الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كانت نتيجة حتمية إلغاء المراكز الثقافية خارج العراق

منذ البداية توقعنا إلغاء المراكز الثقافية في الخارج مهما طال أو قصر الزمن لان تأسيسها جاء بتوجيه حكومي مثلما أعلن في وقتها عن "عقد اجتماع موسع في العاصمة السويدية حضره مسؤولين حكوميين من وزارة الثقافة العراقية وموظفين في السفارة العراقية وأشير حول ما سرب عن تشكيل المركز ومديره أن تعيين الموظفين الرئيسين يجري من بغداد ووفق المحاصصة ومن قبل الحكومة العراقية وبالذات وزارة الثقافة " واختصر الاجتماع المذكور على بعض المثقفين الذين كانوا متعاونين وأهمل عشرات المثقفين من تأسيس مراكز ثقافية في بلدانهم وبقرارات فوقية.. إضافة إلى التناقض ما بين الثقافية الوطنية التي ترى في الجماهير قيماً مادية للإبداع ولنشر الوعي الاجتماعي وجعل الثقافة في متناول الأكثرية، وبين الثقافة الخاصة بالنخبة المرتبطة بلولبية القرارات الحزبية والسياسية في دولة يأخذ فيها الصراع الفكري والتنظيمي طرقاً متناقضة بأبعاده النظرية الطبقية والسياسية وأهدافها القريبة والبعيدة بناء على منهجية المحاصصة الطائفية التوافقية داخل البلاد، والتأثيرات الخارجية التي أخذت تؤثر على القرار الوطني وتبعده عن الاستقلالية بسبب التبعية مثلما يحدث في العراق، ولدينا عشرات الأدلة من الصعوبة دحضها وخير دليل جديد حادثة حضور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الاجتماع الخاص بالتحالف الوطني الشيعي الحاكم بحضور معظم قادة الأحزاب والكتل المنْظَمة للتحالف حيث اعترض قائد فيلق القدس على إصلاحات حيدر العبادي وملاحقة نوري المالكي وتنحيته، لكن رئيس الوزراء حيدر العبادي أصر على ذلك مما دفع سليماني إلى مغادرة الاجتماع " زعلاناً " حيث أراد لقاء السيد علي السيستاني لكن حسب الأخبار لم يستقبله الأخير بل التقى به ممثليه عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي، سقنا هذه الحادثة للتأكيد على التدخلات الخارجية في الشأن العراقي وبموافقة العديد من الكتل والأحزاب الشيعية الحاكمة وإلا كيف يفسر حضور جنرال إيراني إلى اجتماع خاص بالتحالف الوطني الحاكم المفروض أن يكون سرياً على الأقل وان يتخذ القرارات المستقلة.

هناك أدلة كثيرة لكننا نعود إلى قضية المراكز الثقافية في الخارج ففي 24 / 8 / 2012 كتبت مقالاً بعد سلسلة من المقالات الثقافية حول المراكز الإعلامية والثقافية خارج العراق وبالذات في الدول الأوربية وغيرها وكان آخرها وليس أخيرها مقال بعنوان " مراكز ثقافية حكومية عراقية في الدول الاسكندنافية نشر في أكثر من وسيلة إعلامية " أوضحت وجهة نظري ووجهات نظر العديد من المثقفين فيما يخص تأسيس مراكز ثقافية بتوجيه حكومي ورفضت الفكرة ورفض العديد من المثقفين العراقيين اعتبار المراكز الثقافية واجهات حكومية وسياسية وإن لم يعلن عن ذلك، والرأي الأكثر واقعية أنها ستبقى أسيرة قرارات حكومية لان الدعم المالي سيلعب دوراً كبيراً في جعل هذه المراكز الثقافية غير مستقلة القرار ولمجرد " زعل " السلطة أو الكتل المتنفذة أو وجود خلافات في وجهات النظر وهو ما حصل فعلاً مؤخراً تحت حجة الإصلاح التي قام بها وزير الثقافة والسياحة فرياد رواندزي حيث أعلنت وزارته على موقعها الالكتروني "بناءً على توجيهات السيد وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي تقرر إلغاء المراكز الثقافية في الخارج"، وهو إجراء حددته في يوم الأحد ( 23-8 -2015 ) وينفذ هذا القرار اعتبارا من( 31-8-2015 ) وفسرته الوزارة أنه "يأتي ضمن حملة الإصلاحات التي تقوم بها الوزارة وانسجاما مع التوجه العام في سياسة الحكومة في ترشيد الإنفاق وتماشيا مع حزمة الإصلاحات التي تقدم بها رئيس الوزراء" للعلم وكي لا يتصور المتابعين أن هناك ( 20 أو 30 أو 40... الخ ) مركزاً ثقافياً إنما العدد لا يتجاوز اليد الواحدة فهناك خمسة مراكز تتوزع على واشنطن ولندن وستوكهولم وبيروت وطهران.

