة جرائمها وتأمين الحماية المنشودة :

ينص الميثاق الدولي للأمم المتحدة على مسؤولية الأمم المتحدة ومقاصدها في حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية عليها أن تتخذ التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وتعمل على إزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم والأمن، ويأخذ مجلس الأمن زمام المبادرة في تحديد وجود تهديد للسلم من خلال أي شكل من أعمال العدوان، ووفقا لهذا يتعين على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته بشكل كامل وأن يضع اطاراً سياسياً لتنسيق الجهود من اجل تقديم العون الدولي العسكري أو المادي، والمشاركة والتنسيق ضمن المسؤولية الدولية في عمليات التطهير والقضاء على داعش، وملاحقتهم والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمات العادلة، والتعاون الجدي والمثمر في تخليص أعداد كبيرة من النساء والأطفال من الأسر والحجز والاختطاف الذي يتعرضوا له من قبل التنظيم الإرهابي، وإعادة تأهيل الأعداد التي تم الاعتداء عليها جنسيا أو بدنيا ونفسيا، والتعاون في بذل الجهود الطبية والاجتماعية في إعادة تأهيل النساء اللواتي هربن من عناصر تنظيم داعش بعد اختطافهن من خلال ما تقدمه لجنة شؤون المرأة التابعة للأمم المتحدة، وأن تتم دراسة وسبل تنفيذ هذا الجانب، . ونرى انه من الجوانب الإنسانية المهمة النظر لضحايا الإرهاب وإعادة تأهيلهم، وإدماجهم نفسيا واجتماعيا من قبل المجتمع الدولي أو المنظمات الدولية، واتخاذ إجراءات شبيهة بما كان يتخذ في مواجهة ضحايا النازية ومعاداة السامية والتمييز العنصري وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية منذ أربعينيات القرن الماضي، وهو ما قررته الامم المتحدة ضمن استراتيجية مكافحة الإرهاب في ايلول سنة 2008، وتأكيد الأمين العام السيد بان كي مون في 9 ايلول من العام نفسه 2008 على ضرورة دعم ضحايا الإرهاب .

أن هذه المكونات العراقية تتميز باختلافها عن بقية المجتمع العراقي من ناحية اللغة والدين والعرق، وتتمسك بديانتها وبلغتها وثقافتها وتقاليدها وخصوصياتها، وعلى هذه الأسس ينبغي التعامل معها والنظر اليها وفقا لما نظر اليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والثقافية.

أن اغلب المكونات العراقية أصبحت تعيش في خيام أعدت للمهجرين بشكل سريع وتفتقر لأبسط مستلزمات الحياة، أو في اماكن لا تصلح للعيش بأي شكل كان، مع الافتقار للرعاية الصحية، وأن الرعاية اللازمة التي يفترض على الأمم المتحدة أن تقوم بها تجاه النازحين في العراق غير مشجعة، وبعيدة عن معاناتهم والظروف غير الإنسانية التي يعيشونها، ولا تتناسب مع حجم المحنة والمعاناة التي يعيشها النازحون، مما يتطلب من المجتمع الدولي أن يقوم بدور أكثر فاعلية،وان يسهم بمساعدتهم إنسانيا، وان يرتقي بهذه المساعدات والمواقف بما يتناسب مع اعداد النازحين والظروف التي يمرون بها، حيث لم تتم اغاثتهم ومساعدتهم للصمود خلال هذه الفترة التي يمرون بها، فلم يكن هناك برنامج دولي يضمن المساعدة الدولية واحترام حقوقهم الإنسانية، ونجد من الواجب أن يجد اية صيغ قانونية تصلح لتأمين ضمانات لحمايتهم مستقبلا، ولا سيما وأن الأمم المتحدة معنية بتطبيق معايير حقوق الأنسان، ومن بين أهم أهدافها الأساسية الواجب تحقيقه، حفظ الأمن الدولي والسلم العالمي والتصدي لأعمال العدوان والأخلال بالسلم، وتوفير المناخ الملائم للمساعدات الدولية، والنظر بعين الأنصاف الى ما يتحمله اقليم كردستان العراق من أعباء تفوق قدراته وأوضاعه الاقتصادية في مساعدة النازحين وتوفير المأوى والحماية لهم، كما يكشف أبعاد اللعبة الدولية والجهات التي تقف وراء افعال داعش.

