الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
وصفي طاهر ... رجلٌ في تاريخ العراق الحديث
بقلم : رواء الجصاني
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

وقائع وشهادات عن (حركة - ثورة) الرابع عشر من تموز 1958

   كانت وما برحت اهمية الحديث عن الشخصيات المؤثرة ، مسؤولية كل المعنيين القادرين، لا بهدف التأرخة والاستذكار فحسب، بل لتشابك ذلك مع احداث ووقائع البلاد، وشؤون ومسارات اهلها، وتطوراتها الاجتماعية والسياسية وغيرها .. وهكذا رحتُ على تلك الطريق منذ نحو عقدين، في كتابة شهادات واستذكارات، وتوثيق، ومن ابرزها عن : الجواهري، ومحمود صبري، وعن وقائع ومشاهدات جمة، عشت في غمرتها، دعوا عنكم على ضفافها وحول ظلالها، وما بينهما وفير.. وها هذه المرة اوغل في التوثيق لوصفي طاهر، وعنه، واحداً من ابرز قيادات ثورة / حركة الرابع عشر من تموز 1958 التي اسست للجمهورية العراقية الاولى .

   وازعم بان التوثيق لوصفي طاهر، والكتابة عنه، ، يعني بكل ذلكم القدر، أو بعضه، التوثيق لمسارات عراقية، وأحداث وشؤون، تعني الكثير حين يُراد للمتابع، والباحث عن الحقيقة، ان يتوقف عند جوانب ضاقت أو اتسعت، بشأن التاريخ العراقي الحديث، وتداخلات أحواله، ودواخل رجالاته وسياسييه الذين أسسوا لتطورات أحداث البلاد، أو ساهموا بجزء كبر أو ضَؤلَ، في مراحل نجاحات أو انكفاءات الحركة الوطنية، ولنقل حتى في تدهورها وانحداراتها، ولا نتردد..

   فالرجل، ذو تميز كان، وما برح، حالة اجماع او يكاد، وحتى من جهة مناوئيه الموضوعيين، لا المدعين، ولا سيما بشأن دوره الابرز في مَحورة تشكيلات تنظيم الضباط الاحرار، وقيادته، الذي هيأ، واطلق ثورة /حركة 14تموز 1958 .. ومن ثم مشاركته في ادارة شؤونها، ولحين انكفائها.. ومعروف ما تلى ذلك، واعني تمكّن المناهضين، من اغتيال مسيرة الجمهورية الاولى، بدموية بشعة، وفي ظروف واحداث، ليس الدخول في تفاصيلها بيت قصيد الان.

   وهكذا، ووفق جمع السياقات اعلاه، جاء كتاب "وصفي طاهر .. رجل من العراق" لتضم صفحاته جمعاً وفيراً، من الشهادات والاستذكارات، اكثر بكثير من الآراء والإستنتاجات والتقييمات، وكل ذلك بقصدٍ عمد، في مسعى لتوثيق موضوعي- كما نزعم مرة تالية- عن أهم تغيير شهده العراق في القرن العشرين، ونعني به الاطاحة بالعهد الملكي، والتأسيس للنظام الجمهوري ... فضلاً بالطبع، عن إحتوائه- الكتاب- لمحطات بيّنات من سيرة الرجل الذاتية، وانشغالاته، وطموحاته لما هو مرجو ومؤمّل، وحتى آخر ساعة من حياته، وحتى انقض انقلابيو البعث، واباحوا الدم والدمار، في الثامن من شباط المشؤوم عام 1963.

   لقد عمدنا لانجاز الكتاب، كما سيلاحظ القارئ في متن اوراقه، إلى تنويع المصادر التي جرى الاقتباس منها، برغم ان بعضها فيه ما فيه من "اجتهادات" و"آراء" ابتعدت- بتقديرنا على الاقل- في أحايين كثيرة عن الحقيقة والتأرخة الموضوعية، لتنحاز الى عواطف هنا، وانفعالات ومزاعم هناك، وليس في ذلك من غرابة في عوالم اليوم التي راحت تشتبك فيها الظلمات والنور!..

   ولعلّ ما أنبأنا- وينبئنا- بل ويثبت لنا، التوثيق الذي سعينا إليه، وسجلناه في الكتاب: أن للقيم والمبادئ، أثماناً باهظة، جُلّى، ليست بمستطاعٍ سهل، متاح، لمن يريد، فيدّعي... ولكنها بمقدور من تتشرّب فيه، عقلاً وروحاً، منارات التضحية وينابيع الإيثار، والثبات الصميم على الطريق المستهدف، وبانسجام مع الفكر والنفس، قبل أي سابق آخر.

   وإذ لا نريد الإطالة هنا في الحديث عن الكتاب- والذي ساهمت في متطلبات اتمامه، السيدة نضال، الابنة البكر لوصفي طاهر- فذلك لأننا لا نبتغي إستباق القارئ، فنوحي إليه.. بل جلّ همـّنا أن يكون بمستطاعه، لوحده: التمعّن والتقييم والاستنتاج، وحصاد القناعات التي تنسجم مع مديات الوعي والادراك والمعرفة، وكلنا طموح لأن نستمع، ونقرأ ونتعرّف على كل الملاحظات، والتوضيحات، والإضافات بشأن ما احتواه الكتاب من توثيق وتأرخة، كما ومحاولة تنوير، لنستفيد من ذلك في القادم من الآمال، بل والأعمال...

   * الكتاب من اصدارات مؤسسة "بابيلون" للاعلام والنشر، بمئة وستين صفحة، ويضم ايضا صورا ووثائق رسمية وشخصية لم تنشر سابقا.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 03-07-2015     عدد القراء :  3312       عدد التعليقات : 0