الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إلى الماء يسعى

نصب الشهيد الذي أنشيء عام 1983 يقع في رصافة بغداد، ويعدّ من ابرز المعالم المعمارية في العاصمة. صمم قبته الفنان إسماعيل فتاح الترك (1934 - 2004) صاحب تماثيل الرصافي، الكاظمي، الواسطي، وأبي نواس، بينما صمم النصب وملحقاته وحديقته المهندس سامان أسعد كمال.

ويقول المعنيون أن هالة التصميم تكمن في الخداع البصري, إذ يشاهد المار حول النصب أن شطري القبة التي تبدو مغلقة عند بداية الشارع, أنهما يبدآن بالابتعاد عن بعضهما، وكأن بوابة تنفتح لخروج شيء ما. وحال الدخول يلاحظ أن هذا الشيء هو العلم العراقي الذي يرتفع إلى الأعلى تجسيدا لارتقاء روح الشهيد إلى السماء.

يتكون النصب من القبة العباسية المفتوحة بارتفاع 40 مترا والراية التي ترتفع بطول خمسة أقدام فوق الأرض وثلاثة أمتار تحت الأرض حيث تشاهد على شكل ثريا، والينبوع الذي يتدفق ماؤه ليرمز إلى دم الشهيد. يتألف النصب من منصة دائرية قطرها 190 متراً تستقر فوق متحف سفلي. ويتلألأ هذا الطقم بأكمله وسط بحيرة ولا أبهى.

وتضاربت الأنباء هذا الأسبوع حول قرار حكومي بإزالة النصب وبناء آخر مكانه يرمز لشهداء سبايكر، فان كان السبب لأنه يعود لحقبة فاشية فهذا لا يكفي لأن الانجازات الفنية تدل على مستوى تطور الفن عهدذاك وحتى لو كانت لدينا تماثيل لصدام نفسه وشئنا أن لا نعرضها فمن الأفضل الاحتفاظ بها وعدم السير على مبدأ جامعة القادسية حسب كتابها 16861 في 13 تشرين الثاني 2014 اذ قررت تشكيل لجنة من أساتذتها للإشراف على (جمع وإتلاف الرسائل والاطاريح التي تتضمن إشارة تخص تمجيد النظام السابق وحزب البعث المنحل)، لأن السؤال: إذا كنت أنت تدين حقا، فلماذا تحرق أداة الإدانة؟

أما بالنسبة لنصب شهداء سبايكر، فأفضل مكان له هو مكانه عند القصور الرئاسية بتكريت ولنعتبر من أحداث 11 سبتمبر في نيويورك اذ تم بناء نصب تذكاري في مكان الحادث ذاته، وهو عبارة عن مساحة تضم ساحتين مسطحتين، في كل ساحة حوض من الجرانيت الأسود نقش عليه 2983 اسما من أسماء الضحايا وأماكن عملهم فضلا عن رموز للضحايا الذين لم يُستدل على أسمائهم في مشهد ملائكي يوحي بالسكون والسكينة، وتحوط النصب حديقة باذخة الظلال تثير الإحساس بالخسارة والغياب المرّ.

والآن، إذا كان من يفكر بإزالة نصب الشهيد هو شخص أو دائرة لكنا لجأنا للحكومة، ولكن إذا كانت الحكومة هي من تفكر بهذه الإزالة، فحسبنا الترنيم:

إلى الماء يسعى من يغص بلقمة .. إلى مَ يسعى من يغص بماء

ولكننا نشتكي إلى شركة (ميتشوبيشي) التي قامت بتنفيذ نصب الشهيد مقابل احتكار تزويد عوائل الشهداء بالسيارات، فبلغت مبيعاتها مئات الآلاف من السيارات، أي مئات الآلاف من النوائح والخسارات.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 22-07-2015     عدد القراء :  2289       عدد التعليقات : 0