أن جميع الأعمال الإرهابية تم تجريمها وأدانتها من قبل المجتمع الدولي، وما تقوم به تنظيمات القاعدة وداعش من اعمال إجرامية لا يختلف عليها أحد في توصيفها القانوني، وقد تصدت الأمم المتحدة الى الأعمال الإرهابية وأدانتها أيا كانت دوافعها ومكان ارتكابها او شخوصها، باعتبارها من بين أخطر التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن الدوليين، وتمت مناشدة جميع الدول للتعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية، ولهذا فأننا نرى في كشف الجهات الداعمة للإرهاب وتقديمها للمحاكمات العادلة سيشكل دعما جديا وملموسا لحماية الأمن والسلم الدوليين، كما انه سيحمي البشرية جميعا من خطر التهديد الكامن في النظرة المتطرفة والإجرامية التي يتعامل بها تنظيم داعش مع الآخرين، لذا فأن توثيق هذه الجرائم يسهم في فضحها وتوصيفها .

أن العراق لم يكن من بين الدول التي وقعت على اتفاقية روما، والانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست في العام 2002 حتى اليوم، ولان هذه المحكمة اختصت بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحروب وجرائم العدوان، مما يمنع عرض قضية محاكمة مرتكبي الجرائم الإرهابية في العراق على المحكمة الجنائية الدولية.

ومن الجدير بالذكر ان العراق من بين الدول الموقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية ضمن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1948، حيث تم اعتبار جريمة الإبادة الجماعية، والتآمر لارتكابها ؛ والتحريض المباشر والعلني على ارتكابها، ومحاولة ارتكابها، والتواطؤ في ارتكابها . وجوب معاقبة الأشخاص الذين يرتكبونها أو أي فعل آخر يسهل أو يمهد أو يشارك في ارتكابها، سواء كانوا حكاماً مسؤولين دستورياً أم موظفين عامين أم أفراداً، وهناك من يقترح احالة القضية وفقا للقانون الوطني على المحكمة الجنائية العراقية العليا التي تشكلت بموجب القانون رقم (10 لسنة 2005) في العراق، باعتبار أن من اختصاصها ضمن الفقرة (ثانيا) من المادة الأولى ولايتها في محاكمة المتهمين بالجرائم الآتية : (أ) جرائم الابادة الجماعية، (ب) الجرائم ضد الانسانية، (ج) جرائم الحرب، الا ان المادة الأولى نفسها حددت ولايتها على الجرائم المرتكبة للفترة من تاريخ 17/7/1968 ولغاية 1/5/2003، وبذلك تخرج جرائم داعش عن اختصاصها وولايتها، كما ان مجلس النواب أصدر قرارا بحل المحكمة وإحالة ما تبقى من قضاياها الى مجلس القضاء الأعلى لإحالتها الى المحاكم المختصة، كما أن خلو قانون العقوبات العراقي من النصوص الخاصة بمعاقبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب يدفعنا للتفكير في منفذ قانوني يحكم تلك الجرائم .

ونرى في أن يقوم مجلس الأمن بإحالة ملف الجرائم المرتكبة من قبل داعش في العراق على المحكمة الجنائية الدولية، والمباشرة الجدية بالتحقيق، أسوة بالقضايا المماثلة التي تمت احالتها من قبل الأمم المتحدة، كالمحكمة الخاصة بمجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة، والجرائم المرتكبة في راوندا، او المحاكم الاستثنائية المتشكلة في كمبوديا لمحاكمة الخمير الحمر، او المحكمة الخاصة بلبنان، والأمر يحتاج الى وقفة فعالة ونظرة منصفة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، باعتباره أحد أهم أجهزة الأمم المتحدة الفاعلة، ويعتبر المجلس المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة . ولمجلس الأمن سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء لذلك تعتبر قراراته ملزمة للدول الأعضاء، وبالتالي عليه ان يتحمل المسؤولية القانونية في حماية الأمن والسلم، وتقديم الجناة الى المحاكمات العادلة، ويتحمل المجتمع الدولي طبقا لمهام الأمم المتحدة مسؤولية مباشرة في مساندة الدولة العراقية في إيقاف تقدم التنظيم الإرهابي، والتعاون العسكري والمادي للقضاء عليه أولا، وتقديم المتهمين في ارتكاب جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية الى المحكمة الجنائية الدولية، واستخدام الوسائل والمساعي المناسبة لحماية السكان وفقا لما يقرره الميثاق الدولي .

