الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حركة الاحتجاج بين حسن التنظيم وزيادة الزخم

بعد ان تجاوزت الحركة الاحتجاجية أسبوعها العاشر، يبرز سؤال عن الكيفية التي يحافظ بها الناشطون على زخمها ويفعلون انشطتها ويواصلون رفع المطالب، دون ان يتسلل اليها الجمود والروتينية والملل والإحباط. خاصة بعد ان لعبت دورها الى جانب عوامل أخرى، في هز نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، وكسر حاجز الخوف والتردد في مجابهة رموز الطائفية والفساد، وفي تعريتهم وفضح ممارساتهم وأساليبهم وانتهاكاتهم وتطاولهم على المال العام واستنزافهم موارد العراق. كما أشاعت الوعي الوطني بدلا عن التعصب الطائفي الذي أراد المتنفذون ترسيخه في المجتمع، وجذبت مئات الآلاف من المواطنين الى ساحات التظاهر حيث كونوا خبرات كفاحية وقدرات مطلبية سيفيدون منها في مواجهة كل من يحاول استغلال الشعب لمصالحه الخاصة. وبينت ان الشعب قادر في النهاية على محاسبة كل من تسبب في إهدار موارده واللعب بمقدراته.

لم يتحقق لغاية اليوم جوهر المطالب التي رفعت من اجل الإصلاح، ويبدو ان المعركة بين من يمثلون مصالح الشعب وبين المتنفذين المهتمين بمصالحهم الخاصة لا غير، لن تنتهي سريعا. لذا أصبح من الضروري بحث وسائل ادامة الحراك وتطوير أساليبه وتعزيز المشاركة فيه، ومن ذلك التقيد بالقواعد العامة - قواعد السلوك التي تضبط حركة الاحتجاج، ومنها الحفاظ على سلمية التظاهر، واحترام الممتلكات العامة والخاصة، وعدم رفع شعارات او ترديد أهازيج لا تعبر عن مطالب واقعية ملموسة موحدة، واضحة وممكنة، تجسد آمال اوسع المحتجين، وتكون مصاغة بلغة واضحة بسيطة جاذبة محببة، وبعيدة كل البعد عن التعبيرات التي يمكن ان تدعو للعنف والكراهية والانقسام. كذلك ترسيخ فكرة اتساع الساحة لكل المواطنين بغض النظر عن اتجاهاتهم الفكرية وانتماءاتهم الطائفية والمناطقية، والحفاظ على درجة عالية من التنسيق بين المجاميع والتنسيقيات والشخصيات المؤثرة في حركة الاحتجاج، والعمل على جمع جهودها لتظهر موحدة منسجمة.

واذا كانت الأسابيع الأولى لم تسمح، لأسباب عديدة، باختيار قيادة للمظاهرات، فان الحركة وهي تتواصل وتتجاوز أسبوعها العاشر وتنتظم فعالياتها، وتبرز في اطارها شخصيات عامة واخرى ذات قدرات تنظيمية وتنسيقية، تحتاج الى قيادة تديرها. فهذا مستلزم لا مناص منه، شرط ان تعي هذه القيادة دورها انطلاقا من طبيعة الحركة، باعتبارها حركة اجتماعية احتجاجية مطلبية، افقية التنظيم واسعة التحشيد.

طبيعي ان المحتجين هم المواطنون الأكثر استعدادا للنشاط الميداني، وان هناك اضعافا مضاعفة من المواطنين الآخرين الذين يعانون الامرّين من انحراف النظام السياسي وتداعيات الفساد ونقص الخدمات، وهم يؤيدون المتظاهرين ويتعاطفون مع مطالبهم، لكنهم لم ينجذبوا بعد الى التظاهر ولم يشتركوا فيه. لذا فان الرهان هو على قدرة الحركة على جذبهم او جذب قسم منهم، مما يمنحها زخما جديدا وقدرة وسعة اكبر.

ويبقى تنويع الأنشطة وتركيزها في اتجاه إصلاح النظام السياسي والتصدي للفساد ومحاسبة كبار المفسدين والنهوض بالخدمات، عبر تنظيم ورش عمل متنوعة، وفعاليات فكرية وسياسية، واعداد أوراق سياسية تعنى بتوضيح رؤية الحركة وافاقها، وغير ذلك.

  كتب بتأريخ :  الخميس 08-10-2015     عدد القراء :  3249       عدد التعليقات : 0