الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الموقف من عمليات التغيير الديموغرافي لأراضي المسيحيين بكردستان العراق!

   وقفت الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية والديمقراطية العراقية بحزم وتضامن وأدانت بقوة النشاط العنصري والعدواني الذي مارسه نظام الحكم البعثي الدكتاتوري والدكتاتور صدام حسين في مصادرة بيوت وأراضي الكُرد في كركوك ومناطق أخرى، أو في تغيير تسميات قرى ونواحي وأقضية ومحافظات ولإجراء تبديلات واسعة في التشكيلات الإدارية للمحافظات في محاولة جادة وشريرة لتغيير الطابع السكاني لتلك المناطق وإسكان مجاميع من السكان العرب الذين تم استيرادهم بصيغ مختلفة من الجنوب والوسط. كما مارس النظام ذلك في مناطق المسيحيين في تلكيف وبرطلة على سبيل المثال لا الحصر. وقد عملت منظمات المجتمع المدني ضد هذه الاتجاه المرفوض دولياً وضد الدستور العراقي وضد مصالح الشعب والعلاقات الودية والتضامنية بين أبناء وبنات القوميات العديدة القاطنة بالعراق، خاصة وأن من تعرض لمثل هذه الإجراءات هم من أصل أهل البلاد، وهم الكُرد والكلدان الآشوريون السريان.

   وبعد إسقاط الدكتاتورية الغاشمة لم تتوقف عمليات التغيير الديموغرافي لمناطق المسيحيين بل تواصلت في المناطق التابعة إدارياً لمحافظة نينوى، ولكنها كانت تحت حماية حكومة الإقليم وقوات البشمركة. وبسبب التجاوزات الكثيرة على مناطق المسيحيين عقد مؤتمر أصدقاء برطلة في مدينة أربيل وفي برطلة ضد عمليات التغيير الديموغرافي (السكاني) لمناطق المسيحيين بما في ذلك عنكاوة. وكنت رئيس اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر وبمشاركة مجموعة من أصدقاء الشعب الكردي، منهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ القاضي زهير كاظم عبود والأستاذ الدكتور تيسير الآلوسي والأستاذ الدكتور صادق أطيمش وأمين عام هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الأستاذ نهاد القاضي. وقد طرحت في هذا المؤتمر الذي عقد في 23-24/11/2013 الكثير من المعلومات والوثائق التي تبين حصول تجاوز على مناطق المسيحيين من المجلس الأعلى الإسلامي بشراء دور سكن كثيرة ببرطلة ومسجلة بأسماء أشخاص شيعة وكذلك في مناطق أخرى لبناء جوامع في وسط منازل السكان المسيحيين وسكوت حكومة الإقليم على هذه التجاوزات. وفي نهاية المؤتمر دعينا لزيارة السيد رئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي لم يتسن له حضور المؤتمر بسبب وعكة صحية. وفي هذا اللقاء المهم سلمنا السيد رئيس إقليم كردستان مئات الوثائق التي تؤكد عمليات التغيير الديموغرافي ضد مناطق المسيحيين، والمخالفة للدستور العراقي والكردستاني، إضافة إلى عدم تنفيذ قرارات صادرة عن محاكم لصالح المسيحيين.

   وتضمن آخر تقرير صدر عن لجنة الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية CESCR التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة بتاريخ 27 تشرين الأول 2015، "فقرة خاصة (الفقرة 13) عن "النزاعات على الأراضي في إقليم كوردستان"، وأبدت اللجنة "قلقها من استمرار هذه النزاعات بين الآشوريين وحكومة إقليم كوردستان" التي قالت بأن أراضيهم قد تم مصادرتها في الكثير من الأحيان بحجة الاستثمار، وأضافت إن العديد من القرارات القضائية الصادرة والداعية لإعادة هذه الأراضي لأصحابها لم يتم تنفيذها نظاميا ومنهجيا." وأنهت اللجنة تقريرها بتوصية وردت في (الفقرة 14) تدعو الطرف المعني "إقليم كوردستان" إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الخلافات بين حكومة الإقليم والكلدان السريان الآشوريين، ووضع حد للمصادرة غير المشروعة لأراضيهم، ومن دون التعويض وتوفير البديل، كما ودعت لضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن المحاكم والقاضية بإعادة الأراضي لأصحابها، ملفتة انتباه الدولة الطرف إلى تعليقها العام رقم 7 لسنة 1997 والخاص "بحالات الإخلاء بالإكراه".