كما يفترض ان تساهم الامم المتحدة في أن يكون لها دور وحضور في مسألة شكل الحقوق الادارية والدستورية التي يمكن ان تساهم في تأمين الحماية المنشودة للمسيحيين والأيزيديين في المنطقة وفقا لنصوص الدستور العراقي، والحماية الدولية التي يقصدها اهل تلك المناطق تكون في الاستجابة لمطالبهم المشروعة سواء بتشكيل محافظات جامعة لهم أم بانضمامهم الى إقليم كردستان أو أي شكل آخر يتطابق مع ارادتهم ولا يتعارض مع نصوص الدستور بشرط ان يضمن حمايتهم من تكرار تجربة الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي، ويضمن لهم الاستقرار السياسي والاجتماعي والنفسي .

(يتعرض أبناء المكون المندائي الى العديد من حالات الاغتيال والتهجير القسري من مناطق متعددة في العراق، وهم في حالة هجرة مستمرة عن مناطقهم).

دور الحكومة العراقية في إيقاف قوى الإرهاب عن مواصلة جرائمها وتأمين الحماية المنشودة:

في مناطق عديدة تواجه القوات المسلحة العراقية وقوات الحشد الشعبي أو قوات البيش مركة الكردية تمدد القوة الإرهابية لداعش وتحاول إيقافها وطردها من هذه المناطق التي تحتلها بالقوة، وضمن هذه المواجهة والقتال يتحتم على المواطنين النزوح والهجرة والهروب القسري عن مناطقهم الى مناطق آمنة، غير أن هذه المناطق لا توفر لهم المسكن والعمل والحياة الطبيعية، بعد أن تركوا مزارعهم وأماكن عملهم ما يجعلهم تحت رحمة المعونات المؤقتة، واللجوء الى خيام وبنايات غير مكتملة البناء للسكن فيها مؤقتا، ولم تجد الحكومة العراقية غير أن تقرر منح المهجر مبلغ مليون دينار (حوالي 800 دولار أمريكي) كمنحة لا تكفيه لمواجهة اعباء الحياة، امام طول المدة التي هجر بها بيته وترك فيها امواله، فباتت اعداد كبيرة من النازحين تحت رحمة الظروف، لا تجد لها معيناً او مورداً يمكن ان يسد حاجتها اليومية، مع ظروف اقتصادية صعبة يمر بها الاقتصاد العراقي .

