الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
رسائل جاسم المطير (35) الاصلاح لا يتحقق الا باستمرارية المظاهرات..

اشاهد ، من بعيد، على الشاشة التلفزيونية، خطوات المتظاهرين في ساحة التحرير، وكربلاء، والناصرية، والبصرة ، والسماوة، والديوانية ، والعمارة والكوت والنجف وفي كل مدينة عراقية أخرى ملوثة بطين الفساد وزبالته، وبالحرمان من حق التمتع بضوء الكهرباء أو شرب الماء النقي والعيش خارج مساكن الخيام والصفيح، بعيداً عن استخدام الكلاشنكوف في العلاقة مع الناس المسالمين وتوجيهها نحو معسكرات داعش المحتلة.

أهم ميزة لمظاهرات هذا الزمان أنها تجمع الناس شيباً وشباناً ،نساءً ورجالاً، كما نجد الناس الغاضبين من العمال والفلاحين والكسبة والطلاب في مقدمة الاصوات المنادية بعملية (الاصلاح الفعلي) وليس (الاصلاح القولي) الدعائي التخديري. كما نجد اساتذة الجامعات برفقة الكادحين المكافحين في مقدمة المنادين بتخليص الدولة من المحاصصة والطائفية وإقامة (دولة مدنية) أي دولة مؤسسات ديمقراطية مدافعة عن حقوق الانسان.

ربما يتباطأ الحكام الحاليون برئاسة حيدر العبادي في تحقيق مطالب المتظاهرين ونداءاتهم لتحقيق (إصلاح جذري) في الدولة العراقية والقضاء على الفساد والمفسدين بإحالتهم (فوراً) إلى (محكمة خاصة) تعتمد على الشفافية والعلنية وتبتعد كليا عن الرضوخ لكل من يريد المماطلة والتسويف واستقدام وسائل غريبة وخبيثة. ربما يعمد اعداء الديمقراطية إلى اساليب اندساس حثالتهم داخل المظاهرات لتخريبها او لإتعاب المتظاهرين واجبارهم على التراجع او التقلص التدريجي في اعدادهم المتزايدة منذ مظاهرة 31 تموز .

المهمة الكبيرة المطروحة امام المتظاهرين وامام التنسيقيين كافة في بغداد والمدن الاخرى هي ضمان الحيوية والاستمرارية في ابقاء المظاهرات السلمية متصاعدة في عدد المساهمين فيها وفي شكل تنظيمها السلمي وفي شعاراتها.

هذا يتطلب ،أولاً وقبل كل شيء، أن تتزايد القيم المعرفية في العمل الجماهيري بضرورة (استمرارية المظاهرات) على المستويات كافة، على مستويات المدن الكبيرة والمدن الصغيرة في المحافظات، أيضاً. كما من الضروري الانتباه إلى أهمية ازدياد مشاركة النساء في التظاهر خصوصاً في المحافظات. على المرأة العراقية أن تدرك انها تملك خبرة كبيرة في الحياة العراقية وأنها عايشت أكثر من غيرها فواجع 35 عاما من سطوة الدكتاتورية، وأكثر من 12 عاما ، بعد عام 2003 ، من سطوة الطائفية والمحاصصة والاختطاف والاغتصاب، وكل اشكال الحياة الخشنة الصارمة، التي حرمتها من حقوقها الانسانية الكاملة.

إن ادراك حقيقة (استمرارية المظاهرات) أمر بالغ الاهمية والحساسية لأن المتظاهرين يحلمون بمشروع اصلاحي ضخم، ربما لا يقف على قاعدة الرئيس العبادي وهو صاحب نظرية العمل (رويداً رويداً) وصاحب أسلوب (ملاحظة بعد ملاحظة) وصاحب طريقة (حزمة بعد حزمة) انه لا يريد ،كما يبدو، أن يكبس على نابضٍ واحدٍ لتحريك دولاب الدولة كلها مرة واحدة .

لا فكاك للناس من (استمرار) انتفاض اصواتهم وعلوها بوجه الفاسدين والطغاة . بعبارة ادق فان (استمرارية المظاهرات) هي خالقة الجماهير المتوحدة، التي ينبغي أن يراها بعينيه، الرئيس حيدر العبادي المطلوب منه ان يضرب ،بيد من حديد، على الفساد والمفسدين كشرط اولي ورئيسي للدخول إلى مرحلة النهضة العراقية الجديدة بعد ركود وخراب 12 عاما اصبح فيهما الشعب العراقي كله قارئا يوميا لسورة الفاتحة في مأتم منتشرة في المدن والارياف، مقامة على ارواح مئات الآلاف من الضحايا في مرحلة صار فيها التخلف الحضاري والجوع والنزوح والتسول أهم مظاهره .

لن تحل الأزمة السياسية في بلادنا الا باستمرار مظاهرات الناس الواعين الفضلاء لوضع حد للفساد واستبدال الفاسدين من اجهزة الدولة بالناس النزيهين الشرفاء . كما لا ولن تحل هذه الازمة من دون توجه الرئيس حيدر العبادي نحو تطبيق قرارته و أن لا يكتفي بـتسميتها بـ(الاصلاحية) رغم أنها قرارات ذات طابع توجيهي مجرد ، بل على خطواته الاولى ان تكون ذات (محتوى جزائي) قادر على (العزل الفوري) للفاسدين من مناصبهم الوزارية والادارية ، وذلك لدحر جميع الافتراضات والتحفظات الدستورية مثلما جرت – مع الأسف - خطوة إحالة وزير الكهرباء الى البرلمان باعتباره حاملا توكيلاً من النواب لإدارة الوزارة. ان كل توكيل يصبح لاغياً باي نوع من انواع ممارسة أو ظهور حالات فساد اداري أو مالي مهما كانت نسبته في أجهزة الوزارة ، ومهما كان حجمه، فقد قام الشعب العراقي بمظاهرته يوم 31 تموز بعزل الوزير عزلاً مباشراً وهو توكيل صريح الى رئيس الوزراء لتحقيق تحرره من نظام المعتقدات الطائفية وخلاصه من قبضة اصحابه وفي مقدمتهم المتهمين بإسقاط الموصل ، الذين ينتظرون منه تسامحاً يبقيهم في حالٍ من القوة الملموسة في دولة ضعيفة كل شيء فيها عاجز وفاسد .

في استمرارية المظاهرات تكمن القوة السلمية للتطبيق النوعي السريع، الذي قد يجده الرئيس حيدر العبادي حقاً من حقوقه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بصرة لاهاي في 31 – 8 – 2015

  كتب بتأريخ :  الخميس 03-09-2015     عدد القراء :  3075       عدد التعليقات : 0