الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
يقظة الطوائف وبراءتها من دلّالي \"المحاصصة الطائفية\".!

لم نتوقف عن توجيه اللعنات الى " المحاصصة الطائفية " منذ ٢٠٠٣ ، وهي خدعة دولية بامتياز، تعرّض لها شعبنا، وانطلت علينا حتى يومنا هذا، كما لو انها حقيقة واقعة، ترتب عليها بالدرجة الاساس التعريض بابناء الطائفة الشيعية، باعتبارهم " حكام البلاد واصحاب الحول والصول" مما يجعلهم المسؤولين عن كل ما حل بالعراق من خراب ودمار وافلاسٍ وقتل على الهوية!

وهي تهمة تطال أهل السنة ايضاً، لما انتهجوه من مواقف وسياساتٍ أدت في نهاية المطاف الى اغتصاب داعش بين ليلة وضحاها ثلث العراق، واحتضانهم خلايا نائمة للارهابيين القتلة ..!

يا للشيعة المساكين المغلوب على أمرهم.. " انهم يحكمون العراق " ويبددون اكثر من نصف ترليون دولار خلال عشر سنوات، بينما كل محافظاتهم ومدنهم واريافهم ترزح تحت أوضاع مزرية، شوارعها تسرح فيها المواشي، وبيوتها تتصدع، وأغلبية سكانها يعيشون في العشوائيات وبيوت الصفيح، وربع السكان تحت خط الفقر، والربع الآخر عاطلون يتسكع شبابهم في حواري المدينة تجنباً لموتٍ محقق بعبوة ناسفة او مفخخة ومتفجرة لم يستطع الجهاز الكاشف، الذي استورده متدين شيعي ووقع صفقته قائدٌ شيعي، الكشف عنها.!

أما البصرة الحزينة أم خيرات العراق ومرضعته الحلوب، فهي خربة بكل معنى الكلمة تتناهبها المطامع، تعيش بلا ماء صالح للشرب، تتحسس ضرعها لعل فيه بقية من خزينها المنهوب ترمم بها ما صار وباءً قد يأتي على ما تبقى من أحياء المدينة .!

ولنتفحص مقامات الائمة في المدن الشيعية المقدسة، كربلاء والنجف والكوفة، لنكتشف هَول الحقيقة العلقم. ان نهباً منظماً تتعرض له ميزانياتها، بل أن واردات مزاراتها تضيع وسط ظلام مكاتب جبايتها. وقد تعرضت الميزانية الضخمة التي خصصتها الحكومة الاتحادية لمدينة النجف لتهيئتها للاحتفاء بها كمدينة الثقافة الاسلامية الى "علسٍ" منظم، كأنه دُبّر بليل، مع انه كان نهاراً مزهواً بنفسه، مثل كل المدن المقدسة التي تظل مضيئة لا تنطفئ مصابيحها، رغم شحة الكهرباء وانقطاعها الدائم ...

هذه حال مدن الشيعة المتهمين بحكم العراق، وتلك هي احوال سكانها المغلوب على امرهم والمستباحة ارادتهم ..

فأين ذهبت المليارات الخمسمائة ونصف التي تبخرت من الخزينة المركزية خلال عقد واحدٍ لا غير.؟ أيكون الشيعة قد اصبحوا نتيجة النعمة الفائضة نوعاً آخر من البشر يتغذون بالدولار، ويوقدون مطابخهم بالمئة دولار بعد ان صار الشخاط عزيزاً او لغرض اظهار ترفهم بعد ان هبطت عليهم النعمة الفائضة..!؟

أما اهل السنة، " شركاء الشيعة في الحكم " ، فليس لهم ما نتفحصه. المدن المبعثرة في المنطقة الغربية، وفي نينوى، أمست مرتعاً لداعش، واهلها شيوخاً ونساءً وصبياناً تفرقت بهم السبل بحثاً عن ملجأ آمنٍ في وطنٍ طاردٍ يُشكُ بهوية مواطنيه أياً كانت هويتهم الفرعية، فهم " مدانون" حتى "تتأكد جريمتهم".! خلافاً لأي قانون أو اعراف وقيم انسانية. يهربون من داعش، فتحوم حولهم شكوك الخلايا النائمة. يفكرون بالبقاء في ديارهم فتنتزعم قطعان داعش لتضعهم أمام أحد خيارين: التحول الى داعشيٍ يؤكد ولاءه بسلخ جلد جاره، أو انتهاك حرمة بني عشيرته، وإلا جز رأسه أمام افراد عائلته ..

