الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التضليل والتظليل
بقلم : طه رشيد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

الفرق بين الكلمتين، رسما، ليس شاسعا. حرف واحد في نفس موقع المصدر، متشابه لفظا إلى حد كبير. وربما يستعصي على الاعجمي التفريق بين الحرفين نطقا فكلاهما بالنسبة له زاء وتصبح الكلمتان بفم ذلك الاعجمي تزليل! وقد ورد في القرآن الكريم عدد كبير من هذه الكلمات المختلف عليها لفظا « ظلوا عليها عاكفين» وفي آية اخرى : «ومن يضلل الله فلا هادي له» .

وعودة الى الاعجمي فإن أمره لا يهمنا كثيرا مهما ادخل أنفه في هذه الكلمة او تلك، شرط أن لا يدخله ( أقصد انفه ) في تراب الوطن!

ولا نريد أن نسترسل اكثر في موضوعة الجناس والطباق والتورية فهذا شأن اللغويين. أما شأننا فهو: لو قيض لنا أن نخرج هاتين المفردتين من القاموس ونجعلهما تسيران في شوارع بغداد ، فماذا سنشاهد؟

سيارة سوداء تراك ولا تراها، تعرفك ولا تعرفها، فهل هي مضللة ام مظللة؟ وهذا النوع من السيارات لا تحمل أرقاما مهما كان لونها أو حجمها وتمر غالبا من السيطرات والحواجز دون عوائق ولها ممر خاص، والجندي الحارس، بطبيعة الحال، يخشى أن يسأل فهو مضلل (بتشديد اللام الاول وفتحه) في كل الأحوال.، وهي مظللة رغم انفي وأنفك وانف المرور والمسؤولين ولم تنفع استغاثتنا برفع التضليل والتظليل لأن بإمكان صاحب هذه السيارة أن يسرق وينقل داخل السيارة ما يشاء دون مساءلة، وهو يخالف حركة السير كما يشتهي ويستخدم أجهزة تنبيه مزعجة جدا بمجرد أن تتلكأ أمامه اول « سايبة»( بالمناسبة السايبة لا تحسن نطق الضاد!) فترى من أعطى هذه السيارات المجهولة الهوية كل هذه الصلاحيات؟

وهذا المسؤول الذي يخشى أن يراه العامة في الشارع لم لا يتنحى عن المسؤولية ما دامت الثقة قد فقدت بين الطرفين؟

ثم إذا كان خائفا لهذه الدرجة فليجلس في داره وليكن الله عونا لنا في تجنب شرور الفاسدين!

هاهم معظم رؤساء الدول الغنية والفقيرة، يتنقلون بين رعاياهم بكل حرية وبسيارات مكشوفة وهم يحيون جماهيرهم ذات اليمين وذات الشمال. . ولا أعتقد نحتاج الى سرد أمثلة عن رؤساء يتنقلون على دراجات هوائية! ويتبضعون بأنفسهم في أسواق أيام الأحد دون جلبة أو قطع سير .ويدخلون مطاعم شعبية حالهم حال الرعية . ولكم في رئيس تونس السابق منصف المرزوقي مثلا، إذ لم يتردد بالتجوال في الشوارع بحثا عن «سندويج» رخيص! بالرغم من ان الوضع في تونس لا يختلف كثيرا، من الناحية الامنية، عن العراق.

إذا تعكزنا على أن الوضع الأمني ما زال قلقا وان الخلايا الداعشية النائمة يمكن أن تستيقظ على حين غرة في هذا الشارع أو ذاك، وأنها ستستهدفه، فنقول له: لا تخف فالشارع البغدادي ضد داعش جملة وتفصيلا وهو من سيحميك من اي أذى.

وإذا عدنا الى الاعتبارات الامنية وبررنا لرؤساء السلطات الثلاث ركوب السيارات المظللة والمصفحة، فلا يمكن أن نجيز لمن هب ودب استخدام سيارات مظللة لأنها ستتحول وبيسر وسهولة من التظليل إلى التضليل .. وجيب ليل وأخذ عتابة!

  كتب بتأريخ :  الخميس 08-10-2015     عدد القراء :  2214       عدد التعليقات : 0