الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
معتصمو البرلمان \"أمل الشعب\" في التغيير وروّاده في نظافة اليد وعِفّة اللّسان!

شهدت بغداد  أول من أمس، عرضاً مثيراً من عروض "مسرح اللامعقول" تحت قبة البرلمان، حيث تمكّن الشعب أخيراً من اقتحام بواباته والاعتصام في قاعته الفسيحة والشروع بالبروفات التمهيدية قبل رفع الستارة.

وقام بالعملية الناجحة  نوابه المشهود لمَن احتلَّ الصدارة منهم في المسرحية  نظافة اليد وعفّة اللسان والجسارة في الدفاع عن الحق، وإن اقتضى ذلك منهم التحوّل من إشاعة ثقافة الموت والقتل على الهوية والتدريب على الأحزمة الناسفة وزرع المتفجرات وتفخيخ الملاعين من المتمنطقين بالأحزمة الناسفة والتحريض والتدريب على التفجيرات الإرهابية عبر شاشات الفضائيات وشتم الشيعة بوصفهم"صفويين"، إلى حمل راية المشروع الإسلامي الذي بشّر به إبو إسراء المالكي.

ولم تكن عملية الاقتحام صعبة المنال بعد نجاح الاعتصام الكبير والتوغّل خلف بوابة الخضراء "المدنَّسة" بأصحاب السوابق والمتورطين بنوايا ارتكابات لاحقة تأتي على ما تبقّى من أملٍ بالنجاة. وكشفت سهولة الولوج في مدخل "عرين الشعب"، هشاشة الديمقراطية التوافقية وتهافت أدعيائها الذين يتّكئون على مضانّ الدستور وحرمة مبادئه والسهر على الالتزام به. فالحرم البرلماني بدا منخوراً من داخله، متاحاً لكلّ غاصبٍ أو متهورٍ أو مغامرٍ، وليس لقوّةٍ مهما كانت مدججة بالسلاح الفتّاك أن تمنع تسلّق منصة رئاسته، وتوزيع بقايا فصول الدستور والنظام الداخلي الورقي على النواب لاستخداماتهم الشخصية، توفيراً لمياه الحمّامات كإجراء احترازي إذا ما أقدمت الحكومة على قطع إمدادات الماء والكهرباء عنهم لكسر اعتصامهم !

ولم يكن العرض وحده من "مسرح اللامعقول"، بل اقتضت الحالة العراقية التي أقحمنا فيها، بتدبير ملتبسٍ أو بتهوّر منه أو قلّة خبرة وتشوّش، السيد العبادي، أن يكون الجمهور نفسه من "طينة اللامعقول"، وإلا ما الجامع بين  مشعان الجبوري  وعالية نصيف وبحر العلوم وأنسباء المالكي وقرابته  ومن اعتصم من بدر والعصائب مع الزاملي وزملائه من تيار الأحرار؟ وكيف صار ممكناً توحّد جماعة من التغيير والكرد الإسلاميين ونفر من الاتحاد الوطني مع المتورّطين بـ"نوايا" تحويل كردستان كلها إلى مقبرة جماعية؟

لا فائدة من البحث في سِيَر عدد غير قليل من المعتصمين وملفاتهم في النزاهة والمساءلة والعدالة، وليس مهماً إذا كان الواحد منهم حتى اللحظة على علاقةٍ بعزّة الدوري أو غيره من قادة الخلايا النائمة التكفيرية أو البعثية أو الميليشيات الوقحة أو المهذبة. ويتوهم من يعتقد أنّ العودة لعرض تاريخ مشعان الجبوري منذ كان في رتل جهاز عدي أو سيّاراً يتنقل في عواصم تمويل قتل العراقيين. المهم أنّ مختاراً أعاد لنفسه ولغيره الاعتبار، لأنّ "مثلهم" ضرورة يقتضيها المشروع الإسلامي. والسؤال عن تاريخ عالية نصيف وحنان الفتلاوي وأحمد الجبوري لم يَعُد ذا قيمة يؤخذ بها. والتوقف عند ظاهرة الانتقال السحري لأبي رحاب وأصهاره وأنسبائه وذوي القربى منه، مما كانوا عليه من أحوال الى نوابٍ ومتنفذين وأصحاب حظوة ومال، فاقدة الأهمية والصلاحية في المحاججة وطلب البراهين، فالعراق على امتداده صار وكراً مكشوفاً للصوص والنهّابين وهتك أعراضنا وكراماتنا.

والعودة الى التاريخ مضيعة للوقت ولراحة البال. فالتاريخ يكتبه المشاغبون ووعاظ السلاطين والفاشلون في دروس التاريخ. وكم من تاريخٍ كذوبٍ أنهك أُمماً ودمّر أمصارأً لما سُطِّر فيه من فِرية وانتحالٍ وتحوير؟ وكم نعاني نحن في هذا البلد الضائع بين التواريخ المزيفة، المفترى فيها وعليها، من فصول توارخٍ كتبها المراؤون المتلفّعون بعباءة الانحيازات المتطرفة في الدين والمذهب والعقيدة، وما الى ذلك من تلاوين فبركاتٍ لأحداث كُتبت بعد مرور عشرات العقود، وأكثر من قرن  من تاريخها.

وها نحن نعيش وقائع تاريخٍ في زمن القرية الكونية الإلكترونية، ونقرأ وصفاً لمسرح اللامعقول في البرلمان بأقلامٍ بريئة من الفساد، فيغيب عن كاتبها، كما كانت وقائع جرائم القتل على الهوية تغيب عن مثقفي السلطة الملوثين بالانحياز الطائفي، وجوه الممثلين ونوازعهم وتعبيراتهم ودواخلهم، وتختفي من سطوره "محرك الدمى" وخيوطها السحرية المتشابكة. ما يهم مؤرخنا المثقف المهووس بالتغيير، الهتاف المرتجف. طوبى للمقتحمين من ممثلي الشعب لفرض الإصلاح والتغيير... يا للعيب !

لنُهلّل ولنوزّع الحلوى في الشوارع والبيوت، فها هو قطار الإصلاح والتغيير يقترب من رصيف الترجّل في محطّة الأمان! وماذا يهمّ إذا كانت عالية نصيف أو مشعان أو أبو رحاب أو حنان الفتلاوي هو مَنْ يرفع الراية؟!

هللويا ،.. لكل هذا الركب الذي أخرج من خليط العث الملازم لمسيرة طبقتنا الحاكمة ، إصلاحاً وتغييراً يطمر ما تبقى في روحنا الملتاعة أملاً صار والفساد على مركبٍ واحد..

هللويا صديقي. حيدر العبادي ، فقد أحسنت وأبدعت حيث لا تدري ، العبث بأقدارنا ، وما ينتظرك ..

  كتب بتأريخ :  الجمعة 15-04-2016     عدد القراء :  5031       عدد التعليقات : 0