الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ويكيليكس.. عراقيّاً

الضجة المثارة حول الوثائق السعودية التي أطلقها موقع ويكيلكس مؤخرا سرعان ما ستهدأ، شأنها في ذلك شأن باقي القضايا التي حركت السياسيين والاعلام ثم غابت في غياهب النسيان.مبدئيا، لم يأت المنشور حتى الآن من وثائق الخارجية السعودية بخصوص العراق بأي جديد، فالوثائق الخاصة بشخصيات، بما يمكن توصيفه بالعمالة أو التخابر مع دولة أجنبية وأخذ أموال منها، لم تكشف حال هؤلاء، بل أن وضعهم وعلاقاتهم ومصدر أموالهم معروف سلفا. أيضا هي لم تكشف الدور السعودي التخريبي في المنطقة وتدخل الرياض في بؤر الصراع في سوريا والعراق ومصر وليبيا وغيرها من الدول. الجديد في هذه الوثائق انها توّثق كل هذا بأدلة دامغة.صحة هذه الوثائق يكشفها الاعتراف السعودي غير المباشر وحالة الهلع التي طبعت التصريحات الصادرة بشأن الوثائق، والدعوات الى عدم الدخول الى موقع ويكيليكس كذلك بيان الخارجية السعودية واعترافها بتعرض الشبكة الحكومية الالكترونية للاختراق. صحيح ان الكثير مما نشر منها حتى الآن يعتبر من النشاطات العادية للجهاز الدبلوماسي والاستخباري لأية دولة، إلاّ أن استلام أو طلب سياسيين كبار في دول أخرى، لأموال من السعودية لا يعد أمرا عادياً في كل الدول المحترمة، فيما هو مجرد مادة لضجة اعلامية وتراشق سياسي في دول مثل العراق ولبنان، وفرصة للبعض لفبركة وثائق مشابهة لضر خصم أو لضرب مصداقية الوثائق الاصلية. أقصى ما يمكن فعله عندنا هو تشكيل لجنة للتحقيق في هذه القضية لن يسمع أحد شيئا عن نتائج عملها، وإن ظهرت، تكون غائمة، دون أن نشهد أية مفاعيل عملية لها. لا ننسى أيضا أن ما أعلن حتى الآن هو جزء مما سيطلق من الوثائق البالغ عددها خمسمئة ألف وثيقة.لكن ما يجري وسيجري يطرح العديد من الاسئلة، أولها توقيت إطلاق هذه الوثائق، وما إذا كانت لذلك علاقة بمحاولات التقارب السعودي مع موسكو كرد على تقدم المفاوضات النووية الغربية مع طهران وما سينتج عنها من تغيير خارطة التحالفات في المنطقة وتراجع أهمية دول مثل السعودية بالنسبة للسياسة الاميركية. قد يعترض أحد بالقول إن هذا التحليل يعني أن موقع ويكيليكس موجه أميركيا، بينما نعرف جميعا مدى الانزعاج الاميركي منه بسبب كشفه ملفات السلوك الاميركي في أكثر من بقعة وان صاحب الموقع مطارد الآن خارج الولايات المتحدة. هو اعتراض صحيح لكنه يتراجع أمام معرفة طبيعة هذا الموقع وخلفيات وجوده وعمله. صحيح ان العالم بدأ يسمع به منذ نشره فيديو الطيار الاميركي الذي قصف سيارة تقل صحفيين في العراق، واشتهر أكثر عندما بدأ بنشر وثائق ومراسلات الجيش الاميركي في العراق، إلا أنه كان موجوداً قبل ذلك ونشاطه يتركز على كشف الوثائق السرية التي تصله، وهو ما يستمر على فعله الآن. هنا يمكن لأية جهة تقوم باختراق حسابات دول واجهزة إرسال ما تحصل عليه الى الموقع ليقوم بنشرها. لكن توقيت النشر، وتقسيطه يظل محل تساؤل عمّا إذا كانت هنالك جهات ما توظف هذا الموقع لسياسات معينة. الكل يترقب باقي الوثائق السعودية ومن ستطاله هذه المرّة من السياسيين العراقيين. والاهم من ذلك، مغزى توقيت إطلاق هذه الوثائق.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 24-06-2015     عدد القراء :  2712       عدد التعليقات : 0