الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مَنْ يريد نظاما رئاسياً مركزياً بدلاً من النظام البرلماني؟!

أتضح من خلال التجربة السياسية في العراق وأكثرية الدول في العالم أن النظام البرلماني هو الأصلح للشعب من النظام الرئاسي المركزي، ففي الأول تتحكم فيه أسس الديمقراطية والتشريعية والرقابية بينما في الثاني تتحكم فيه الرئاسة الفردية التي تخضع السلطة التنفيذية حيث يصبح رئيس الجمهورية هو الحاكم المطلق تقريباً وصاحب السلطة القانونية للسلطة التنفيذية وهو يتحكم حتى على المستوى الدولي بالعلاقات الخارجية للدولة وتعيين السفراء والقناصل وهو من يعيّن القضاة ويعتبر هو حامي دستور البلاد، بالمعنى الواضح هو (الكل بالكل ) ولنا نحن تجربة غنية بهذا النظام الذي كان فيه صدام حسين الحاكم المطلق والذي صرح أكثر من مرة تقريباً " القانون عبارة عن ورق نحن نصنعه ونحن نمزقه " مع العلم هناك دولاً فيها النظام الرئاسي اقل عنجهية واستهتاراً بما آل عليه النظام الدكتاتوري الرئاسي في العراق.

لقد بدأت البعض من الأصوات السياسية وبالنيابة عن كتل سياسية معينة ترفع عقيرتها بمهاجمة النظام البرلماني واعتباره نظام سياسي فاشل وهم يطنبون على ما آلت عليه أوضاع البلاد من فواجع وخسائر لا تحصى سببها النظام البرلماني الحالي، وهؤلاء يتغاضون عن سابق إصرار عن العلة العامة التي كانت من تداعيات المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة وعن التقسيم الحزبي الذي شمل جميع المناصب الحكومية بما فيها السفارات والسفراء، الحجج التي أطلقها هؤلاء حجج بائسة يكمن خلفها رؤيا فكرية تقف على قاعدة الاستبداد والتفرد حول اتخاذ القرار السياسي وهذا يعني عودة إلى المركزية المشددة التي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، ولسنا ببعيدين عن زمن سلطة البعث العراقي والقائد المغوار والفذ والعظيم صدام حسين!! حيث كان بإشارة من رمش أحدى عينيه وليس يديه يتم تغييب أو إعدام أي مواطن حتى لو كان بريئاً، وكيف كانت القرارات الفردية تتحكم في مفاصل الدولة والمؤسسة العسكرية والأمنية ولا نريد الإكثار من مآثر!! النظام الرئاسي المركزي التسلطي التي يتحكم حتى في تبليط زقاق في قرية نائية.

هؤلاء الذين يطالبون بتغير الدستور إلى النظام الرئاسي ويشاركون في العملية السياسية وهم وتكتلاتهم وأحزابهم مازالوا يتحكمون في السلطة لكنهم غير راضين عن ذلك وبخاصة وجود برلمان وسلطة قضائية مستقلة نسبياً ومراقبة إعلامية حرة تتمتع بحريات عامة وخاصة ..الخ ، وهم غير راضين لأنهم يريدون أن تكون الدولة في يد احدهم يقرر ما يريد وما يريدون لمجرد رغبتهم وليس كما يدعي البعض " بأنها رغبة الشعب " ويا سبحان الله كأنما الأمس الميت يعود بهم كأحياء يرزقون!! وإلا كيف يمكن تفسير تأكيد مثلاً ائتلاف دولة القانون يوم الثلاثاء 23 / 6 / 2015 على لسان نائبه في البرلمان كاظم الصيادي لـ"عين العراق نيوز" ، أن " النظام البرلماني فشل وأقام أنظمة دكتاتورية وأحزاب متحكمة بالقرار السياسي و الاقتصادي والاجتماعي" ، مبينا أن " الأحزاب فشلت في قيادة العراق طول السنوات الماضية" والرجل يطالب بماذا؟ "حل البرلمان ومجالس المحافظات لإيقاف سرقة أموال الشعب العراقي من قبل الأحزاب وممثليهم" وبالتأكيد أن ذلك لا يعني ائتلافه دولة القانون وأحزابها وفي مقدمتهم " حزب الدعوة بقيادة الزعيم نوري المالكي " وهو يصف الدستور بـ"دستور الأحزاب العصامي ،".الذي صاغوه على قياسات معينة كتبنا عنها في السابق وطالبنا بتعديلها لمتطلبات ضرورية تخدم الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه أما الادعاء بان النظام الرئاسي المركزي مطلباً شعبياً من جميع العراقيين فهي خدعة لا يمكن أن تنطلي على احد وعبارة عن هراء للخداع عندما يعلن على لسانه " إن جميع العراقيين مع تغيير نظام الحكم في العراق من برلماني إلى رئاسي ، مبينا أن صوت الشعب سيعلو فوق الجميع " عن أي صوت أو عراقيين يتحدث الرجل وثلث البلاد تشتعل بالحرب ضد الإرهاب الداعشي التي حسب ما قالته منظمة الهجرة الدولية الثلاثاء 23 / 6 / 2015 ونشرته شفق نيوز " إن أكثر من 3 ملايين عراقي شردوا جراء القلاقل والحروب التي تشهدها بلادهم منذ بداية عام 2014"، والوضع المزري التي تعيشه البلاد اقتصادياً ومعيشياً وسياسياً وأمنياً واستهتاراً بالقوانين من قبل الميليشيات الطائفية المسلحة وما نشر حول الفساد المالي والإداري وخلق المشاكل مع الإقليم ومع مكونات أساسية، هذه القضايا وغيرها هي من بركة ائتلافه ورئيسها وليس سببه مثلما يدعي وغيره النظام البرلماني الذي نراه في أكثرية دول العالم ونجاحه على مستويات مختلفة لكنه أفضل مليون مرة من النظام الرئاسي الفردي الذي أنتج أنظمة دكتاتورية إرهابية وقمعية ، وللعراق تجربة غنية في هذا المضمار

