الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لِنكُنْ حائطاً لظهر النزاهة

ما كان منتظراً أو متوقعاً أن يكون للفاسدين والمفسدين، كباراً وصغاراً، موقف آخر غير محاولة التشويش والسعي لخلط الأوراق، والتحامل على هيئة النزاهة والتدخل في شؤونها، لتحديد ما يجب أن تقوم به وما لا ينبغي لها القيام به، بعدما قرّ قرارها أخيراً على أن تكون مؤسسة لمكافحة الفساد الإداري والمالي، كما يُلزمها قانونها وكما يريد 99.99 بالمئة من العراقيات والعراقيين المدمّرة حياتهم بسبب هذا الفساد.

الدستور أعطى حصانة قوية لهيئة النزاهة بجعلها من الهيئات المستقلة الخاضعة لرقابة مجلس النواب. وهي بهذا سيدة نفسها، كما الحكومة مثلاً، والجهة الوحيدة المسموح لها بمراقبة عملها وتقرير مصيرها هي البرلمان، وليس أيّ جهة أخرى أو أيّ شخص مهما علا مقامه، فما بالكم بذوي المقامات الدنيا، وبخاصة المتّهمين بالفساد!

الهيئة تتعرض الآن إلى حملة من المُهدَّدين بكشف ملفّاتهم القذرة ممن استحوذوا على مليارات الدولارات من المال العام والخاص، ما أدى إلى الانهيار المالي المُنذر بزعزعة كيان دولتنا ومجتمعنا. ولأنّ ظهر الهيئة مكشوف، بسبب سماح الحكومات المتعاقبة بتطاولها وغيرها على الهيئة وسائر الهيئات "المستقلة"، وعلى أعمالها واختصاصاتها، فقد لجأت (الهيئة) في الأيام الثلاثة الأخيرة إلى الاستغاثة، طالبة العون والإسناد من الإعلام الوطني ومرجعية النجف وجميع "الوطنيين الحقيقيين"، في سبيل التصدّي لـ "المؤامرات والألاعيب من قبل المفسدين ومنظوماتهم التي بدأت تتحرَّك في الخفاء، للنيل من عزيمتِها (الهيئة)، محاوِلة ثنيَها عن متابعة خطواتها الواثقة لكشفِ المفسدين وفضح المتلاعبين بقوت الشعب وأموال الفقراء، وتسليط ضوء الحقيقة ونور النزاهة على عتمةِ كهوفِهم الحالكة".

أظنّ أنّها المرّة الأولى في تاريخ هذه الهيئة نشعر بأنّ المسؤولين عنها قد وضعوها على الطريقة المؤدية إلى ما يطمح إليه الشعب العراقي بوضع حدّ للاستهتار السافر من جانب كبار الفاسدين والمفسدين الذين هم من كبار المسؤولين في الدولة ومن المحيطين بهم من مافيات وعصابات، وتقديمهم إلى القضاء واستعادة الثروات التي نهبوها ظلماً وعدواناً.

 الإعلام الوطني ومرجعية النجف وسائر المؤسسات السياسية والمجتمعية الوطنية وجميع الوطنيين الحقيقيين، هم الآن بإزاء مهمة وطنية من طراز رفيع .. انتصار هيئة النزاهة في معركتها مع قوى الفساد هو انتصار لإرادة الشعب .. قوى الفساد قوية للغاية .. قوية بمئات المليارات التي نهبتها، وقوية بمواقعها في الدولة، وهيئة النزاهة لا تقوى وحدها على ردّ ما يُحاك ضدّها، بيد أنها يمكن أن تغدو كليّة الجبروت بالدعم الشعبي الواسع والمتواصل لها.

الحراك الشعبي المستمرّ منذ سبعة أشهر يمكنه أن يقدّم إسناداً مُعتبراً لهيئة النزاهة بإعلان الدعم والتأييد لها في تظاهرات يوم غد في ساحات التحرير، وفي تظاهرات الأسابيع المقبلة.

ليكن أحد الشعارات المرفوعة غداً وكل أسبوع، مخصصاً لإسناد هيئة النزاهة بما لا يترك ظهرها مكشوفاً للفاسدين والمفسدين.  

  كتب بتأريخ :  الخميس 25-02-2016     عدد القراء :  2385       عدد التعليقات : 0