   وفي رسالة وجهتها شخصياً إلى السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق جاء فيها ما يلي:

   "جاء عقد هذا المؤتمر نتيجة لواقع التغيير السكاني الواسع النطاق الذي حصل وما يزال يحصل في سهل نينوى وفي أكثر من ناحية فيه في غير صالح المسيحيين على نحو خاص. بدأ هذا التغيير السكاني في عهد دكتاتورية البعث وصدام حسين في قضاء ""تلكيف" ومن ثم في ناحية "برطلِّة وكذلك إزاء الشبك. ولكن تواصل ذلك حتى بعد سقوط الدكتاتورية البعثية الصدامية بصورة أوسع وأكثر خطورة على المسيحيين دفع الكثير من الناس بعقد مؤتمر أصدقاء برطلِّة. فمن يتابع الوضع السكاني في قضاء تلكيف سيجد إن القضاء الذي كان قبل ذاك بالكامل مسيحي، أصبح اليوم قضاءً "عربياً" بحكم التغيير السكاني ووجود أكثر من 90% من العرب السنة والعسكريين السابقين وغيرهم فيه، في حين أصبحت نسبة المسيحيين أقل من 10% فقط. وفي ناحية برطلِّة التي كانت حتى وقت قريب كلها تقريباً مسيحية ما عدا بعض بيوت الشبك، أصبحت اليوم أكثر من 60% شبك شيعة جعفرية, وفيها أقل من 40% مسيحيين لا غير. إن هذا الوضع يعبر عن عمليات تغيير سكاني (ديموغرافي) غير مقبولة على وفق الدستور العراقي لعام 2005 وغير مقبولة دولياً على وفق اللوائح الدولية للأمم المتحدة ولوائح حقوق الإنسان وحقوق الجماعات الدينية والقومية." وبتاريخ 23 تموز 2013 تشكلت المحكمة الاتحادية برئاسة القاضي مدحت المحمود وأصدرت قرارا مهما يقضي بعدم تغيير ديموغرافية المناطق التي تسكنها الأقليات العرقية والأثنية ومنعت المحكمة بأي شكل من الأشكال تغير ديموغرافيتها وعدم توزيع الأراضي وتمليكها على الآخرين وان قرار المحكمة جاء تفسيرا للمادة (23/ثالثاً/ب) من الدستور العراقي.

   وإلى القراء والقارئات الكرام نص القرار:

   " تشكلت المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 23/7/2013 برئاسة القاضي السيد مدحت المحمود وعضوية كل من السادة القضاة فاروق محمد السامي وجعفر ناصر حسين وأكرم طه محمد وأكرم احمد بابان ومحمد صائب النقشبندي وعبود صالح التميمي وميخائيل شمشون قس كوركيس وحسين أبو التمن المأذونين بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي: الطلب :

   طلب مجلس النواب العراقي بموجب كتابه الديوان / الدائرة البرلمانية /شؤون الأعضاء / المرقم (1/9/4901) في 2/7/2013 من المحكمة الاتحادية العليا تفسير المادة (23/ثالثاً / ب) من الدستور العراقي أدناه ونصه الآتي :

   تحية طيبة :

   (لاتخاذ الإجراءات اللازمة لغرض إعلام مجلس النواب تفسير المادة (23/ثالثاً/ب) من الدستور التي تنص على أن يحضر التملك لأغراض التغيير السكاني ) فيما يتعلق بالنقاط التالية :

   1- المكان : ما هو الحيز المكاني الذي يشمله التغيير السكاني على مستوى المدن والقرى ذات الخصوصية والكثافة السكانية التاريخية ؟ أم يتعدى ذلك ؟

   2- المدة : أليس بالضرورة إن ما يحدث كثيرة تغييراً سكانياً في منطقة ذات خصوصية قومية أو أثنية أو دينية فأن قليله يمنع ؟ فليس بالضرورة أن يحصل التغيير السكاني مرة واحدة ولكن قد يحصل على مراحل عدة وبأعداد مختلفة .

