الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أردوغان -- وسوسيولوجية جنون العظمة

العرض / داء العظمة مصطلح تأريخي ، يعني جنون العظمة أو وسواس العظمة ، لوصف حالة من وهم الأعتقاد حين يبالغ الشخص بوصف نفسهُ بما يخالف الواقع ، فيدعي أمتلاك قابليات أسثنائية وقدرات جبارة أو مواهب متميّزة أو اموال طائلة أو علاقات مهمة تعجيزية ليس لها وجود حقيقي ، وهي حالة مرضية ذهانية ، ترقى أحياناً كثيرة إلى مرض عقلي يتقمص ( البارانويا ) وهو عبارة عن أعتقاد جازم بفكرة خاطئة عندما يقع في شراك وهم غير حقيقي بأنهُ شخصٌ عظيم ، ومهم للغاية ، كأنْ أدعى أشخاص كثيرون بأنّهم " اليسوع المخلص " أو أشخاص تقمصوا " شخصية المهدي المنتظر " .

والتأريخ يحدثنا عن قادة وملوك وعسكريون أصيبوا بفايروس هذا الداء ، عندما يعلنون بأنّهم ظل الله في الأرض ، فيستعبد العباد فيمتلكهم جسداً وروحاً ، وعلى سبيل المثال أنْ كان رجلاً عسكرياً يحاول القيام بأنقلاب عسكري لتنفيذ خططهِ وأوهامهِ كأنقلاب القذافي على السنوسي ، وأنقلاب النائب صدام حسين على رفاقه الأنقلابيين في حركة 68 الفاشية لتطبيق شعارات حزب البعث المستحيلة وبالقوّة المفرطة ، وهتلر عراب الحركة النازية الأثنية والشوفينية تمكن بدعاياته وأدعاءاته من غسل أدمغة 80 مليون ألماني بأنهم الشعب المختار وتمدد في الأرض الأوربية لحد الأنتحار ، وهكذا زميله " نابليون " الذي توهم بأنه القوي والموهوب عسكرياً فأجتاح أجزاء واسعة من العالم وقامر بأبادة 60 مليون فرنسي ، وسقط الجميع في حضيض التأريخ المظلم ولأنّهم ليسو حكام سويين بل يعانون من أنحرافات نفسية . وأوهام طوباوية خيالية سلبية وشاهدنا كيف لفظهم التأريخ وحصلوا لعنة الأجيال .

أما " أردوغان " فهو نسخة من تلك الشلّة الموهومة ، وقد يزيدهم أردوغان تطرفاً لكون تتجمع فيه جينات العرقية والأسلمة السياسية والطائفية والمناطقية المقدسة ، بدأ حياتهُ السياسية بالهوس الديني الراديكالي ، وجاء المد الديني في نهاية الألفية الثانية لصالح برنامجه في أقحام الدين في السياسة ، وأستعملها في الدعايات الأنتخابية عند تأسيس حزبه " حزب العدالة والتنمية " 2001 ، وهذه واحدة من خطاباته { مساجدنا ثكناتنا ، قبابنا خوذاتنا ، مآذننا حرابنا ، والمصلون جنودنا ، وهذا الجيش المقدس يحرس ديننا } ، أتبع سياسة المهادنة مع العلمانيين والأحزاب اليسارية ولكنه في الخفاء عمل على هدم قلاعهم بالتحفظ ، والتزلف ، وحتى مجاملة الطائفة الشيعية التركية وتوصية حزبه مشاركتهم مراسيم عاشوراء ، والمجالس الحسينية ، أما على الصعيد الخارجي ، ففي المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية التركي أختتم أعماله في العام الفائت الذي حضره الأسلاميون الراديكاليون والمتشددون ، والقيادات الأخوانية من محمد مرسي ، وزعيم النهضة التونسي " راشد الغنوشي " وزعيم حركة حماس الفلسطينية " خالد مشعل " وألقى أردوغان خطاباً مليئاً بالتمجيد لقادة وسلاطين أتراك متشبهاً ومساويا نفسه بهم مثل : كمال أتاتورك والسلطان محمد الفاتح وألب أرسلان وتوغرت أوزال ونجم الدي أربكان ، وأقحم أسم " عدنان مندرس معهم ليتشبه به وليعيد له الأعتبار.

