الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ابشري

مجزرة سبايكر التي وقعت في حزيران ٢٠١٤ تركت جرحا عميقا في نفوس العراقيين جميعا ولا سيما أهالي الضحايا الذين خرجوا في تظاهرات واعتصامات صاخبة، وفي إحدى وقفاتهم تمكنوا من دخول البرلمان وطالبوه بمحاسبة القائد العام والقادة الذين سلموا سبايكر لداعش.

حينها، أشعلت إحدى الأمهات غضب المواطنين، فقد وقفت أمام رئيس البرلمان وبعض النواب، وصرخت بوجوههم: «أولادنا 1700 شاب ما لهم لا حسّ ولا خبر، وما طلع ولا نائب من النواب وكلف نفسه بالسؤال عنهم، ولا حتى رئيس الوزراء».

وأضافت في كلامها الموجه لرئيس البرلمان والنواب: «احنه جبناكم، وانتخبناكم وحطيناكم، احنه بدمنا وبعشايرنا وبشيوخنا وبأولادنا، يا برلمانيين،، 1700 مقاتل انذبحوا». وتابعت شارحة ناحبة: «يطلع قاسم عطا يگول ماكو هيچ حچي، نتصل بالاستخبارات يگولون النه امنين اتجيبون هذا الحچي».

وأكملت صراخها المدوي، والقوم كأن على رؤوسهم الطير: «البرلمان احنه جبناه، والحكومة احنه جبناها، ونريدكم تشوفون حل لأولادنا، اطونه الميت حتى ندفنه، والحي اللي بيهم انريده، وهاي شيلتي ارميها اهنا».

وبانفعال نزعت فوطتها ورمتها بوجوههم، فردّ رئيس مجلس النواب عليها بكلمة واحدة: «ابشري»، بينما بقية النواب أجهشوا في البكاء.

هذه الأم المنكوبة اتصلت قبل يومين بالزميل الإعلامي حسام الحاج، وأخبرته وهي تبكي بأنها تسلمت جثة ابنها بعد عام ونصف العام من المعاناة! وقالت لزميلنا ما نصه: (خالة شلعوا گلبي بالطب العدلي، عشرة أيام أنتظر وما انطوني ابني).

وحين سألها حسام عن السبب، أخبرته بالكارثة.

قالت ان المعنيين في «دائرة الطبابة العدلية التابعة لوزارة الدفاع» اخبروها بأنهم ينتظرون صرف التخصيصات المالية اللازمة لشراء الأعلام العراقية والتوابيت لتسليم الجثث للأهالي.

وهذا نصف الكارثة، أما الكارثة فكانت في ما أضافته:

- خالة حسام، أبشرك رحت للسوگ واشتريت العلم والتابوت من جيبي..

وسار موكب التشييع، وأم الشهيد التي بقيت بلا فوطة منذ ذلك اليوم البرلماني الأغر، غطّت شعرها بالطين، وسارت خائرة القوى وهي تبكي وتولول مناجية فلذة كبدها: يمّه المن انطيت عمرك، لذوله الغيرة سزية المچلبين بالكراسي، أويلي عليك يمّه، المن.. المن انطيت عمرك..؟

فأجابها ابنها من تابوته الحكومي المشترى على نفقته الخاصة، مترنما بقول الشاعر وفي صوته ١٧٠٠ آهة:

يمّه اجيتچ عكس جية اليحبون

جبتلچ خاطري رايد أكسره

تسأليني على عمري المن انطيه

وآنه تابوت عمري انطاچ عمره

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 10-02-2016     عدد القراء :  3075       عدد التعليقات : 0