الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تلك .. هي نخلة سامقة

"1"

تسرقُ سنوات الشباب منكَ عبقَ الحاضر فتفيض بك نوازع الذكريات الجميلة، يوم تعلمتَ أن تجد مبتغاك في القراءة، مادامت القراءة ُعالما من الممكن المتاح والذي يساعدك على ترتيب حالة الفوضى التي تنهش بكل وحشية لحظات عمرك التي تمر سريعة مثل طائر خائف لا يعرف على أي غصن يستقر. وعالم القراءة في البدء بضاعة متعددة الأصناف تبدو للوهلة الأولى من نوع واحد إلى حين يستقر بك التمايز فتعرف أن الأجود لا يحتاج إلى صراخ سمسار، لأن لمعان معدنه أكثر صفاء من لمعان معدن الذهب اللاهث، ورويدا رويدا تجد نفسك منجذبا إليه، أو في الحقيقة م?تميا بين حروفه رغم أنها تهيج في روحك بركان نزعة التمرد من أجل التغيير.

"2"

تبدو مفردة التغيير عادية في بنائها الشكلي لأنها حالة إنسانية متحركة في قوامها اللغوي. ولكن حقيقتها تفرض وضع شروط لنسف ما هو قائم، والإتيان بما ينسجم مع المتغير في لحظة تغييره. ودينامكية التغير تفرض شروطا أخرى تختلف عما كانت عليه، هكذا تعلمتَ أنت َ القابع في مدينة أسمها لا يكاد يقرأ على خارطة الوطن. لهذا زحفت على مرفقيك كي تصل إلى جذع تلك النخلة التي تحمل رطبا جنيا على طول فصول العام، لأنها هي النخلة السامقة.

"3"

قبل عشرين عاما من تنفسك لهواء الطبيعة بدأت تلك النخلة تمد جذورها في تربة وطنك، وحين كنت تجمع(السعد) من جذور النخل البارزة في شاطئ النهر لم تكن تعرف أن هناك طعما لـ (سعد) يختلف عن بقية (السعد) في الجذور، إلى أن شق رجل الأمن راسك، حينها عرفت أن عبق هذا (السعد) لا يريح فقط خلاياك وإنما هو مصدر إزعاج للسلطة.

"4"

تلك..هي نخلة سامقة بطولها الممتد لثمانين عاما، كم مرت عليها فصول سنوات من البرد والثلج والريح السوداء، إلا أنها كانت ترقص على كل حافات المأساة مبشرة بعالم أكثر سعادة، لأنها نخلة للأمل والحب والحياة، تزرع في الروح بشائر حب قادم، وتنثر على عيون الصبايا الحالمات باقات من ورد القرنفل، فقد كان هذا ديدنها منذ ان بدأت رحلتها قبل ثمانين عاما، أنها صحافة الأمل، والحب، والسعادة، والنضال، أنها صحافتنا الشيوعية العراقية.

"5"

قبل ثمانين عاما،

حين جاء ذاك الفتى الحالم

الذي كان يدعونه فهدا،

رافعا في صحيفة من ورق أسمر اسمها كفاح الشعب،

شعارا للخبز وللديمقراطية،

ربما لم يدر في خلده،

أنها ستكون امتدادا،

لجريدة أخرى اسمها طريق الشعب.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 29-07-2015     عدد القراء :  2832       عدد التعليقات : 0