الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أي ريح تعصف بهذا الوطن؟!

«1»

تنأى في صباحاتك الغائمة عن كل ما يضفي عليها هالة من الحزن، وتحاول أن توهم نفسك بفرح قادم في الساعات القليلة القادمة، مادام التفاؤل هو ما تبتغي أو يبتغي الآخرون، لهذا ترسم على شفتيك ابتسامة طفولية (هي في حقيقتها حزن متورم)، وتحمل جردل الماء لكي تسقي الزهور وإن كانت غير عطشى، تحلق ذقنك وترش على وجهك العطر الباريسي الذي جلبه لك صديقك من لندن، تتردد في الاتصال بأحد الأصدقاء خشية أن لا يكون قد نهض من النوم بعد، مثلما تتردد في تشغيل جهاز الحاسوب حتى لا تـُفسد هاجس الفرح الكاذب الذي بدأت تشعر به وكأنه أصبح حقيقة،?وتمني نفسك أن يمر يومك بهذه الهالة من الفرح الأسطوري الذي يحلم به كل أبناء وطنك.

«2»

اللحظة كيان قابل للتفجر فيصبح دهرا، لحظة واحدة تكفي لقتل فرح سنوات عمر طويل مثلما هي جملة واحدة من كلمات نصف سطر قادرة أن تبعثر كل كيانك إلى شظايا غير قابلة للجمع ثانية. تزحف على يديك ( وأنت توهم نفسك) لعلك تكون في منأى عن شظايا كيانك المتفجر التي تشكل نفسها في أرواح تخرج من القبور ثانية كهياكل عظمية، وكأنك تشاهد فلم (The last exorcism).

«3»

(طلقة هذه الروح، مجنونة، هي لا تشتري بالفداحة غير عذاباتها) وإلا بماذا يمكن أن تفسر البحث عن الفرح عند بوابات وطن غارق بكل مصائب الدنيا، هل هو الفضول البشري أم هو نزعة البحث عن الألم؟ لعل الجرح الغائر في الروح ( والذي اسمه حب الوطن) يحترق كاملا لكي تشفى منه؟ وهل لك أن تشفى من هذا الحب الذي رضعته مع حليب أمك منذ اليوم الأول لميلادك؟ كل شيء قابل للتحول إلا هذا الحب، كل شيء تتمكن منه الحياة إلا هذا الحب.

«4»

الأخبار التي حاولت أن لا تقرأها اليوم نثرت على عينيك حزنها، مع هذا سوف تدعى التفاؤل:

- 300 مليار دولار تكاليف الحرب على داعش

- ثلاثة ملايين عراقي مهددون بالحرمان من الرعاية الصحية

- 50 امرأة تقدم كـ (فصلية) لعشائر تقاتلت في البصرة.

أي ريح تعصف بهذا الوطن الذي اسمه العراق؟

«5»

هل لي غير أن أستعير حزن أدونيس؟

(جسدي، مثل تاريخ هذا الزمان،

مليء بكل العروش التي لا تزال ترفع تيجانها،

هكذا نقطةً، نقطة ً أتقطرُ

أنسال بين جرار الزمن،

وطنا آخرا

وطنا للوطن)

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 03-06-2015     عدد القراء :  2655       عدد التعليقات : 0