الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
في عقدنا الاجتماعي مع الرئاسات

يفعل خيراً رئيس الجمهورية إذ يشجب الاعتداء المسلّح على المقر المركزي لاتحاد الأدباء في بغداد، وإذ يرى أنه "ينطوي على استهانة بسلطة الدولة والقانون"، وإذ يدعو السلطات المعنية إلى توفير الحماية لمكاتب الاتحاد وسائر المؤسسات الثقافية الوطنية.

ورئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، هو الآخر، يفعل خيراً إذ يُوفد قائد عمليات بغداد وموظفين من مكتبه إلى الاتحاد لتقصّي ما حدث والاعتذار عما حدث مساء الأربعاء الماضي.

ومثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فعل خيراً محافظ بغداد بمبادرته السريعة إلى شجب الاعتداء ومطالبة وزارة الداخلية بالتحقيق في الحادث والكشف عن المجرمين. كما فعلت خيراً وزارة الثقافة إذ نددت بالفعل الإجرامي، مع تسجيل التحفظ على أن يأتي التنديد باسم مكتب الإعلام والاتصال الحكومي في الوزارة وليس باسم الوزير نفسه الذي نعدّه واحداً من نخبة البلد الثقافية!

في المقابل تُسجّل نقطة كبيرة وقوية على رئاسة مجلس النواب، فهي ظّلت حتى كتابة هذه الأسطر( بعد نحو 72 ساعة من وقوع العدوان) معقودة اللسان، ربما لأنها منقطعة عما يحدث في البلاد، فبينما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام منذ مساء الاربعاء بأخبار الاعتداء وردود الفعل القوية ضده، لم يصدر عن البرلمان ما يفيد الشجب، أو في الأقل الاعتراض والتحفظ، على الاعتداء، باستثناء البيانين الصادرين عن نائبي التحالف المدني الديمقراطي شروق العبايجي وجوزيف صليوا!

وعلى أهمية ما صدر عن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومحافظ بغداد والنائبين المدنيين، فإنها ستظل أهمية رمزية فحسب، وتبقى خطوة تحتاج إلى خطوات أخرى، ذلك أنّ عدواناً صارخاً على مؤسسة ثقافية وطنية بحجم ووزن اتحاد الأدباء يتطلب عملاً حازماً يؤدّب الفاعلين وسواهم ممن يستهينون بسلطة الدولة والقانون ويستسهلون أخذ القانون بأيديهم.

الحكومة السابقة سنّت سُنّة غير حميدة بإطلاقها أيدي الميليشيات وبتوجيه بعض قطعات القوات المسلحة للاعتداء على الممارسين حقّهم الدستوري في التعبير عن الرأي... في مرّات عدة أقدمت ميليشيات وعصابات مسلّحة في عهد الحكومة السابقة على العدوان على مؤسسات ثقافية وإعلامية واجتماعية مختلفة، بينها اتحاد الأدباء نفسه، ولم تتخذ تلك الحكومة أي إجراء من شأنه معاقبة المعتدين ولجم المفكرين بتكرار الاعتداءات، ففهمت الميليشيات والعصابات المسلّحة أنها مطلقة اليد ومأذونة بتنفيذ قوانينها هي، وليس قوانين الدولة.

ما يتعيّن على رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان أن تُدركه هو أنّ بيننا وبينهم، بوصفهم ممثلي الدولة، عقد اجتماعي يلزمهم جميعاً بحفظ الأمن والنظام وكفالة الحقوق العامة والخاصة وصون الحريات العامة والفردية وحماية الأرواح والممتلكات.. من دون هذا يكونون قد قد أخلّوا بالعقد وأطاحوا بشرعية وجودهم في مناصبهم، فالعقد شريعة المتعاقدين، وهم ملزمون دستورياً بالوفاء بشروط العقد الاجتماعي في ما بيننا وبينهم .. بخلافه ما عليهم إلّا أن يتركوها لغيرهم.

  كتب بتأريخ :  السبت 20-06-2015     عدد القراء :  2646       عدد التعليقات : 0