الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أين موقعنا؟

أربعة أخبار لفتت اهتمامي على نحو خاص أول من أمس، وهو أول أيام الشهر الجديد، إثنان من بريطانيا، بلدي الثاني، والآخران من بلدي الأم.. المفارقة الكبيرة التي انطوت عليها الأخبار الأربعة هي ما جعلني أهتم بها وأكتب عنها.

في بريطانيا، ما كان يبدو ضرباً من الخيال صار حقيقة مؤكدة. والضرب من الخيال هذا هو الحصول على الطاقة من لا شيء تقريباً.. لا من النفط ولا من الريح ولا من الشلالات ولا من الشمس.. الآن يمكن انتاج الطاقة من الهواء الساكن أيضاً!..

هذا الكشف العلمي – التكنولوجي اعلن عنه وزير العلوم السابق اللورد بول درايسون، في مؤسسة "رويال" في لندن، موضحاً أن التقنية التي تسمى "فري فولت" (Freevolt) ستكون مصدر قوة يسمح للأجهزة ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة، كأجهزة الاستشعار، أن تعمل من دون الحاجة لتوصيلها بالكهرباء.

وتنطوي هذه التكنولوجيا على جمع طاقة من ترددات الراديو ومن الشبكات اللاسلكية وشبكات البث الحالية، وشبكات الجيل الرابع 4G إلى التلفزيون الرقمي. وقال اللورد درايسون: "إنها لا تحتاج لأي بنية تحتية إضافية، ولا تتطلب منا تحويل أية طاقة إضافية، إنها تعيد تدوير الطاقة غير المستخدمة في الوقت الراهن". وعرض اللورد درايسون أول منتج لاستخدام نظام الطاقة الجديد، وهو جهاز شخصي لمراقبة تلوث الهواء أطلق عليه "كلين سبيس" (CleanSpace)، يعاد شحن بطاريته باستمرار من خلال جامع الطاقة السائبة في الهواء "فري فولت".

الخبر البريطاني الثاني أفاد بأن أطباء في لندن أجروا عملية جراحية رائدة مستخدمين خلايا جذعية مأخوذة من جنين بشري تهدف إلى التوصل لعلاج العمى.

أجريت العملية على سيدة تبلغ من العمر 60 سنة في مستشفى "مورفيلدز آي" للعيون، تضمنت "وضع" حزمة صغيرة لخلايا متخصصة للعين وزرعها في مؤخرة الشبكية. والعملية هي في إطار مشروع أنشئ قبل عشر سنوات لعلاج فقدان البصر عند المصابين بمرض التنكس البقعي، أو فقدان الرؤية المفاجئ نتيجة تلف أوعية دموية في العين بسبب التقدم في العمر.

وقال الطبيب الذي أجرى الجراحة، لينود دا كروز، من مستشفى "مورفيلدز آي"،: "إنه مشروع متطور. في الماضي كان من المستحيل استبدال خلايا عصبية تالفة"، وأضاف: "إذا كان بإمكاننا تعويض الخلايا المفقودة وإرجاع وظيفتها فسيكون مفيداً لأولئك الذين يعانون من حالات مرضية تهدد بصرهم". ونجاح المشروع سيعني إعادة الأمل باستعادة البصر لما يزيد عن 600 ألف شخص في بريطانيا وحدها.

ماذا عن الخبرين الآخرين المتعلقين ببلدي الأم؟

بالطبع لا اختراقات علمية ولا اختراعات تكنولوجية هنا، فنحن لا وقت لدينا إلا لنقتل بعضنا بعضاً، ولنسرق بعضنا بعضاً.. الارهاب وسواه يستبيح الدماء بدم بارد، والكبار، الأقوياء، الذين هم في قمة هرم الدولة يسرقون الصغار الضعفاء.

جاء في أخبار أول من أمس أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان أعلنت أن قرابة 91 ألف مدني عراقي سقطوا بين قتيل أو جريح نتيجة الإرهاب منذ بداية سنة 2013 وحتى نهاية أيلول الماضي. هذا الرقم يمثل 2600 في الشهر، أو68 في اليوم!

الخبر الثاني أفاد بان لجنة النزاهة النيابية أكدت عزمها على فتح ملف مشاريع المدارس المتلكئة، للكشف عن مصير الاموال التي خصصت لتنفيذها. و"المتلكئة" تعبير مخاتل، فهذه المدارس هي التي توقف العمل فيها منذ سنوات لأن الفاسدين والمفسدين تسلموا الاموال المرصودة لها وفروا.

عضو اللجنة البرلمانية عقيل الزبيدي تحدث عن 130 مدرسة سيحقق مجلس النواب الاسبوع المقبل في مصيرها، لكن هناك نحو 1300 مدرسة أخرى أحالتها وزارة التربية الى التنفيذ منذ العام 2010، ولم ينجز منها حتى الآن سوى 10 في المئة بحسب ما كشف عنه في آذار الماضي النائب منصور البعيجي الذي قال ان ذلك يعد من أكبر ملفات الفساد.

كم عشرات من السنين يحتاج الناس في بلدي الأم ليكفّوا عن قتل بعضهم البعض، وليتوب الفاسدون والمفسدون فيغلّوا أياديهم الطويلة السارقة؟.. كم قرناً يحتاج بلدي الأم ليكون في مصاف بلدي الثاني؟.. أين موقعنا في السلّم الحضاري؟

  كتب بتأريخ :  السبت 03-10-2015     عدد القراء :  2379       عدد التعليقات : 0