   3- التملك : إن مفردة التملك الواردة في المادة الدستورية , تعني توزيع الدولة للأراضي والوحدات السكنية وعمليات البيع والشراء بين المواطنين لاستملاك أراضي والوحدات السكنية لصالح المواطنين من خارج الوحدة الإدارية ذات الخصوصية المغايرة والتي تحدث باستمرارها تغييراً سكانياً . مع التقدير :

   القرار :

   لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان المادة (23/ثالثاً / ب) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والتي تنص على (يحضر التملك لأغراض التغيير السكاني) ويعني ذلك ان الدستور العراقي حظر تمليك أو تملك الأشخاص أفرادا أو جماعات للعقارات بكل أجناسها وأنواعها وفي أي مكان من أرجاء العراق سواء كان ذلك على مستوى القرية أو الناحية أو القضاء أو المحافظة وبأي وسيلة من وسائل التمليك أو التملك وذلك إذا كان وراء ذلك التمليك أو التملك هدف أو غاية التغيير السكاني وخصوصياته القومية والأثنية أو الدينية أو المذهبية , حيث نص ان المادة (23/ثالثاً/ب) من الدستور ورد مطلقاً في حكمه وهادفاً مع النصوص الدستورية الأخرى في الحفاظ على الهوية السكانية بمناطقها الجغرافية في العراق القومية منها والاثنية والدينية والمذهبية وما شكل مقيداً لنص المادة (23/ثالثا/ أ) من الدستور التي أجازت للعراقي تملك العقار في أي مكان في العراق, لان نص المادة (23/ثالثاً /ب) من الدستور ورد بعد نص المادة (23/ثالثاً/أ) من الدستور من حيث الترتيب التدويني ولأنه كما تقدم ورد بصيغة المطلق والمطلق يجري على إطلاقه وصدر القرار بالاتفاق في 23/7/2013". [راجع: موقع بحزاني. بتاريخ 16/11/2015]. راجع الملحق في نهاية المقال ويتضمن نص القرار.

   ولكن الاتهام موجه اليوم إلى إقليم كردستان العراق بممارسة ما مورس قبل ذاك ضد الكًرد وهو ما تذَّكر به اللجنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمم المتحدة بتعليقها رقم 7 لعام 1997. فالتغيير الديموغرافي طال قرية ميزي التابعة لقضاء العمادية والعديد من قرى قضاء عقرة وقضاء زاخو كقرية قرولا وغيرها، كما حصل تجاوز على بساتين وأملاك وقرى المسيحيين في سنهل نينوى في قضائي الحمدانية وتلكيف والقرى التابعة لها، وحصل مثل هذا التجاوز في محافظة دهوك أيضاً.

   إن محنة المسيحيين العراقيين في أعقاب ما حصل لهم بالموصل كبيرة جداً ولا يجوز للحكومة العراقية أو حكومة إقليك كردستان العراق تحميلهم المزيد من المحن والكوارث بخسارتهم لدورهم ومناطق سكناهم عبر عمليات تغيير ديموغرافي هادفة وغير مشروعة. إن ما يجري اليوم مخالف لكل الأعراف والدستور العراقي والقوانين الدولية، ولهذا أطالب رئاسة إقليم كردستان التي أوعدتنا بمعالجة هذا الموضوع حين سلمنا السيد رئيس الإقليم مجموعة كبيرة من تلك الوثائق التي تثبت عمليات التغيير الديموغرافي غير الشرعية في يوم 25/11/2013 وبحضور وفد كبير من أعضاء مؤتمر أصدقاء برطلة، وكذلك المطالبة موصولة لحكومة الإقليم والبرلمان والحكومة العراقية. ونأمل أن تعالج هذه المسالة لصالح التعاون والتضامن والتآخي بين أتباع جميع القوميات بالعراق.

   الملحق 1: نص قرار المحكمة الاتحادية بشأن التغيير الديموغرافي

   الملحق رقم 2: نص قرار اللجنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة بشأن التغيير الدجيموغرافي لمناطق المسيحيين في إقليم كردستان العراق

   United Nations E /C.12/IRQ/CO/4

   Economic and Social Council

   Distr.: General 27 October 2015

   13.

   The Committee is concerned about the persistence of land disputes between

   Assyrians and the Kurdistan Regional Government, and that lands belonging to Assyrians were frequently expropriated for investment purposes. The Committee is also concerned that judicial decisions to return such lands to

   Assyrians were not systematically enforced (art.1).

   14.

   The Committee recommends that the State party take measures to resolve land

   disputes between Assyrians and Kurdistan Regional Government, and put an end to illegal expropriation of Assyrian lands without compensation or the provision of

   alternative accommodation. It also calls on the State party to ensure that judicial

   decisions ordering the return of lands to Assyrians are enforced. The Committee

   draws the State party’s attention to its general comment No. 7 (1997) on forced

   evictions

   .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 18-11-2015     عدد القراء :  3309       عدد التعليقات : 0