الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
علاوي.. وجثة جلال الأوقاتي !!
بقلم : فالح حسون الدراجي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

جلال الأوقاتي مفخرة عراقية جديرة بالاحترام والتقدير والاهتمام، اغتاله البعثيون في صبيحة الثامن من شباط الأسود عام 1963، ولأهمية الرجل العسكرية، جعل الانقلابيون من لحظة اغتياله، ونجاحهم في تصفيته، ساعة الصفر في الشروع بالانقلاب...

ولو كان البعثيون قد فشلوا في اغتياله لما نجح الانقلاب الأسود، بل ولما قاموا به اصلاً !!

ولمن لا يعرف الشهيد الأوقاتي.. أقول:

هو زعيم الجو (وتعني العميد الطيار) جلال الأوقاتي، الذي يعتبر واحداً من أفضل الطيارين في الشرق الاوسط.. بل يعد طياراً مميزاً حتى بين صقور الجو الروس والانجليز والامريكيين، ولديَ شهادات مسجلة نشرت في سنوات سابقة أدلى بها طيارون روس، يشيدون فيها بقدرات الطيار جلال الأوقاتي، وامكاناته الجوية المميزة. لذلك لم يكن الأمر غريباً حين اختاره الزعيم الشهيد عبدالكريم قاسم قائداً للقوة الجوية العراقية طيلة فترة حكمه التي امتدت لأربع سنوات وسبعة أشهر.. لا سيما وأن الشهيد الأوقاتي كان بارعاً في قيادة جميع أنواع الطائرات الحربية والعسكرية. ولو لم يكن بارعاً، ومقتدراً، ووطنياً، وخطيراً على مخططاتهم، لما اختار رأسه البعثيون كأول هدف من أهدافهم الشريرة، فهم يعرفون جيداً أن وجوده حياً سيفشل انقلابهم لامحال، حتى لو تطلب الأمر أن يخرج عليهم لوحده في الجو.

ويقال أن الطيارين البعثيين فهد السعدون ومنذر الونداوي ما كانا سيشاركان بطائرتيهما في الانقلاب، لو لم يتأكدا تماماً من استشهاد الطيار الاوقاتي، لأنهما كانا يعرفان أي طيار عظيم هو جلال الأوقاتي. ولعل السبب الأهم الذي يجعل هذا البطل خالداً في قلوب العراقيين النجباء، هو ما يملكه من وطنية عراقية كبيرة، وإخلاص مهني لا مثيل له..

ولعل التضحية، والشجاعة الفذة التي ابداها الشهيد جلال في صبيحة الثامن من شباط هي حديث الناس حتى هذه اللحظة، لاسيما حين خرج من السيارة التي كان يستقلها، وتقدم مترجلاً نحو القتلة الذين جاءوا لاغتياله وهو يصرخ فيهم: (فاشست.. جبناء).

لقد كان الشهيد يسعى لأن تكون معركته معهم بعيداً عن سيارته التي أبقى فيها ولده الصغير (علي)، مضحياً بنفسه من أجل أن لا تصيب رصاصات المجرمين التي ستنطلق نحوه من فوهات الغدارات التي كان يحملها البعثيون طفله الصغير!! وهكذا استشهد جلال الاوقاتي، ونجا ولده (علي) من الموت. وزبدة المقال، أن هذا البطل الذي قتل في صبيحة الثامن من شباط، نقل ساعتها الى الطب العدلي في منطقة باب المعظم من قبل شقيقه المرحوم أنور الأوقاتي، لكن أوباش الحرس القومي اعتقلوا شقيقه أنور، وأخذوا جثة الشهيد منه. والمؤلم أن الجثة اختفت منذ ذلك اليوم حتى هذه اللحظة، ما جعل ولده (جعفر جلال الاوقاتي) يوجه نداءً إنسانياً الى الدكتور اياد علاوي، الذي كان وقتها أحد أفراد الحرس القومي في منطقة الاعظمية، بل كان مسؤولاً عن عموم قاطع الحرس البعثي هناك، حيث يرجوه فيه مساعدته بالعثور على قبر والده، فربما يتذكر علاوي مكان دفنه، أو يعرف الشخص الذي قام بدفنه، أو يفيد في معلومة تدل على قبر جلال الأوقاتي. خاصة وإن الشهيد جلال لم يكن شخصاً عادياً يقتله البعثيون مع آلاف القتلى، ويمضون.. إنما كان شخصاً مهماً جداً، ولأهميته، وضع البعثيون خطة الانقلاب على نجاحهم بتصفيته..

إن نداء الأستاذ جعفر جلال الاوقاتي -الذي عرضه من القناة الفضائية العربية، وهو يناشد فيه علاوي بمساعدته في العثور على قبر والده الشهيد- احالني الى التفكير ملياً بقسوة البعثيين، وغلاظة قلوبهم، لاسيما وهم يمتنعون حتى عن الإرشاد على قبور ضحاياهم، الذين ظلوا بلا قبور ولا شواهد..

ولا أعرف ماالذي سيضر أياد علاوي لو استجاب لهذا النداء الإنساني المؤلم، وقدَّم ولو معلومة بسيطة لعائلة الزعيم الأوقاتي، خاصة وأن علاوي -كما أسلفت- كان مسؤولاً عن الحرس القومي البعثي في منطقة الاعظمية، حيث تقع بناية الطب العدلي ضمن مسؤوليته.

وبين جرائم البعثيين الرهيبة، وقتلهم عشرات الالاف من العراقيين النجباء، واضاعة جثثهم عمداً، كما حصل مع جثث الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، والشهيد جلال الأوقاتي، والشهيد سلام عادل، وآلاف الجثث الأخرى، وبين متابعتي لمناقشة مجلس النواب العراقي هذه الأيام لقانون حظر حزب البعث، ورؤيتي لبعض النواب (الشرفاء)، وهم يدافعون بصلافة عن هذا الحزب المجرم، حضر في خاطري سؤال كنت أبحث له عن جواب شاف، والسؤال هو:- من أين تأتي كل هذه النذالة، والصفاقة لهؤلاء السياسيين العراقيين؟

لكني الآن فقط عرفت سبب هذه النذالة، حين شاهدت جعفر جلال الأوقاتي، فاكتشفت أن السبب يكمن في منبع الجماعة العفن، وفي تاريخهم الدوني

  كتب بتأريخ :  الجمعة 12-02-2016     عدد القراء :  3987       عدد التعليقات : 0