وأعلن تأييده للأخوان بفوزهم في الأنتخابات المصرية وكان خطابه في مؤتمر لاكوس 2009 لصالح حماس المتشدد دينياً وبهذه السياسة الديماغوجية حصل على تأييد السعودية لكسب أستثماراتها في تركيا ، وكبرت وتعاظمت لديه فكرة السعي في أستعادة الأمجاد العثمانية الزائفة ، والعمل على تغيير الدستور التركي وذلك بنقل السلطة البرلمانية إلى رئاسة الجمهورية على غرار الحكم الأمريكي وعملت هذه الأفكار الخيالية الطوباوية في تعجيل العد { التنازلي } في تحجيم مقاعد حزب العدالة والتنمية ال 300 مقعد من مجموع 550 مقعد برلماني في 2003 وصعد بها إلى الحكم .

وتبخرت أحلامه الدونكوشوتية البالونية وأنكسرت جرّة الراعي بظهور نتائج أنتخابات الأحد الماضي بأفول نجمه بحصول الحزب على نسبة 8-40% من الأصوات البرلمانية تقدر ب 248 مقعد من مجموع 550 مقعد وهذا لايسمح له تشكيل حكومة لمفرده ، وحلت باردوكان النكسة والنكبة حين يتذكر نتائج أنتخابات 2011 ، ب 9-94 %من الأصوات ، والوقت القاتل ال 45 يوم الدستورية يحاصره لتشكيل الحكومة بالوقت الذي ترفض جميع أحزاب المعارضة الأئتلاف مع حزب العدالة والتنمية ، وصرّح حزبا المعارضة التركية {حزب الشعب الجمهوري التركي و الحركة القومية } بشرطهما / لا أئتلاف معك يا أردوغان ألا بعد مغادرتك القصر الأبيض الجديد الفخم والعودة إلى القصر القديم ( تشانكايا ) ، وكان أقوى الأسباب التي أزاحت أصوات أردوغان هو أنّ العلمانيين الأتراك وأنصار البيئة والنساء والمثقفين هو الحشد ذاته الذي تصدر الأحتجاجات ضد الحكومة في 2013 ، أصطفوا معاً إلى جانب حزب الشعب الديمقراطي الكردي المهمش من قبل أردوغان وحزبه .

وحسب مؤشر الفساد الأداري الصادر من منظمة الشفافية الدولية تراجعت تركيا إلى المركز 40 عالميا ضمن 175 دولة بينما كان في المركز 53 في 2013 ، والخسارة الأنتخابية جاءت بسبب سياسات حزبه الأقتصادية الداخلية والخارجية .

فثمن السياسة الخارجية / ** أنخراط تركيا في الشأن السياسي المصري وضعها بصراع مباشر مع القاهرة وغير مباشر مع دول الخليج مما أفقد تركيا أستثمارات بالمليارات والذي حدّ من قوته التصديرية خلال السنتين الأخيرتين .

وفي 2015 تراجع النمو القتصادي نسبة 9-2 حسب بيانات " رويترز" ووصلت نسبة البطالة إلى 2-11 % مقارنة مع 2-10 في 2014 ، وأيّد ذلك وزير الأقتصاد التركي ( نهاد زيبكجي ) : أنّ عصر المعجزات ولت فلا يمكن وضع تركيا في مصافي الدول المتقدمة وهو الواقع المؤلم والحتمي .

// توقعات مستقبلية // يقول "كرم أوكتم "، أستاذ دراسات جنوب أوربا { هذا نصر للديمقراطية ، الأتراك لايقومون بثورات } وأشار أوكتم ان هناك في التأريخ التركي نتائج عمليتين أنتخابيتين مصيريتين جرت في حياة تركيا وهي : في سنة 1950 أزاح الناخبون حزب مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ، وفي 1983 رفض الناخبون الحزب الذي يدعمه العسكريون . * ويقول " سنان أولجن " رئيس مركز دراسات في أسطنبول { سيكون هناك شيء من فقدان الأستقرار ألا أنّ هذا جزء من اللعبة ، ولكن لا أعتقد أنها ستطول لأنّ أحزاب المعارضة متعطشة للسلطة . ** ورأي الشخصي : أنّ حدوث الأنقلابات العسكرية في تركيا واردة خصوصا عندما تتلبد غيوم الجو السياسي والأختناق الأقتصادي --- وأذكر بالأنقلابات التي حدثت في تأريخ تركيا : 1960 ، 1971 ، 1993 1997 ، ومحاوله أنقلابية في 2009 .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 19-06-2015     عدد القراء :  3528       عدد التعليقات : 0