أهل السنة، مثل اشقائهم أهل الشيعة، لاجئون في وطنهم، مكرهون على ولاءٍ لا اعتبار له في ضمائرهم، غير مخيّرين، تستبد بهم الحيرة عن حقيقة مواطنيتهم: أهم عراقيون حقاً أم شُبّه لهم، وهم ليسوا سوى عرب سابلة تاه قطيعهم ولم يبق لهم سوى التيه في وطن الغربة والاغتراب .!

اذا كانت المحاصصة الطائفية، ليست خدعة نتلفع بها بخديعة أمر يحتال فيه علينا باختلاقها أمراء المحاصصة وسدنتها، ليتلبسنا وهم دائم باننا اصحاب المحاصصة، فاين هي الحقيقة الضائعة، وما مسمياتها المعبرة عن واقع الحال.!؟

منذ سقوط نظام الاستبداد في ٢٠٠٣، خُيّل للشيعة انهم استردوا الحكم من معاوية بعد الفٍ واربعمائة سنة، وصاروا هم اصحاب الولاية. وكانت مكافأتهم اطلاق مواكبهم مشياً على الاقدام مراتٍ كل سنة لزيارة من كانوا شهداء قضية العدالة والدفاع عن المحرومين، المبرئين عن الاغراض الدنيوية الفانية. وصارت لهم حرية اللطم والبكاء واستذكار محنة الاولياء، ومع مرور السنوات صار لطمهم وبكاؤهم طقساً يتنادون اليه على ما وصلت اليه احوالهم دون ان ينتبهوا لهذا التحول الفجائعي !

وحين استبد بهم الغيظ وبات اللطم والبكاء فيضاً لا قرار له، وصار خيارهم الخروج الى الشوارع والميادين لينددوا بمن اغتصب الحكم باسمهم ونهب الاموال باسمهم وعاث فساداً في البلاد باسمهم فوجئوا بان الخزينة باتت خاوية وان البلاد تغرق في مواجهة دامية ضد داعش، ولم يعد من سبيلٍ الا الفداء والافتداء، فها هم قطعان المغول تدك عليهم ابواب مدنهم وتتهدد مقدساتهم، وتريد انتزاع ما غنموه خلال سنوات الحرية من لطمٍ وبكاءٍ ومواكب سنوية وفصلية قلما تسلم من استباحات الارهاب وشياطين الاحزمة الناسفة .

أما اهلنا المهجرون الضائعون في ارض الوطن من السنة، فقد كانت حصتهم من المحاصصة، مخيماتٌ وبيوت تحت الاشجار، وبدل لجوءٍ وضياع لا يسد لقمة العيش أو يحول دون إحساسٍ بالمهانة وهدر الكرامة ..

لقد اكتشفوا ان ما قيل لهم انها محاصصة طائفية انما هي محاصصة بين أمراء الطوائف !

وحتى وهم يخرجون بعزم لاستعادة ما اغتصب منهم، يواجهون انفسهم وهم يتحولون الى فريسة جديدة لخدعة قديمة :

" تسقط المحاصصة الطائفية "

ويتحول المشهد الى ملعبٍ سحري.

انها يقظة ناقصة، واكتشافٌ للخديعة بعد فوات الاوان .

لأن المحاصصة ستعيد ترتيب حضورها، مع تغيير الشعارات، لأنها ستتحول الى أحزاب، لكنها لن تتخلى عن مصدر عنفوانها ومحرقتها: العودة للعب على وتر ما يُراد له أن يضيع اذا ما تم اكتشاف الخدعة بالاسماء والمسميات، لانها باتت معروفة على ألْسِنَة الجياع المحرومين، الشيعة منهم قبل السنة ..!

  كتب بتأريخ :  الإثنين 07-09-2015     عدد القراء :  2916       عدد التعليقات : 0