الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أبا يُسر إسق العطاشى

قرأت في السِفر الصيني أن امرأة صينية مسنة كانت تنقل الماء بدلوين مربوطين بحبلين مشدودين الى خشبة كانت تضعها على كتفيها، وكانت تأتي بالماء من النهر البعيد لتملأ الكوز الكبير المخصص للشرب، ومن فقر حالها لم تستطع أن تصلح أحد الدلوين فهو مشروخ ولا يصل ماؤه إلى حيث تريد الأم المكافحة.

ولأسابيع طويلة كانت هذه السيدة الصينية تعاني، حيث كانت تصل منزلها بدلو واحد مملوء وآخر فيه نصفه. وبالطبع كان الدلو السليم مزهوا بعمله الكامل فيما المشروخ كان يتألم لعجزه عن اتمام ما هو مُراد منه.

وذات يوم وبعد اسابيع المرارة والإحساس بالفشل، تحدث الدلو المشروخ الى صاحبته:

ـ سيدتي، انا خجل جدا من نفسي لأني عاجز، وعندي شرخ يسرب الماء على الطريق الى المنزل.

ابتسمت المرأة وأجابته:

ـ وأنا ايضا خجلة، لأن قصر ذات اليد يحول دون إصلاحي الخلل..

لكن الدلو أراد أن يفرحها، فقال:

ـ ألم تلاحظي يا سيدتي أن الزهور قد تفتحت على جانب الطريق من ناحيتي وليس على الجانب الآخر..

ـ نعم لاحظت..

ـ كنت أعلم تماما أن الماء يتسرب مني، ولهذا حملت معي من النهر قبل اسابيع بعض البذور ونثرتها على طول الطريق من جهتي حتى ترتوي في طريق العودة للمنزل.

فأجابته السيدة:

ـ نعم، وقد قطفت من هذه الزهور لأزين بها منزلي. ولولاك طبعا ما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي.. ولكن الأولاد والبنات حين يعودون الى البيت لا يجدون من الماء ما يكفيهم للشرب. نعم، الورد جميل ولكن العطش قاتل..

وهكذا الحال مع إصلاحاتك سيدي د.العبادي. فالمتظاهرون بحت أصواتهم منذ اسابيع وهم يجهرون بمطالبهم، وحضرتك أعلنتها حزمة زاهية من الإصلاحات، ولكن دلو الإصلاحات مشروخ.

نعم أينعت الورود والزهور في البيوت، ولكن الناس ينتظرون عطاشى..

وهاهي الناس واقفة أمام الورد وهي تبصره أسود كالنفط، وتغني له مع اعتذارها من العم حضيري:

عمي يا بواك النفط .. كلي النفط وين..

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 02-09-2015     عدد القراء :  2799       عدد التعليقات : 0