الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
8 شباط 1963 – 2016 ..الجريمة مستمرة

   لم يكن الثامن من شباط عام 1963 مجرد إنقلاب عسكري كبقية الإنقلابات العسكرية الاخرى سواء بالعراق أو غيره من البلدان، ولم تكن نتائجه الكارثية المدمّرة كما نتائج الانقلابات العسكرية الاخرى على المدى البعيد، ولم تكن القوى المساهمة بالإنقلاب على درجة من التوافق الا أنها عادت وبعد مرور اكثر من نصف قرن لتلعب ذات الدور الكارثي في تهديد أمن وسلامة الوطن كما غيره من الإنقلابات. فالأنقلاب الفاشي لم يكن سوى سكّين لنحر ثورة تموز ومعها العراق أرضا وشعبا ولكن البعث حامل هذا السكّين لم يكن لينجح لولا دعم وأسناد قوى عديدة داخلية وإقليمية ودولية، وهذه القوى هي ذاتها التي تتصدر المشهد السياسي العراقي اليوم لتكملة المرحلة الثانية من مخطط الثامن شباط الاسود والتي نجحت فيه نجاحا باهرا.

   لقد رحل "فرسان" 8 شباط 1963 الأسود الى حيث عليهم الرحيل في التاسع من نيسان 2003 فهل تغيّر حال العراق الى الأفضل بعد أن حمّلت قوى المحاصصة الطائفية القومية اليوم حزب البعث الفاشي كل الجرائم التي أرتكبت في عهده بحق الشعب والوطن؟ أم أن الأوضاع إزدادت سوءا بعد أن أعادت قوى المحاصصة البعث من جديد الى السلطة كنهج وسلوك من جهة وسمحت نتيجة أخطائها الكارثية في أن يعود البعث الى الواجهة الرسمية من جديد بأسماء أخرى علنية من الجهة الثانية؟

   لو تتبعنا شريط الأحداث بعد الإحتلال لليوم بحيادية لرأينا سلوك البعث في إدارته للسلطة وأستهتاره بمقدّرات البلد وإهانته لشعبنا هو نفسه بعد الإحتلال ليومنا هذا. فالقوى التي تحالفت مع البعث حينها وتتقاسم معه بشكل أو بآخر صدارة المشهد السياسي اليوم لازالت تنفّذ نفس السياسة البعثية لصالح دول إقليمية ودولية، كما وأنها تشترك مع البعث في نهجه وسلوكه في معاداة شعبنا ووطننا وتمزيقه.

   إن البعث الفاشي ومنذ إنقلابه الاسود طبّق سلوكا ونهجا لإدراة الدولة يعتمد بالأساس على أستحواذ قوى وشرائح مجتمعية معينة على النسبة الأكبر من الثروة الوطنية مقابل إفقار النسبة الأعظم من جماهير الشعب، وهذا السلوك هو نفسه الذي نراه اليوم عند القوى المتحاصصة. فقوى المحاصصة كما البعث الذي أستفاد من تجربة شباط بإنقلابه الثاني في تموز من العام 1968 يديرون وجوههم الى حيث العشائرية والقبلية والمناطقية ويعملون على زرع نزعات فاشية في المجتمع بعسكرته وتثقيفه بمفاهيم الكره والحقد وقتل الاخر. وقد نجح "فرسان نيسان" فيما فشل فيه "فرسان شباط" في أن يكون العداء بين مكونات شعبنا على مستوى الشارع للأسراع في تنفيذ مخطط أمريكي يبدو أنه يعود الى سنوات أبعد بكثير من سنوات التسعينات تلك التي أعلنوا فيها صراحة على تقسيم العراق من خلال سياسة الهدف منها إضعاف دول المنطقة وتفتيتها مستقبلا.

   البعث والعروبيون والقيادة الكردية والمؤسسة الدينية الشيعية ممثّلة بالسيد محسن الحكيم وزعماء العشائر "الإقطاع" والدول الإقليمية والغربية وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الامريكية هي من تزاوجت مع بعضها زواج متعة إنتهى بعد أشهر من الانقلاب بإنفراد البعث الفاشي بالسلطة وضربه لحلفاء الأمس من الكورد والشيعة. الّا أننا نرى هذه القوى اليوم وعلى الرغم من صراعاتها الظاهرة في زواج كاثوليكي مَهرَهُ العراق وشعبه.

   فالبعث يتصدر العمل السياسي في المحافظات السنّية وهو من يقود قوى الإرهاب القادمة من كل حدب وصوب ومعها جميع أحزاب المكّون السني العروبي الطائفي لذبح أبناء شعبنا وهو المسؤول الأول عن كل الخراب الذي يحل بوطننا اليوم، ودور القيادات الكوردية في أضعاف العراق وجعل تقسيمه أمر واقع لا يحتاج في معرفته الى جهد كبير ، أما المؤسسة الدينية الشيعية الراعية للأحزاب الطائفية الشيعية فأنها لعبت قبل أن تعلن طلاقها مع السياسة بشكل مفاجيء دورا هو الأخطر في تدمير البلد.

   أن سلوك "فرسان شباط" في تحالفهم وحقدهم على شعبنا ووطننا وتدميرهما بالأمس لا يختلف كثيرا عن سلوك "فرسان نيسان" وتحالفهم تحت عنوان المحاصصة في تدمير شعبنا ووطننا اليوم. أن جريمة شباط 1963 لم تنتهي كونها لازالت تتغذى من خلال نفس القوى على ثروات ودماء شعبنا، أن الثامن من شباط سلوك وممارسة إجرامية والمتحاصصون يطبّقون سلوك البعث غير الاخلاقي وممارساته غير الوطنية والإنسانية اليوم كأفضل التلاميذ.

   أن نفق التاسع من نيسان المرعب هو إمتداد لنفق الثامن من شباط الذي جاء بالرعب والخوف ممتطيا صهوة حصان راعي البقر الأمريكي الذي رمى ويرمي رصاصات مسدسه ليزرعها في جنبات الوطن.

   لنعمل من خلال إستمرار تظاهرات شعبنا وتحويلها الى إعتصامات في مدنه كافّة الى فتح كوّة في هذا النفق ينفذ منه ضوء الشمس الى حيث كرامتنا وكرامة شعبنا ولنقبر والى الأبد ممارسات وسلوك الثامن من شباط الذي أستمر اكثر من نصف قرن.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 10-02-2016     عدد القراء :  3555       عدد التعليقات : 0