الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
البيئة العراقية، خسارة اخرى لفرصة نادرة

اتفق رؤساء أكثر من مئة وخمسون دولة وحكومة مجتمعين في باريس على ضرورة التوصل لاتفاقية شاملة قوية مؤثرة لمعالجة تغيرات المناخ. مشيرون الى أن مستقبل شعوب العالم ومستقبل كوكبنا هو بين ايدينا اليوم، وليس هناك مجال للتردد او طرح حلول ناقصة او تدريجية، واتفقوا ان هذا المؤتمر البيئي بالغ الاهمية لمستقبل كوكبنا الارض وليس هناك مجال للتأخير.

ولدعم هذا المؤتمر البيئي نُظمت عشرات المسيرات والتظاهرات في الكثير من عواصم العالم مُطالبة باتخاذ اجراءات فعالة وحاسمة للتصدي لتغيّرات المناخ والبحث عن مبادرات وحلول جدية لإيقاف وعكس ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث البيئة.

ويحذر عدد من الاختصاصيين والخبراء البيئيين من أن الاختلال المناخي سيسهم في تفاقم الأزمات والنزاعات، وسوف يؤثر على الأمن الغذائي والصحي والمائي للدول، وهذه عوامل قوية للاحتجاج والاضطرابات سببها انحسار الاراضي الزراعية وانتقال سكان الارياف للمدن وما ينتج عنه من تغيرات ديموغرافية، وهناك دول ضعيفة قد لا تكون قادرة على تلبية الحاجات الحيوية لشعوبها. وقد تنشب نزاعات أيضًا حول الموارد المائية بين الدول التي تتقاسم أحواض الأنهار.

ان تدني المستويات البيئية في العالم لن تخدم البشرية وشعوب العالم على المدى البعيد. فبالإضافة الي الاحتباس الحراري الذي يسببه بالدرجة الاولى الاستغلال الغير مبرمج والجَشع للطاقة العضوية، فإن شحة المياه وظاهرة التصحر وتقلص المساحات الخضراء يشكل جزأ كبيرا من المشاكل البيئية التي تعاني منها البلدان المختلفة. وقد تقود الى صراعات بين الدول المجاورة للحفاظ على هذه الثروات كما نرى فيما يحدث في حوض النيل بين مصر واثيوبيا والسودان وفي منابع دجلة والفرات بين تركيا وإيران وسوريا والعراق.

اما بالنسبة للعراق، فقد جاءت المشاركة الخجولة في هذه المؤتمر العالمي مخيبة للآمال. فقد شارك العراق سياسيا فقط وبحضور رئيس الجمهورية، بالرغم من أن المؤتمر انعقد على أمل التوصل إلى "اتفاق تاريخي" للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، والحفاظ على الأراضي الرطبة، وهي مُناسبة كان العراق أحوج ما يكون لها من أجل كسب الدعم لتحسين بيئته المنهكة وإنعاش الأهوار التي يهددها الجفاف.

لقد كان على العراق المشاركة الجادة وبمستويات رفيعة وبمجموعة من الاختصاصيين البيئيين في هذا المؤتمر الدولي الذي سيناقش مسألة البيئة والمياه، لتسليط الاضواء على ازماته البيئية.

إن تحديد الحصص المائية لكل دولة من دول الجوار العراقي اصبحت ضرورة لا يمكن السكوت عنها. فالكثير من دول العالم لا علم لديها بالصعوبات المائية التي تواجه العراق باعتباره بلد النهرين العظيمين.

على العراق ان يستمر في شرح معاناته امام المحافل الدولية ويسلط الاضواء على شحة المياه، والتصحر والتغير المناخي بسبب إنشاء السدود التركية والسورية، وتغير مجاري الأنهار من قبل إيران وتركيا وسوريا والتي أدت الى انخفاض حصة العراق المائية الى اقل من النصف مما كانت عليه في السابق. لأن هذه التجاوزات الاقليمية لها تأثير مدمر على العراق والامن الغذائي العراقي ومياه الشرب والصناعة والزراعة وباقي مرافق الحياة.

