الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
خطة البعثيين للتسلل الى السلطة في العراق

بعد نجاح النظام الصدامي بقمع انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 كلف المجرم صدام  ابنه  عدي بتشكيل لجنة موسعة تضم ممثلين عن كافة الاجهزة الامنية والحزبية لدراسة امرين : الاول دراسة اسباب ( الغفلة) اي الاسباب التي مكنت ابناء الشعب من كسر حاجز الخوف ودحر الاجهزة الامنية والحزبية رغم قوتها وانتشارها في كل شبر من ارض العراق . والامر الثاني استخلاص دروس اندلاع الانتفاضة الاذارية ووضع الخطط الكفيلة لمنع اي تحرك شعبي في حال تعرض النظام الى ظرف يشبه ظرف عام 1991 وكيفية السيطرة على اي تحرك جماهيري في حال اندلاعه..

ورغم سعة المشاركة الشعبية في الانتفاضة وتحرير اغلب مناطق الجنوب والوسط والشمال من قبضة النظام ، لم يسمح النظام لنفسه بالاعتراف بحجم جرائمه وخطاياه اتجاه العراق والعراقيين التي اجبرتهم على الثورة ضدة . لم يحاول ان يفهم او يقتنع ان الانتفاضة الاذرارية تؤكد بوضوح تعاظم نقمة الشعب عليه .. لم يدرك وهو يدك المدن بالصواريخ ان الشعب العراقي ( كاي شعب اخر) تواق للحرية ولايقبل بحكم دكتاتوري وحشس ، لم يفكر النظام الصدامي في الحقائق السياسية التي ادت الى الانتفاضة ( لشدة تمسه بالسلطة ) فراح يصور عبر وسائل دعايته ( الغوبلزية ) ان الامر لايتعدى( اجتياح عدة الاف من الايرانيين للحدود) ومهاجمتهم المراكز الامنية ، ليقنع نفسه ان الشعب العراقي يناصره  ولم يثر اي عراقي ضده ، فكان النظام كالنعامة حين تدس راسها في الرمل للوقاية من المهاجمين .

قال وزيرخارجية النظام ناجي صبري الحديثي قبل ايام في حديث مع صحيفة الشرق عن الانتفاضة : (ماحدث أن الآلاف من حرس الثورة الايرانية تسللوا عبر الحدود الى داخل المحافظات العراقية في جنوب العراق، في وقت لم تكن للعراق أي قوات على الحدود، وكان متعذرا على وحدات الجيش العراقي والقوات الأمنية القليلة التي نجت من الضربات الشديدية للقوات الأميركية والحليفة التحرك لتأمين المدن والحدود حيث دمرت كل طرق المواصلات والجسور في جنوب العراق.. ) هكذا يصور البعث احداث الانتفاضة  الشعبية العارمة التي لاننكر محاولة ايران تجييرها لصالحها .

وضمن هذا التصور البعثي المغالط للحقائق جاءت نتائج لجنة عدي مشوهه ولاصلة لها بالحقيقة . فلان النظام اعتبر أن اندلاع الانتفاضة مجردة (غفلة ) امنية لذا جاءت توصيات لجنة عدي تتمحور حول تشديد القبضة الامنية وانشاء اجهزة ارهابية اخرى كفدائي صدام لتزيد الاحتقان الشعبي عبر ممارساتها الوحشية العنيفة  ، بالاضافة الى تاسيس خلايا بعثية سرية مجهزة عسكريا في بغداد وباقي المحافظات واجبار البعثيين وكبار الضباط على القسم بالقران على عدم التخلي عن النظام تحت اي ظرف كان . وفعلا عندما قامت القوات الامريكية بالتوغل في الاراضي العراقية لم تندلع اية انتفاضة شعبية بسبب شدة الاجراءات الامنية وخشية الناس من تكرار تجربة قمع انتقاضة اذار الوحشي غير ان قوات النظام انهارت دون اي ضغط شعبي وهرب البعثيون رغم قسمهم الغليظ يتقدمهم القائد الضرورة ونجليه. .

بعد هروب صدام وبقية قيادات البعثيين من ساحة المعركة، وضع البعث الهارب خطة لعودته ثانية الى السلطة . هذه الخطة تكونت من ثلاث نقاط  :

الاولى  ضرب الاستقرار في العراق وجعل الحياة مستحيلة فيه عبر عمل ارهابي واسع ووحشي ، يتلاءم مع طبيعة البعث ، لايستثني احدا ليجعل العراقيين يترحمون على ايام صدام رغم دمويتها. وكان من ضمن هذه الخطة تسلل عدد كبير من البعثيين لمفاصل الاجهزة الامنية لتسهيل وصول الارهابيين البعثيين لاكثر المفاصل الامنية تحصينا بما يفقد المواطن ثقته بالاجهزة الامنية . وفي مؤتمر بيروت طالبت قيادات البعث انصارها باطلاق لحاهم وتقصير ثيابهم لتسهيل انظمامهم لعصابات القاعدة ( الزرقاوي ) خاصة وان اغلب العناصر العربية المنتمين للقاعدة  قد استدعاهم النظام للعراق قبل سقوطه تحت اسم ( المجاهدين العرب )  . وهكذا اصبحت قيادة المنظمات الارهابية بيد البعثيين يخططون لهم ويحتضنونهم ويسهلون عملهم الارهابي .