إن الربط بين إلغاء المراكز الثقافية الخمسة ليس له ارتباط بالإصلاح "والإصلاحية" ومثلما اعتراضنا على تأسيس هذه المراكز الثقافية بقرار حكومي نقف اليوم معترضين على إلغائها بقرار حكومي ونجد العيب الأكبر يقع على عاتق المكلف ومن تعاون كعرّاب للحكومة وتجاوزه على مطالب مئات المثقفين العراقيين لأسباب معروفة وأولئك الذين آزروه وساندوه وإلا من المفروض أن يجري رفض القرار الحكمي وتحويل هذه المراكز الثقافية إلى مراكز مستقلة ودعوة المثقفين العراقيين في الخارج للمآزرة والتضامن والتعاون لاستمرارها أما الإذعان فله مآخذ كثيرة منها الخنوع والخوف على المصالح الخفية، والإصلاح بمعناه المعروف والذي يطالب به شعبنا وبخاصة من الفساد الذي له أدلة ملموسة على انتشاره وتوسعه في مرافق الدولة، ولكن على ما نتصور لا يوجد مؤشر على عمليات فساد أو اختلاسات في هذه المراكز الثقافية إلا اللهم المحاباة وبعض الدعوات والعلاقات الشخصية، وما دفع ويدفع لهذه المراكز من مساعدات مالية لا يشكل " قشة " من أكوام المليارات التي اختلست بطرق عديدة داخل البلاد وهذا ليس اتهاماً يهدف لتشويه سمعة احد بل " من فمك أدينك " فالحديث بالوثائق عن الاختلاسات والفساد وعلى لسان

أولاً: لجنة النزاهة وتوابعها والعديد من رجال القانون

وثانياً : على لسان الكثير من المسؤولين الكبار بما فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الحاليين والبعض من الوزراء والنواب والأحزاب الوطنية والديمقراطية والعاملين في منظمات المجتمع المدني

وثالثاً: ما نشرته وسائل الإعلام في الداخل والخارج. ويقدر بمئات المليارات من الدولارات. فالحديث عن تطبيق حزمة الإصلاحات وترشيد الإنفاق عبارة عن استهلاك غير مبرر لغلق خمسة مراكز ثقافية يتيمة وقد نجد أن ما وراء الأكمة ما وراءها لم يذكرها الوزير ولا وزارة الثقافة والسياحة..

لقد صحت استنتاجاتنا منذ البداية وبالذات التنبيه الذي اشرنا له بوضوح ضرورة الاعتماد على جمهرة المثقفين الوطنين الذي قدموا الكثير في سبيل ثقافة وطنية وتقدمية وضحوا بالكثير في سبيل العمل الثقافي الإبداعي الوطني والإنساني وحذرنا إذا لم يكن التوجه نحو التأسيس بالاعتماد على هؤلاء سيكون العمل القادم في طريقه للفشل بسبب السلطة وأحزابها وتكتلاتها السياسية والدينية ونهج المحاصصة الطائفي التوافقي الحزبي، ولهذا لا يمكن الركون على مثل هذا الهجين من السلطة وما تحمله من تناقضات فكرية في عمق الثقافة الجماهيرية على الصعيدين الفكري والانتماء، وحينها قلنا بالضبط " المراكز الثقافية باعتقادنا ومعنا عشرات المثقفين العراقيين الوطنيين يجب أن تكون مستقلة تماماً عن النهج الرسمي الحكومي والمحاصصة الطائفية والحزبية لأنها تمتلك مؤهلات من قبل العاملين والمتعاونين معها ثقافية إبداعية ذات اتجاه وطني لا يخضع للأهواء السياسية والمطامح التي تريد منها أبواقاً لجهة دون غيرها " هذا الرأي كان واضحاً ونشرناه للاستفادة، وعلى ما نعتقد أن يوم الإلغاء جعل الذين وقفوا بالضد منا في موقف مربك والبعض من هؤلاء أصدقاء قريبين شكوا بضرورة التعاون والتضامن بدلاً من النقد الموضوعي الذي وجهناه حينذاك بهدف الحرص على نجاح المراكز والبيوت والنوادي الاجتماعية الثقافية لأن استغلالها من قبل الحكومة أو البعض من الأشخاص يلحق ضرراً بين الجالية في البلد المعني التي تستطيع أن تلعب دوراً مهما في توعية الجيل الجديد الذي لم ير ولم يعايش النظام الدكتاتوري وهو يعيش حالة من الازدواجية من المسوغات في بلدان المهجر أو التي تعصف بالبلاد بعد الاحتلال ومجيء حكومات المحاصصة التوافقية.

إن قرار إلغاء المراكز الثقافية الذي لم يحفل به احد عبارة عن تجاوز على الثقافة والمثقفين ومثلما وقفنا بالضد من تأسيسها بقرارات سلطوية ندين إلغائها بقرارات سلطوية من قبل وزارة الثقافة والسياحة ووزيرها ونجد حجة الإصلاح والإصلاحية والترشيد عبارة عن غبرة لتغطية الفشل وله مآرب لا نعرفها.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 01-09-2015     عدد القراء :  3429       عدد التعليقات : 0