إن العراق يخوض حربا شعواء ضد الارهاب تُستعمل فيها كل الوسائل الممكنة من قبل الارهابيين لتدمير البنية التحتية للمدن المحتلة والعراق بشكل عام، وتستعمل المياه والسدود العراقية كسلاح في هذه الحرب الزراعية الاقتصادية. وهذه المؤتمرات الدولية توفر الكثير من الفرص من أجل أن يعرض العراق تأثير الحروب على المناخ والبيئة.

إن التدمير شبه الكامل للأهوار العراقية في ظل النظام السابق كان كارثة إنسانية وبيئية كبرى لايزال العراق والمنطقة تعاني من انعكاساتها الايكولوجية لحد الان، وهذا وحده كان يمكن ان يكون مُطالبة عراقية اساسية لإعادة الحياة لهذه المسطحات المائية المهمة بمساعدة دولية.

كان المفروض أن يكون للعراق دورا ومشاركة أكبر في هذا المؤتمر البيئي التاريخي من اجل الحصول على الدعم والمساعدات الدولية لحل ازماتنا البيئية، وكان الممكن في أضعف الايمان مساعدتنا في تخفيض بصمتنا الكربونية الناتجة عن حرق وتبذير مئات الملايين من الاقدام المكعبة من الغاز الطبيعي يومياً والتي تساهم في زيادة الاحتباس الحراري في المنطقة والعالم، وتبذر مدخول اقتصادي كبير للعراق.

ان الحضور البروتوكولي لرئيس الجمهورية دون مشاركة اختصاصيين عراقيين من وزارة الصحة والبيئة وأكاديميين وباحثين بقضايا البيئة، يدل على استمرار التخبط وعدم التخطيط المستمر في الدولة العراقية، وخسارة اخرى لفرصة نادرة فاتت على العراق والعراقيين... وما اكثرها.

نبيل رومايا

30 تشرين الثاني 2015

  كتب بتأريخ :  الإثنين 30-11-2015     عدد القراء :  5430       عدد التعليقات : 18

 
   
 

سعيد شامايا

شكرا لصوتك الاتساني العزيز رومايا هو لكل العالم قبل أن يكون وطنيا، ابليت في رفعه صرخة موفقة واضحة تثير حتى من لا يفهم موضوعك واهميته.
على كل انسان وبالذات على ابن العراق الحائر والمغبون من كل الجهات والاكثر ضرورة ان يفهم ابن شعبنا واخوته من غير الاسلام والقوميين العرب. مطلوب أن يقرأه ويتفاعل معه كل من يملك حسا انسانيا. ولكن المؤلم أن أرى اخوتي واصدقائنا الذين ذكرتهم مغيبون يتهافتون الى نقاشات وحوارات ربما لا تاثير لها على الهدف البعيد من كتابتها. عذرا لاخوتي لست داعيا لاهمال قضايانا القومية والدينية ولكن الى جانبها ادخلوا القضايا الانسانية والوطنية الاوسع الى جانب قضايانا، قودوا اليها جمهوركم وقارئيكم، مؤلم ان نلاحظ أن من يقرأ استاذ كبيرا يطرح قضيتنا الوطنية والقومية بالنسبة لنا، لا يقراها اكثر من عشرات وبالكاد مئات متواضعة، بينما تلك الحوارات والمداخلات التي حتى إن كانت شخصية ترتفع الى عشرات المشاركين وبالاف القارئين وفائدتها او ضررها لايتعدى ساعة قراءتها بالنسبة للمتفرج. هلموا ايها الاخوة واخرجو من قوقعتنا الغير مهمة الى ساحتنا كمظلومين عالميا الى المؤتمرات والمساهمات التي تفرض وحودنا ومشاركتنا الى العالم رغم اوضاعنا الخاصة الفاسية المفروضة قسرا علينا. هلموا واقرأوا هذا المقال واهميته المصيرية على وجود الانسانية. لندخل الساحة الوطنية والاقليمية وتأثير الابعدين القادمين عبر المحيطات ايضا من هم حولنا ومخطتاتهم التي ترسم مستقبلنا او يتاجروا بنا. حاوروهم وثقفوا ابن العراق من غير قومكم ليكون معنيا بقضيتكم لانها قي الحقيقة هي قضيته ايضا مادامت جروح وطنية تنزف من ابناء الشعب المقهور.
شكرا لجهودك لانها صارت دراسة لان مثلها تنبه المجتمعات من أجل مستقبل انساننا وارضه المهددة دوما.
سعيد شامايا


