الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل فعلاً ليس للإرهاب دين

   هذا الشعار المرفوع بخصوص الإرهاب ، كأنه يعكس صورة لا تمس المنطلق الديني لأربابه والقائمين به ، وكأنه ليس وراءه اغراض او قيَمٌ دينية وانما مجرد حالة جنونية يعربد المصابون بها وهم لا يفقهون ما هم فاعلون . ولا يدركون ما الغاية مما يقومون به من ابشع الجرائم التي يتقزز منها ، ليس الإنسان فحسب وإنما حتى وحوش الغاب .

   الإرهاب الذي يهز عالم اليوم ، ليس من غضب الطبيعة كالأعاصير والعواصف والزوابع الرعدية والبراكين والزلازل ، ولا هو من فعل اقوامٍ متوحشة ، إنما القائمون به مجندون بوحي من صلب عقيدة دينية ... ينادون بفرضها ونشرها كمبادئ عقائدية .. على ضوئها يأتي القتل والتهجير والتخريب وفرضها بالسيف حيثما وطئت اقدامهم . ومنذ انبثاق هذا الحراك الإرهابي ، تربع على عقيدة دينية سلفية تحمل رسالة التشدد العقائدي ، وانضوى تحت رايتها من مغسولي الدماغ من مختلف الأعمار، وهم مروضون للموت بالإنتحار او القتال لتقبل الشهادة .

   كانت ولادة المنظمات الإرهابية الناشطة باسم الدين منذ انبثاق اعلان الجهاد الإسلامي في افغانستان لمحاربة القوات السوفيتية ، وكان الشيخ السعودي الجنسية اسامة بن لادن منْ وضع حجر الأساس للخلية الأولى واطلق عليها اسم القاعدة . ثم دعى للحرب بأسم الدين ليتقاطر الشباب المؤمن من البلدان الإسلامية تحت تأثير فتاوى المتشددين وعلى رأسهم السعوديين . وتأسس فرع للقاعدة في العراق على يد الزرقاوي واخيراً تمركز في مدينة الموصل تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق ، وتلاحم مع مثيله في سوريا ، وإذا به تنظيم مرعب ، يعلن عن نفسه حاملاً رسالة الإسلام ولوائه . ومثل دوراً مستقى من الفتوحات الإسلامية ، في غزو العراق وسوريا ونصب خليفة المسلمين ( ابو بكر الغدادي ) الذي اختار له مقراً في مدينة الموصل ، وارى سكانها صورة لحكم مضى عليه 1400 سنة في التعامل مع معهم وفي الإمساك لأرضهم . داهم الغزاة الشعب الموصلي وكذلك شعب الخاصرة الشرقية لسوريا وكبل منهم المئات وسلط السيف على رقابهم ، ثم فرز المسحيين فيها ووضعهم امام خيارين ( دخول الإسلام او دفع الجزية ) كما حصل لأجدادهم يوم حمل العرب المسلمون على بلدانهم ايام الخليفة عمر الخطاب . ولما رفضوا هذا الذل صادر املاكهم واخرجهم من ارضيهم التاريخية ـ محافظة نينوى ـ والقى بهم في العراء لا يملكون شروى نقير .. يطرقون المفازات بحثاً عن الأمان والنجاة .

   أما الأزيديون ، فمصيبتم كانت ولا زالت كارثة تاريخية .. انزلها بهم الخليفة التقي ، حيث تعامل معهم وفق ما تنص عليه الآية بخصوص الكفار وهي خياران لهم اثنان ، دخول الإسلام او ضرب الرقاب ومصادرة الأموال والنساء والأطفال . وثمة صور لازالت ناطقة عن سفك دماء الأبرياء بحز رؤوسهم بيد هؤلاء الإرهابيين الذين يراهم العالم اجمع كيف يذبحون الضحية في ضجيج من البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم" ومعها صيحة التكبير "الله اكبر" وكل هذه المصائب تأتي بأذن الله تعالى . ويمارسونها اولئك الذين يسبحونه ليل نهار ويصلون له خمساً ويصورون كل شيء بمشيئته .

   لما نسف الإرهابيون المركز التجاري العالمي في نيويوك وبعض الطائرات وسببوا بذلك في موت آلاف الضحايا ، علق اسامة بن لادن من خلال التلفاز وهو بين جماعته ، بقوله "هذا نصر من الله" واليوم يتباهى داعش بقتل الإبرياء في باريس بقوله "كان هذا بأذن الله" كما يوعد ويهدد في ضربة قادمة في اميركا .. بأذن الله.

   والقرضاوي وكل من على شاكلته يدعون ويتأملون من هذا الزخم الإرهابي أن يأتي يوم والمسلمون يجتاحون اوربا ويفرضون عليها الإسلام . وكل هذا ، لا يكفي أن نصدق انفسنا بأن للإرهاب دين ..؟

   

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 18-11-2015     عدد القراء :  3015       عدد التعليقات : 0