الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مباديء التسامح كسلعة للاستهلاك !

ما ان اختتمت احتفالية الامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتسامح يوم الاثنين الماضي 16/11 بحضور جمع واسع من السياسيين العراقيين المنغمسين بنهج التنافر الطائفي والقومي, وبخطاب رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري حتى شهدنا في اليوم التالي له خرق فاضح لكل ما جاء بخطابه ولهذه المباديء السامية, ولحرية الرأي والتعبيرالمقرة دستورياً امام مداخل المنطقة الخضراء ومقابل بوابات مجلس النواب العراقي, حيث تعرض المتظاهرين المدنيين السلميين ضد الفساد والفاسدين الى الضرب والسب المقذع ثم الاعتقال والتعذيب ومحاولات انتزاع تعهدات منهم بعدم التظاهر والتنازل عن حقوقهم الدستورية المكفولة لكل مواطن عراقي.

ورغم عدم تعويلنا على هذه الاحتفاليات البروتوكولية الشكلية ذات الصبغة الاعلامية ومعرفتنا بطبيعتها الاستعراضية, فانها كمبادرة دولية ينبغي ان تلزم المشاركين بها على الاقل بما صرحوا به من آراء اذا لم تستطع الزامهم بمبادئها الانسانية, لاسيما وان اغلب الوجوه العراقية المشاركة تمثل قوى المحاصصة الطائفية - العرقية الحاكمة التي تتناقض مبادئها وتوجهاتها السياسية مع مباديء التسامح. فهي ذاتها التي صوتت على المادة 26 السيئة الصيت من قانون البطاقة الوطنية التي تسلب حق تمسك المواطن العراقي الغير المسلم بدينه. وهي ذات القوى التي تقاتلت في مدينة طوزخرماتو لفرض امر واقع عليها رغم طبيعة المدينة الدينية والاثنية التعددية. وهي ذات القوى التي تحاول فرض صبغة فئوية على مدينة سنجار المحررة من ربقة داعش الارهابي ومصادرة دور القوى الاخرى المشاركة في عملية تحريرها وانتماءها العراقي. وهذا غيض من فيض.

واذا كانت مباديء التسامح تعني الاعتراف بالآخر المختلف في العرق واللون والجنس والاعتقاد... والتركيز على المشتركات الانسانية بين البشر ثم التعايش والسماح بتلاقح القيم, فأنها تشترط القبول بالتعددية واحترام الاختلاف والمساواة في الحقوق والواجبات في اطار نظام ديمقراطي بعدالة اجتماعية يضمن تكافؤ الفرص لجميع افراده بدون تمييز.

ولكي تنتفي ان تكون هذه المباديء مجرد سلعة للاستهلاك, ينبغي تجسيدها عملياً بالقيام: بمراجعة عامة للأسس العامة التي قام عليها نظام الدولة والتخلي عن نهج المحاصصة واعتماد نظام تربوي تعليمي انساني ديمقراطي يشمل كل المستويات الدراسية. اطلاق حرية منظمات المجتمع المدني والمؤسسات والفعاليات الثقافية والرياضية... تبني سياسة اعلامية متنورة اساسها حرية الفكر وحق التعبير.اعتماد الاسس والآليات والطرق الحديثة في النظام الاداري لمؤسسات الدولة وتطبيق قانون مجلس الخدمة العامة الذي يضمن تكافؤ الفرص بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية التحاصصية ثم سن حزمة من القوانين التي تكرس الوحدة الوطنية مثل قوانين العفو والمصالحة الوطنية وتطبيق الخدمة الالزامية في القوات المسلحة والغاء التشكيلات المسلحة خارج اطارها مع ايلاء الاهتمام الخاص باصدار القوانين التي تجرم العنف الفردي والجماعي لاي سبب كان.

- " ارفعوا سيوفكم عن رقابنا

.... واتركوا لنا فرصة بناء وطن تنام الشمس آمنة في نخيله/ للشاعر موفق محمد

i

  كتب بتأريخ :  الخميس 19-11-2015     عدد القراء :  3714       عدد التعليقات : 0