الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
عُمّال السكك

كثيرون القوا باللائمة على عمّال السكك كونهم قطعوا بعض شوارع العاصمة في تظاهراتهم إحتجاجاً على تأخّر صرف رواتبهم.

وهذه اللائمة لها وجهٌ مُحقٌ خاصّة مع نتيجة مباشرة تمثلت بالإزدحامات وانقطاع الطرق واضطرار الناس الى ترك عرباتهم والسير على الأقدام لمسافات طويلة تحت الشمس اللاهبة.

لكن لنسأل السؤال التالي: ما هي الطريقة الأنسب، في هذا البلد لأي مجموعة كي توصل صوتها؟ ربما نقول إنه التظاهر والاحتجاج السلمي في الشوارع وجذب انتباه وسائل الإعلام. ويمكن لنا أن نقول أيضاً إن افضل وسيلة هي الصحافة التي تعرض حال من يشعر بالظلم وتبرز مشكلته للجميع. أو يمكن أن نقول إنها النقابات، التي نشأت في الأصل لغرض المطالبة الجماعية والتفاوض الجماعي لنيل حقوق المنخرطين في مهنة محددة.

الإضراب، والتظاهر ورفع الصوت للمطالبة بالحقوق إنما هو روح الأنظمة الديمقراطية ذلك ان كل حكومات العالم وكل سلطات التاريخ تمتلك مَيلأً طبيعياً للإنحدار باتجاه الدكتاتورية لولا مكابح آليات الديمقراطية نفسها التي تحول دون ذلك.

نفوس من في السلطة يبدو أنها دائماً أمارة بالإستبداد. فالديمقراطية مثل حديقة جميلة نامية، لا حيلة لجمالها أن يبقى ويستدام دون ريّ وسقاية وعناية.

باختصار إن تنظيم عمّال السكك مُطالبات بحقوقهم ورواتبهم المتأخرة هو فرصة ذهبية لصحوة الهامش المعطّل في حياتنا الديمقراطية والمتمثل بمؤسسة النقابة المهنية.

الى غاية هذه اللحظة لم يشترك العراق في التوقيع على إتفاقية العمل الدولية المعروفة بالرقم 87 لسنة 1947. هذه الاتفاقية التي ترسم اعترافاً وإقراراً دولياً وأممياً بدور النقابات وأهمية وجودها لنشوء بيئة سليمة للعمل وحقوق العاملين.

ولنتذكر أن قرار تحويل العمّال الى مُسمى (الموظف) مازال سارياً منذ عهد النظام المُباد، رغم انها كانت فذلكة للخلاص من وجود عمّال وبالتالي الخلاص من الالتزامات الدولية تجاه حقّهم في تشكيل نقابات تدير عملية مطالباتهم.

عمّال السكك لهم كلّ الحقّ في التظاهر، سواء كانوا أجراء يومين أو بعقود سنوية أو موظفين دائميين، لكن عليهم إبداء مسؤولية أكبر تجاه عدم إعاقة حياة الناس اليومية وسيكسبون كل الناس الى جانبهم في مطالبهم المشروعة.

لا نملك إلا أن نقف احتراماً لحق هؤلاء العمال بالعيش الكريم ونيل رواتبهم في مواعيدها، في وقت يرون فيه مسؤولين في الحكومة تورطوا بتبديد موارد مهمة، ويرون الهوّة تتسع بين رواتب المسؤولين من جهة وعموم الموظفين والعمّال من جهة أخرى.

لكن لو اضطلعت النقابات المعنية بهذا الأمر، لوجدنا تنظيماً افضل ونتائج أسرع ينالها اصحاب الحقوق.

  كتب بتأريخ :  الخميس 30-07-2015     عدد القراء :  2049       عدد التعليقات : 0