الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التظاهر ضد الفساد تعزيزا لمعركتنا ضدالارهاب

العراق، كدولة ونسيج مجتمعي موحد، يمر الآن في اخطر مراحله منذ قيام الدولة العراقية الحديثة بعد عام 1921، ولا نبالغ اذا ما قلنا ان الطريق والاسس والمنهج الذي يعتمد في مواجهة المخاطر والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبشكل خاص من القوى والأحزاب والشخصيات الماسكة بمختلف السلطات في البلاد، ىستحدد آفاق وملامح عراق المستقبل. فيما يخصنا، نحن نريده عراقا ديمقراطيا مدنيا اتحاديا يقوم على مبدأ المواطنة وتحقيق اعلى مستوى ممكن من العدالة الاجتماعية، تجمع ابناءه هوية وطنية منفتحة تعترف وتصون الطبيعة التعددية للشعب العراقي وتضمن الحقوق والحريات الكاملة لأن يجري التعبير عنها ، سواء كانت هوية دينية ام مذهبية ام قومية أم مناطقية او غيرها في اطار من الاحترام المتبادل والتعايش السلمي الذي توثق اواصره الهوية الوطنية الجامعة، مع ضمان المشاركة الفعلية لجميع اطياف الشعب العراقي في ادارة حكم البلاد وتقرير شؤونه ، وبالصيغ والنظم الدستورية المناسبة، وكالنظام الاتحادي (الفدرالي) الذي ينص عليه الدستور العراقي لعام 2005.

ومن هذه المقدمة العامة التي تمثل الخلفية والسياق العام الذي لابد من الانطلاق منه للتعامل مع المستجدات والمشاكل وللبحث عن حلول واختيار الأشكال المناسبة والسليمة من التعبير الاحتجاجي الضاغط.

والقضية الراهنة والملتهبة اليوم ، هو التفاقم المتزامن للمخاطر الأمنية المتمثلة بالجرائم والتهديد الجسيم الذي تشكله قوى الارهاب الداعشية الهمجية، وكذلك للتردي في الاوضاع المعاشية لأوسع فئات شعبنا، نتيجة استمرار التدهور في تأمين الخدمات الأسلسية للمواطن، وفي المقدمة منها الكهرباء والماء والصحة والتعليم والسكن ومتطلبات العيش الكريم الآمن، اذ لا تزال العصابات المنظمة وبعض الجماعات المسلحة المنفلتة تعبث بامن المواطنين وترتكب مختلف اشكال التجاوز على الأرواح والممتلكات والحريات الأساسية من دون اجراءات رادعة وحاسمة من قبل الأجهزة الأمنية للدولة.

وغالبا ما يثور السؤال ، هل يجوز الدعوة إلى نشاطات وفعاليات احتجاجية جماهيرية تتبنى مطالب معاشية وخدمية واصلاحية منددة بالفساد والفاسدين في الوقت الذي تخوض فيه قواتنا المسلحة وقوى الحشد الشعبي بجميع فصائلهم وابناء العشائر والبيشمركة معارك شرسة ضد داعش وقوى الارهاب ؟

والبعض يطرح هذا التساؤل بشأن المظاهرة التي دعا لها مجموعة من الناشطين المدنيين مساء هذا اليوم في ساحة التحرير في بغداداحتجاجاً على سوء الخدمات وعدم توفر الكهرباء والتضامن مع احتجاجات ابناء الجنوب ولمحاربة الفساد والكشف عن مصير الاموال الطائلة التي خصصت لقطاع الكهرباء والقطاعات الأخرى .

جوابنا يستند الى كون الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة. فما كانت الموصل والرمادي لتسقطا بيد عصابات داعش لولا وجود فساد مستشر في الكثير من مفاصل المؤسسة العسكرية ووجود فاسدين اضافة إلى سوء الادارة وانعدام الكفاءة. والانتصار الحاسم في المعركة ضد داعش وابعاد اشباح الاقتتال الأهلي والانقسام والصراع الطائفي والقومي تقسيم البلاد يعتمد الى حد بعيد على النجاح في تحقيق الاصلاحات العميقة في بناء الدولة واعادة هيكلة وبناءالمؤسسة العسكرية عبر المحاربة الحازمة لأخطبوط الفساد وشبكاته التي تنهب المال العام وتبتز المواطن وتجهض اي مسعى حقيقي للبناء ، وقطاع الكهرباء ما هو إلا مثال صارخ على ذلك.

لذلك فان هذه التظاهرة السلمية بمطالبها العادلة هي اسناد وفعل مكمل للقتال الذي يخوضه جنودنا البواسل وابناء القوات المسلحة من الجيش والشرطة والأجهزة الأخرى وأبطال الحشد الشعبي وقوات البيشمركة وأبناء العشائر وكل من يشارك في مقاتلة العدو الداعشي الهمجي.

وكل مسؤول نزيه في الدولة يعمل بجد واخلاص في اداء مهامه لخدمة الصالح العام، بما في ذلك من هم في قمة الهرم، عليه ان لا يخشى من التعبير عن تضامنه مع هذه التظاهرة واهدافها المشروعة، وان يجد فيها دعما لكل من يعمل من اجل القضاء على الفساد وخدمة المواطن ، وان تساعده في ان يتحرر ، ولو جزئيا، من قيود نظام المحاصصة الذي يغذي الفساد وسوء الحكم ليستعين بالنزيهين الأكفاً والأكثر اخلاصا.

  كتب بتأريخ :  السبت 01-08-2015     عدد القراء :  3417       عدد التعليقات : 0