الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
يا فقراء العراق إشربوا الماء المعقّم !!

   يقال إن الملكة ماري إنطوانيت زوجة الملك الفرنسي لويس الرابع عشر قالت أثناء الإضطرابات التي إجتاحت فرنسا نتيجة الفقر وفساد السلطة الحاكمة وتلاعبها بمقدرّات وثروات بلادها وبعد هتافات الجماهير الجائعة وهي تطالب بالخبز "إذا لم يكن هناك خبزاً.. لماذا لا تعطوهم بسكويتاً"، وقد دخلت مقولتها هذه التاريخ من أوسع أبوابه لتشير دوما الى بطر السلطة وعنجهيتها وإستهتارها بجموع الشعب المضطَهَد والإستهزاء به.

   في عراق اليوم لدينا الالآف من أتباع الاحزاب الدينية والمتحاصصة الأخرى على شاكلة "ماري إنطوانيت" من الّذين يستهترون بمصير شعبنا ويرقصون على أصوات آهاته وكأن لهم مع هذا الشعب عداء قديم، ومن أمثال هؤلاء برلمانية تقسم بأغلظ الايمان من إن راتبها البرلماني لا يكفيها حتى منتصف الشهر! وآخر يرفض إلغاء تقاعد البرلمانيين كي "لا يديح في الشوارع كما الشعب العراقي!!" حسب قوله، وآخر يضحك على شعبنا دون خجل وهو يقول في مقابلة تلفزيونية "لقد وفّرنا للشعب ماءا فطلب الكهرباء ووفّرنا له الكهرباء فطلب الامان ووفّرنا له الأمان فطلب زيادة في الحصّة التموينية فدعمناها بثلاثة آلاف دينار وعملنا على إنهاء الاحتلال حتّى قال البعض لنا ماذا أبقيتم للآخرين وأنتم تقدّمون للشعب كل ما يحتاجه!!". بأمثال هؤلاء الساسة وغيرهم من سارقي المال العام والمتاجرين بثروات البلد أبتلي شعبنا الّذي ما صدّق أن خرج من حفرة البعث الفاشي ليسقط في جبّ الاسلام السياسي الذّي لا قرار له.

   أن تضحك أحزاب المحاصصة على الناس وتقودهم من أزمة الى أخرى مستهترة بمصائرهم أمرا ليس بغريب عليها مطلقا، فهي ومنذ اليوم الأول لوصولها للسلطة على قطار أمريكي عملت بجد ومثابرة وبتصميم عال على تدمير البلد ونهب ثرواته وإذلال شعبه. لكن أن تقوم مؤسسة دينية بحجم مرجعية النجف الأشرف التي تتدخل بكل صغيرة وكبيرة من أمور شعبنا ووطننا دون أن تساعد تدخلاتها هذه في تحسين الواقع المعاشي للناس أو الحد من الفساد والرشوة والمحسوبية والقتل على الهوية وغيرها من المشاكل التي تناسلت وتتناسل كل يوم، بالضحك على ذقون الناس وهي تدّعي دفاعها عن المحرومين يعتبر أمرا غير منطقيا بالمرّة. كونها تعتبر نفسها القيّم على العراق وشعبه ويوافقها بالرأي جميع الاحزاب العراقية تقريبا للأسف الشديد غير آخذين بنظر الاعتبار أن حشرهم للمرجعية الدينية بكل أمور السياسة والمجتمع وإعتمادها مرجعا لحل المشاكل والتوجه اليها للشكوى من موقف سياسي معين، سيدفع البلاد الى بناء دولة فقيه غير معلنة ولدينا في العراق اليوم هذه الدولة. فصلاة الجمعة في كربلاء خصوصا وبقية المدن عموما هي التي ترسم سياسة البلد وتوّجه الناس ببوصلتها الدينية، ومن غير المنطقي أن يتوقع المرء من مؤسسة دينية إعلان حربها على أحزاب دينية ومن نفس طائفتها وإن نهبت هذه الاحزاب جميع ثروات العراق.

   لقد كشف وباء الكوليرا الذي فتك بعشرات المواطنين لليوم أن المرجعية الدينية بالنجف الاشرف في واد وفقراء العراق في واد آخر. ففي خطبة الجمعة ليوم أمس 25/9/2015 أستمعت شخصيا الى صوت "ماري إنطوانيت" وهو يطالب فقراء العراق الذّين يعيشون على أكوام النفايات وبين المزابل بـ "شرب الماء المعقّم"!! إذ قال الشيخ الكربلائي في خطبته "الذين يهمنا هو الفات المواطنين الى اهمية رعاية الامور التي تقلل من احتمال الاصابة بهذه المرض الفتاك ومن اهمها كما يقول الخبراء هو عدم استخدام المياه الملوثة واقتصار مياء الشرب للماء المعقم وتجنب شرب مياه الانهار وغسل الفواكه والخضروات التي تؤكل بالماء المعقم وغسل اليدين قبل اعداد الطعام وقبل الاكل وبعد استخدام المرافق الصحية ومن الضروري ان يهتم المواطنين بالتعليمات للوقاية من هذا المرض الخطير حماية لانفسهم من الاصابة به".