عدنان ادم

تحياتنا سيد نبيل
الملاحظة الجميلة هذة لحضناها نحن أيضاً وشكرا لك علئ ذكرها ،وتسألنا لماذا مشاركة رمزية فقط من جانب العراق ولكن حصلنا علئ جواب ان حكومة العراق لا تهتم بمواضيع مهمة جداً بل تهمها كيفية إنجاح خطة الامنية للأربعينية الحسين ومثال علئ عدم الاهتمام من الحكومة هي دمجها لوزارة مهمة مثل وزارة البيئة ووزارة العلوم والتكنولوجيا ،،
تحياتي


عماد الجنابي

على الرغم من انني غير متخصص بالجانب البيئي ، لكني اجزم ان الذين ذهبوا الى المؤتمر ليس لهم ادنى فكرة عن موضوعة المؤتمر بل لا يعرفوا اجندات المؤتمر ، ومع الاسف ضاعت على العراق فرصة نادرة لتحسين بيئته المتهالكة وتداعياتها الاقتصادية الخطيرة ، ماذا نقول .. مسكين ياعراق .


طلعت ميشو

عزيزي الصدبق نبيل رومايا .. تحية
لا أعتقد أن حكومات العمامة الذين يتوالون على تدمير العراق يهمهم من قريب أو بعيد مشاكل الأنهار والماء والتصحر والبطيخ !!، هؤلاء الناس مُسيرين كما الآلة من قبل دول وحكومات ومؤسسات غير عراقية، وأظن أن الكل بدأ يعي ذلك، لذلك فلا حياة لمن تنادي، الكل يبحث عن مدى فائدته الشخصية، وحتى الشعب العراقي يبدو أنه إستطعم الذل والمسخرة والعبودية بعد أن تم تخديره دينياً وقومياً وطائفياً وعشائرياً بحيث نرى أشد المعارضين يموع ويُتختخ وهو بين أحضان السيد أو المعمم أو الخزعبلاتي، فلا فرق بين كل هؤلاء .
العراق بإنتظار معجزة أرضية لا أعتقد أنها ستحدث، لإنها بحاجة لرجال أشداء مخلصين وغيورين وعراقيين أصلاء وليسوا من عراقيي (( دك النجف )) أو (( يُمة نتلني الأوتي .. صوجي لعبت إبوايرة )) هههههههههههه !!.
أعتقد زمن المعجزات قد ولى، ونحنُ في زمن العمامة والتدليس وسيد خوصة !!!!!.
جزيل إحترامي للعراقيين القلة المخلصين .
طلعت ميشو


د.سليم ايشوst

تحياتي أبو تميم
للمقال أبعاد ومعاني سياسية وأقتصادية كبيرة ,ويعكس واقع ضعف السطات العراقية للدفاع وحماية مصالح العراق والعراقيين,نتطلع الى المزيد


جميل جمعة

تسلم ابو تميم فالحكومات العراقية لاتهمها مصلحة العراق والعراقين بل همها سرقة المال العام وتجويع الشعب العراقي واهدار ثرواته التي تكفي لاعالة وبناء وتطوير جميع الدول المجاورة المجاورة وتوقير العيش الكريم لشعوبها مع تحياتي


ليلى وجيه عبد الغني

تحليل جميل لكن اين اصحاب العلم و الاختصاص في العراق؟ المسؤولين ما عاد يهمهم مستقبل العراق ووضعه حقيقه مره لكنها واقع الحال.