أن ما تعرضت له هذه المكونات العراقية دفع بأعداد كبيرة منها، ليس فقط الى النزوح والهجرة من اماكن سكانها، ولا ترك اراضيها وحلالها، إنما لجأت اعداد كبيرة منها الى مغادرة البلاد والهجرة الى الدول التي تمنح اللجوء الإنساني بحثا عن الأمان والاستقرار، ومن بقي منهم فقير الحال لا يسد رمقه ولايتمكن من تحمل تكاليف السفر والوصول الى طرق الهجرة المشروعة منها أو غير المشروعة، كما ان العديد منهم تهدمت بيوتهم بعد أن تعرضت للسرقة والسلب، وأصبحوا ضحايا العمليات الإرهابية، وأمام واقع الحال فأن أمر عودتهم بهذا الحال والشكل يتبح أمرا غير معقول، مما يستوجب على الحكومة والمعنيين بالشأن العراقي إذا كانوا يعرضون على ابناء هذه المكونات البقاء في اماكنهم وبيوتهم، ان توفر لهم اولا ضمانات الامان أولا، وثانيا التعويضات السريعة البعيدة عن أطار الروتين ليتم ترميم وبناء بيوتهم ومصالحهم وتوفر فرص العمل، وثالثا الالتفات الى اعادة النظر في قضية درجات التفاوت في المواطنة التي يتعامل بها المجتمع العراقي من خلال ثقافة مشوهة منتشرة، ومن خلال نظرة استعلائية يتعامل بها ويتمسك في تقسيم المجتمع دينيا، ورابعا رد الاعتبار السريع لضحايا الجرائم المرتكبة واعتبارهم بحكم الشهداء بما يتوفر لهم من حقوق وفقا لما تنص عليه القوانين العراقية، وتعويض المتضررين من الجرحى والمعوقين وبذل الرعاية الإنسانية اللازمة بذلك، وخامسا الحرص على رعاية الأماكن الدينية وحمايتها والتأكيد على حرية العبادة والعقيدة التي نص عليها الدستور .

ان مجرد ضمان كامل الحقوق الدينية لهذه المكونات لا يكفي مالم يقترن بضمان حق الامن والحياة والحماية القانونية والمساواة، لذلك فأن إبقاء نص المادة (140) من الدستور العراقي دون حلول منجزة في إنهاء معاناة الناس ضمن المناطق التي سميت بالمتنازع عليها، بالرغم من الخروقات الدستورية للمدد المحددة في النص، يجعل الحياة قلقة وغير مستقرة في هذه المناطق، بالإضافة الى ما تعرضت له تلك المناطق من تغييرات ديموغرافية أضرت بالمنطقة وبعوامل التعايش السلمي للمجتمع، مما يتطلب مواقف وقرارات حاسمة تضع الحلول والمصالح الإنسانية والوطنية فوق جميع الاعتبارات، كما ان الدستور العراقي نص في المادة (116) على ان النظام الاتحادي يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية، ووفق هذا التكوين يستطيع المعنيون بالتشريع دراسة الأوضاع السكانية وحقائق التاريخ والجغرافية وإرادة اهل المنطقة، وصياغة الشكل القانوني والدستوري والاداري والسياسي والثقافي الذي يساهم في ضمان الحياة وتوفير الأمن لأبناء تلك المناطق، وأن الاستجابة الى المطالب الشعبية للمسيحيين والأيزيديين في إقرار الشكل القانوني لمناطقهم وفقا للدستور، لا يضمن فقط ايقاف هجرتهم ونزوحهم ?ن مناطقهم، إنما يساهم في الاستجابة لما قررته المادة (125) من الدستور المتعلقة بالحقوق الإدارية، ويمنح اهل تلك المناطق التحكم في إدارتها وحمايتها .

أن تلك المناطق بحاجة الى حلول مدروسة وسريعة لإيقاف هجرة اهلها عنها، وضرورة أن يتم تطويرها وتنميتها بما ينسجم مع سياسة الاستقرار المنشود، وان تكون المساهمة جادة وفاعلة وسريعة في إيقاف الهجرة الجماعية لأهل تلك المناطق بالتعاون مع المجتمع الدولي، وان يتم توفير الظروف التي يمكن أن تساهم في عودة المهاجرين واللاجئين الى مناطقهم، كما أن للكنائس ورجال الدين من المسيحيين والأيزيديين دورا مهما وبارزا في تطمين الناس وحثهم على العودة ونبذ فكرة هجرة بلدهم . وان يتم التأكيد على مضمون نص المادة (3) من الدستور من ان العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، هذه التعددية تعني الشراكة الإنسانية، هذه الشراكة التي ندعيها تتعارض مع الواقع والتطبيق، مما يلزمنا أن نسعى الى نشر ثقافة الأيمان بالشراكة والمساواة التي أكد عليها الدستور، وهي مفتاح الحياة للاستقرار في العراق.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 27-05-2015     عدد القراء :  3786       عدد التعليقات : 0