   بالله عليك أيها الشيخ الكربلائي، هل يملك من يجمع قوت يومه بالعمل بين أكوام القمامة ، مالاً ليشتري به الفواكه ويغسلها بماء نظيف ومعقّم؟ وأين هي المياه النظيفة والمعقّمة التي توفرها دولة المحاصصة التي جاءت الى السلطة برعاية المرجعية الدينية وتوصياتها للناس بأنتخابها طمعاً بولاية عدل الامام علي لتغتسل به قبل الاكل وبعده وبعد أستخدامهم للمرافق الصحية، إننا في ظل عراقكم الإسلامي لم نرى عدلا أيها الشيخ الكربلائي ولكننا رأينا الإمام علي مقتولا على أبواب الخضراء بسيوف مئات أبناء ملجم من مريديكم؟

   يقول الامام علي أيها الشيخ الكربلائي "لا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه"، فأسلك طريق الحق في أن تسمّي الأسماء بمسمّياتها وتشير ومعك المرجعية إن كنتم حريصون فعلا على هذا الوطن، ليس الى مواطن الخلل التي نعرفها جميعا بل الى أسماء من يقتل العراق يوميا والتي نعرفها أيضا. إعلن من على منبرك عند ضريح أبا الاحرار الحسين بن علي وبصوت حر وبعزيمة الحرّ الذي مال الى معسكر الحق مقابل معسكر الظلم ودون وجل وخوف ومجاملة عن أسماء السرّاق واللصوص وبيّاعي الوطن ليعرف شعبنا حينها من إنكم فعلا تقفون الى جانبه، إعلن عن أسماء لصوص دخلوا البرلمان عن مدينة الحسين ليس لشيء الا كونهم قريبين من رأس السلطة حينها، أعلن عن أسماء قادة الميليشيات التي تشكل خطرا كبيرا على السلم الاهلي وهي تمتلك جيشا موازيا للجيش العراقي، إعلن وبالأسماء عن قضاة لصوص ومرتشين و لا تأخذك فيهم لومة لائم كوننا نعرف أسمائهم أيضا. لكن الفرق بيننا وبينكم أيتها المرجعية الدينية هو أن أصواتكم مسموعة من قبل المؤمنين بكم الذين منحوكم عقولهم لتفكروا بها بدلا عنهم، فلا تستغلوا هذه العقول لتبقى غير فاعلة في الذود عن مصالحها بالتستر على أسماء القتلة والمجرمين والطائفيين سنّة وشيعة وعربا وكوردا. وإن لم تكن لديكم القدرة على كشف المجرمين وبالأسماء لأسباب بتنا لا نجهلها" فأعيدوا للناس عقولهم التي صادرتموها بأسم الدين ليبدأوا بأنفسهم أستخدامها وقد بدأوا إستخدامها وهم يصرخون "بإسم الدين باگونا الحراميه"

   السيد الكربلائي إن الاحزاب الطائفية تطلب النصر بالجور كما قال الامام علي وليس أمامكم كمرجعية دينية كي لا تكونوا شركاء معهم في جورهم الّا أن تنصروا الفقير من ظلم اللصوص. أيها السيد السيستاني أقول لكم كما قال الامام علي وهو يرى فقر الملايين وغنى الالاف فخاطب نفسه قائلا "إضرب بطرفك حيث شئت من الناس فهل تبصر الّا فقيرا يكابد فقرا، أو غنيّا بدّل نعمة الله كفرا". فأخرجوا الى حيث شئتم من الناس وفي مدينة أمام العدل لتروا الفقراء يكابدون فقرا والاغنياء من الساسة والعصابات الدينية قد سرقوا كل شيء، لا ضير في خروجكم الى الناس لتعرفوا معاناتهم فأنتم ورغم مركزكم الديني لستم بأفضل من الامام علي الذي كان يتجول في طرقات الكوفة ليلا ليطمئن على الفقراء وحالهم.

   أنعموا أيها السيد السيستاني على أيتام العراق وأرامله من أموال الوقف الشيعي وهو أمبراطورية مالية ضخمة فهذه الأموال ملك لهم وليس لأمريء غيرهم. الله الله في أيتام العراق والله الله في أرامله وثكالاه أيها السيد السيستاني.

   من عرف نفسه فقد عرف ربّه .... "الامام علي"

   لقد عرفنا أنفسنا مضطهدون يا علّي فعرفنا ربّنا، وعرف الاسلاميون أنفسهم وعرفناهم لصوصاً فهم لا يعرفون ربّهم.

  كتب بتأريخ :  السبت 26-09-2015     عدد القراء :  3699       عدد التعليقات : 0