خالد ياسر الحيدر

مقال أكثر من رائع وبمحله، أحسنت وأجدت عزيزنا أستاذ نبيل رومايا علّه هناك من يسمع ويقرأ ويخلص للعراق ويضع حد لمعاناته وكوارثه المتراكمة من حكامنا الفاشلين، مع تحياتي


علاء فائق

تشخيص رائع... سياسيون العراق يضيعون كافة الفرص لإعادة بناء العراق


خيون التميميGuest

تحياتي زميلي ابو تميم
مقال جدا رائع ومهم ووضعت اصبعك على الجرح الدامل للعراق، يعاني العراق من شحة المياه ومن سوء تصرف جيرانه، الأهوار جفت، وهي مسطحات مائية مهمة في البيئة العراقية والعالمية لكونها تساعد على تخفيف حدة الأحتباس الحراي اولا ومهمة بالنسبة للأنسان العراقي وطرق ووسائل عيشه، وحدها ايران اغلقت وحولت مجرى اكثر من ثلاثين نهرا ناهيك عما تقوم به تركيا من حبس الحصة المائية للعراق وكذلك سوريا، وفعلا كان من الجدير بالحكومة العراقية تشكيل وفد اختصاصي لا طائفي لحضور هذا المؤتمر المهم والذي مر على رئيسنا مر الكرام، دمتم بسلام


بشار سامي

مقال رائع ... عاشت ايدك ابو تميم ... المشكلة الاساسية تكمن في التجاوز على الحصص المائية و خصوصاً من الجانب التركي و يجب ان تحل هذه المشكلة بواسطة معاهدات تضمن توزيع عادل للمياه ما بين دول المنبع و دول المصب لنهري دجلة و الفرات الذين يمثلان شرياني الحياة في العراق ... بالاضافة الى موضوع الاهوار فلو كان لنا حكومة وطنية و مهنية كانت سعت الى ادراج اهوار العراق ضمن المناطق المحمية بيئياً و بهذه الحالة كان من الممكن الحصول على حصص مائية عادلة بموجب اتفاقيات مفروضة من الامم المتحدة ... تحياتي


عبدالاحد اوغسطينGuest

الاستاذ الفاضل نبيل رومايا ما ذكرته تحليلا علمياً صحيحاً في بلد يتعامل وفق المقاييس العلمية ولكن كما تعلمون هل يمتلك العراق في قياداته من يفهم العلم وأين العلماء االذين نتكلم عنهم جميعهم غادروا العراق وهل سيسمح لهم المشاركة في هكذا موءتمر كل وطن يرتقي بشعبه لا بأرضه ولكن أين الشعب


د. سمير خمورو Guest

شكرًا صديقي نبيل رومايا على هذا المقال المهم، والذي يشير بأصبع اتهام للحكومة العراقية، لانها لم تنتبه لأهمية هذا المؤتمر الذي أعدت له باريس بكل جدية وأهتمام على الصعيد السياسي ( الحكومة والمعارضة ) وجمعيات ومؤسسات شعبية مدنية تهتم بالبيئة وتدافع عنها بقوة.
ولكني أتسأل، أليست الأهوار واقعة في جنوب العراق المستتب نوعا ما من الناحية الأمنية ؟
فماذا قدمت حكومات الاحزاب الاسلامية، لهذه المنطقة خلال 12 سنة ؟!
وكلنا نعرف كمية الأموال الهائلة التي دخلت الميزانية العراقية !
وليست الأهوار وحدها تعاني من شحة المياه، بل أن الانسان العراقي لا يجد الماء العذب الصافي لاستخدامه في حياته اليومية !
هناك مشاكل عديدة يعاني منها العراق من الناحية البيئة، ومنها التصحر، والتجاوز من قبل دول الجوار على المياه التي تغذي دجلة والفرات وروافدهما، وبقايا القنابل الغير متفجرة، واليورانيوم المنضب التي يجب توعية العالم على مسؤولية اميركا تجاه هذه المشكلة البيئة والصحية التي تجابه الأجيال الحالية والقادمة، وكان يمكن اثارة هذا الموضوع أمام الرآي العام الفرنسي والعالمي لان الحضور هو على مستوى العالم .
ماذا يعرف الرئيس عن البيئة ومشاكل المناخ ؟ بالتأكيد لا شيء وليس هذا من أختصاصه، فقد كان عليه أن يضمٌ عدد من المختصين وأساتذة الجامعات المهتمين بالبيئة العراقية، الى الوفد للاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال وطلب المساعدة لحل مشاكل البيئة لدينا، وأثارة انتباه العالم لمشاكلنا البيئة.