لم تقتصر هذه الدعوة على ائتلاف دولة القانون فحسب بل شملت العديد ممن على هذه الشاكلة سوف نمر على البعض منها وهو يدل أن هناك تحركاً مبرمجاً من قبل العديد من النواب ومن جهات مختلفة فقد توافق مع هذا الرأي كاظم الشمري النائب عن ائتلاف الوطنية حيث صرح ل الاتجاه المعاكس يوم الثلاثاء 23 / 9 / 2015 " إن تجربة النظام البرلماني في التجربة السياسية الجديدة في العراق ثبت فشله بعد مرور سنوات على هذا النظام" ثم عقب على ضرورة أن يتوجه السياسيين الذين يختصون بالدستور والقانون " لدراسة هذه الظاهرة وتعليل هذا الفشل سواء في طبيعة هذا النظام الذي يعطي للبرلمان دور كبير في قيادة العمل السياسي" ،أما النائب حسن سالم رئيس كتلة صادقون فقد صرح متزامناً في المؤتمر الصحفي في اليوم نفسه ""هذا النظام أوجد طبقة إقطاعية استحوذت على ثروات الشعب وهم يمتلكون ميزانية تعادل ميزانية دول ما يقارب ( 30 ) مليار دولار ولديهم عقارات ومصارف" ثم أضاف بأن هذا "النظام البرلماني هو الذي أوجد الفساد والتستر على ملفات الفساد، وفي نفس الوقت تسبب بقتل الشعب العراقي" كنا ومازلنا نتمنى من النائب حسن سالم أن يذكر الأسماء التي تملك أل ( 30 ) مليار دولار وباعتقادنا هو يعرفهم حق المعرفة ، ونحن إذ نكتفي بتصريحات هؤلاء النواب ونهمل غيرها نهدف إلى الكشف عن ما يحمله نهج معاداة النظام البرلماني من مخاطر على مفهوم الديمقراطية التعددية وتبادل السلطة سلمياً لأنه يبشر بالعودة إلى المركزية والرئيس الواحد الذي يستطيع حل البرلمان وغلق الأحزاب ما عدى حزبه أو من يؤيده أو تابعاً له ويعلن حالة الطوارئ والحرب .

إن السلوك السياسي الطائفي الذي كان ومازال لبّ الأزمة العامة وتداعياتها التي أنتجت العديد من الأزمات وليس كما يدعي البعض في هجومه على النظام البرلماني أو تلك المساعي التي تهدف العودة للمركزية والرئيس القائد أي النظام الرئاسي الذي يضع كل مقاليد السلطة بيد رئيس الدولة الذي يعتبر رئيس الحكومة في الوقت نفسه ولا يعتبر مسؤولاً أمام السلطة التشريعية وهو الذي يختار بشكل مباشر أو غير مباشر حكومته وبيده حلها أو تغييرها متى يشاء أو يرغب ، أما النظام البرلماني الذي يعتبر من الأنظمة المتطورة الذي يتوافق مع مصالح أكثرية الشعب في قضايا الانتخاب والتوازن المرن بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية واحترام الرأي الآخر وعدم التدخل في شؤون الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني من نقابات عمالية وروابط المرأة وغيرها من المنظمات الجماهيرية إضافة إلى وجود برلمان يمثل أكثرية الشعب ويعتبر المُشرع الأساسي للقوانين وفي الوقت نفسه دوره الرقابي الذي يساهم في المحاسبة القانونية بما فيها عدم منح الثقة ودعوة الحكومة ورئيس الوزراء والوزراء أو أي مسؤول حكومي إلى البرلمان للاستجواب أو معرفة القضايا التي تخص أعمال الحكومة ووزاراتها والقادة العسكريين وغيرهم.

على الرغم من المثالب الحالية الكثيرة التي تعيق تطور العملية السياسية إلا أن المرجح للبقاء هو النظام البرلماني الاتحادي ويبقى النظام الرئاسي بما يحمله من عاهات سياسية غير جدير في العراق وبالتجربة والبرهان انه خلق حالات التفرد بالقرارات السياسية والاقتصادية وغيرهما وعملية تحويل النظام البرلماني إلى رئاسي تحتاج إلى متطلبات قانونية وسياسية في مقدمتها تعديل أو تغيير الدستور إضافة إلى تغييرات تشمل العديد من المرافق في الدولة.

إن الداعين للنظام الرئاسي هم دعاة للمركزية والتفرد وليس بالبعيد إلى الدكتاتورية، وبدلاً من تحميل النظام البرلماني نواقص وأخطاء وسلوك القوى صاحبة القرار والمتنفذة الالتفات إلى العلة السياسية التي أنتجتها المحاصصة الطائفية التي تعتبر أس البلاء في العراق، وبدون التخلي عنها ستبقى المشاكل وسيبقى الصراع والعنف والاضطراب الأمني وعدم الاستقرار لا بل سوف يستشرس الفساد والفاسدين لأنهم مأمنين على أنفسهم بما يحميهم ويحمي فسادهم وهم معروفون .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 29-06-2015     عدد القراء :  3312       عدد التعليقات : 1

 
   
 

علي

انامن مناصري النظام الرئاسي لكن ليس مثل النظام الدكتاتوري يجب ان يكون الرئيس مسؤل امام البرلمان المنتخب وان تعزل السلطة القضائيه عن سلطة الرئيس مع تحديد ولا يات حكم الرئيس حتى نتجاوز التقسيم الطائفي للسلطة.