الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
القوات الأمنية وإرث الدكتاتورية البغيض

عكست سلوكيات العناصر الأمنية التي تعرضت للمتظاهرين السلميين باطلاق النار في يوم الجمعة 6/11/201، واستخدام شتى أنواع العنف الجسدي كالركل والهراوات، والإفراط في العنف اللفظي كالتهديد بالقتل والتصفية، الى جانب الشتم وإطلاق ألفاظ نابية يعف اللسان عن ذكرها في يوم الثلاثاء 17/11/2015، عكس هذا وذاك الى جانب الاستفزازات المستمرة للمحتجين، والتحرش المعيب بالنساء المتظاهرات، حقيقة عدم معرفة هذه القوات بالدستور وحقوق المواطن التي ينص عليها، ولم يستمعوا الى محاضرة واحدة للتدريب على حقوق الإنسان والتعرف عليها، وبدا ان كل خزينهم المعرفي والمهني موروث من مدرستين، لم تكن بينها مدرسة حقوق الإنسان واحترام المواطن وتأمين حقه الأساس في التعبير والاحتجاج.

المدرسة الأولى التي ينهلون منها هي مدرسة حقبة الدكتاتورية والاستبداد، حيث كان يتركز واجب القوات الأمنية على حماية الدكتاتور وأعوانه، ولا قيمة للمواطن في زمن الدكتاتورية كما هو معروف. ويبدو ان هذه المدرسة بعناصرها التي اقترفت الإجرام بحق الشعب العراقي تسللت الى مراكز مهمة بالأجهزة الأمنية، حيث وجدت مكانها في الطائفية المقيتة. فمن دخل بيت الطائفية آمن ولا يطوله العقاب والمساءلة. وجدت المراتب التي كانت عوناً للدكتاتور في قمعه للشعب نفسها في مواقع حساسة بالأجهزة الأمنية، فصار همها إثبات ولائها لسادتها الجدد في النظام الجديد، مستخدمة كل أدوات التملق والخنوع للمتنفذ، وفي مقدمتها قهر المواطن ومحاولة اذلاله.

ينسى المتنفذ ان هذه الاجهزة هي أول من انهار ولم يدافع عن النظام السابق ساعة واحدة، فالجلاد لا مبدأ له، ولا أخلاق.

اما المدرسة الثانية فهي مدرسة الاحتلال الامريكي، اذ ما زالت الذاكرة تحفظ السلوكيات العدوانية لجيش الاحتلال تجاه المواطنين. فالمواطن في عرف جنود الاحتلال مجرمون حتى يثبتوا العكس، وجل تعاملهم ينطلق من سلوكيات عدوانية فجة وسافرة. وللأسف تسلل هذا السلوك الذي يتنافى مع المواطنة وحقوقها، الى العقليات الأمنية، فتجدها متوجسة حذرة من أبناء الشعب، لان الشعب في مفهومها ليس سيد السلطات ومصدرها، انما هو مصدر ازعاج لها.

لذا لا غرابة في ان تنظر القوات الأمنية للمتظاهرين كأعداء ومخربين، وان يتركز همها على تجنب وهم اعتداءاتهم، بينما يكمن واجبها الاساسي في تأمين مساحة كافية للاحتجاج، وحماية المتظاهرين باعتبارهم مواطنين يؤدون واجبا وطنيا حساسا، معبرين عن تطلعاتهم إلى إصلاح النظام وتخليصه من المحاصصة والفساد وتحويله إلى اعتماد المواطنة، والعمل على تأمين الخدمات للشعب.

ومع كل التصرفات المنافية لحقوق الإنسان التي يمارسها عدد غير قليل من منتسبي القوات الامنية، ورغم الاعتداءات المتكررة والملاحقات والانتهاكات لحق التظاهر والمنصوص في الدستور، حافظ المتظاهرون على سلمية المظاهرة، ونجحوا في تجنيبها العنف، الذي كان بعض المسؤولين الأمنيين يحاولون جر المتظاهرين اليه.

ويبدو ان سلمية المظاهرات أقلقت حيتان الفساد الذين باءت كل محاولاتهم لاضعاف زخم المظاهرات السلمية الى الفشل، وبقيت المظاهرات تحتفظ بقوتها النابعة من قوة المطالب ومشروعيتها.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 18-11-2015     عدد القراء :  3327       عدد التعليقات : 0