لقد حالف الحظ البعثيين في تطبيق هذه المرحلة من الخطة ( زعزعة الامن ) ، فسياسة الاسلامويين الطائفية التميزية والغبية  سهلت على البعث اختطاف المناطق السنية وجعلها حاضنة للارهاب البعثي ومكنت البعث من تنفيذ خطته بضرب الاستقرار ..

واذا كان البعث يرمي من وراء العمل الارهابي الى جعل الحياة مستحيلة بدون وجوده في السلطة وتحقيق استياء شعبي من اوضاع مابعد السقوط فانه لم يكن يحلم  ان تقوم الاحزاب الاسلاموية  بتقديم (هدية) تساعده على تحقيق هذا الهدف من خلال فجورها وتعديها على المال العام ونشرها للفساد في كل مفاصل الدولة وعجزها عن تقديم اي منجز لصالح الشعب. لقد تعاضدت عمليات الارهاب البعثية وسياسات الاسلامويين  على تدمير حياة المواطن العراقي  فاتسعت ظاهرة التذمر الشعبي التي وصلت الى حد الانفجار فلا امن ولاخدمات ولااعمار، فهلل البعث لهذا الوضع وبادر  الى تطبيق المرحلة الثانية من خطة (العودة).

المرحلة الثانية (لاتعني انتهاء المرحلة الاولى ( نشر الارهاب ) بل هي تسير معها) وهي عبارة عن حملة ( علاقات عامة ) لتبيض وجه البعث عبر خلط الاوراق لايهام المواطن ان كل هذه الماسي سببها رحيل البعث ، فضلا عن محاولة تزيين صورة البعث وانكار جرائمه بحق العراق والعراقيين. وقد لاحظنا ان البعثيين (الذين  كانت عيونهم قد ( انكسرت )  بعد سقوط النظام وبعد افتضاح جرائمهم وطرقهم الوحشية في التعذيب والقتل وانتهاك كرامة المواطن وكثرة المقابر الجماعية وانتشار افلام الفيديو التي توثق هذه الجرائم ، قد خرجوا من جحورهم ليطلقوا العنان لاكاذيبهم المعروفة ،مستغلين استياء الشعب من فساد الاحزاب الاسلاموية ليطرحوا انفسهم كبديل عن هذه الاحزاب وكأن العراقي مخير بين اثنين فقط اما جرائم البعث او جرائم الاسلامويين وليس له خيار اخر، بل راح البعثيون يعزون سبب الخراب الحالي الى رحيل  النظام البعثي وكان الخراب الحالي ليس نتيجة ومواصلة للنهج البعثي المعادي لاماني الناس ..

لم يكن باستطاعة شخص مثل ناجي صبري الحديثي قادرا ان يدافع عن البعث بعد ثلاثة عشر عام على سقوطه وبعد افتضاح جرائمه لولا تجربة الاسلامويين في الحكم وتطبيقهم ( المشروع الاسلامي ) الفاسد .

البعث يحاول الان ( وضمن المرحلة الثانية من خطة العودة ) ايهام الشعب ان عودة البعث هي حبل الانقاذ للخلاص من هذا الانهيار الشامل الذي احدثه الاسلامويين .

اما المرحلة الاخيرة من خطة (العودة ) فانها ستتمثل ب 1 - الاستمرار بتنفيذ العمليات الارهابية في المناطق التي اعتاد على تنفيذ عملياته فيها كبغداد والحلة .2 - تنشيط  خلاياه النائمة المسلحة وغير المسلحة  لضرب استقرار المناطق الامنة كالجنوب3 -  تنشيط الدعاية البعثية واستخدام المتسللين للعملية السياسية للضغط على الحكومة لاعادة الشرعية للبعث كي يتسلل الى السلطة مستغلا نقمة الشعب على الاحزاب الاسلاموية  . وقد نسمع في الايام القادمة فذلكات بعثية ( مثل عقد مؤتمر قطري او قومي ) ليقولوا لنا ان البعث حين يعود سيغيرسياساته الاجرامية السابقة .. البعث يامل ان  يستغل نقمة الشعب العراقي على ( المشروع الاسلامي) المدمر الذي أذاق العراقيين الامرين ليصل الى السلطة ،وما لم يتحرك الشعب لتحجيم اصحاب هذا المشروع  الرجعي وارغامهم على القبول باصلاحات جذرية فان الخطر البعثي سيتعاظم .

Aoda50@hotmail.com

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 12-04-2016     عدد القراء :  3177       عدد التعليقات : 0