الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لمن تشكو حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟
بقلم : مرتضى عبد الحميد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

هذا المثل جديد (وبعده بالباكيت)، ابتكره بعض الظرفاء الحزانى على مصير العراق المأساوي، الذي يقترب من تخوم الخرافة، ويتجاوز احياناً هذيانات الخيال الجامح.

لقد اندلعت التظاهرات الجماهيرية والاعتصامات على خلفية الفشل الذريع لاجهزة الدولة ومؤسساتها وتشبث المسؤولين الذين لا علاقة لهم بالكفاءة او النزاهة او القدرة على ادارة شؤون انفسهم قبل ان يديروا شؤون الآخرين، اللهم إلا في مجال النهب والسلب والصراع اللا اخلاقي على اكتساب المغانم والمكاسب وإعادة اقتسامها من جديد، تشبثهم بمواقعهم وكراسيهم من دون التفكير بمغادرتها إلا عندما يحل عزرائيل ضيفاً عليهم.

ورغم هذا الحراك الجماهيري الواسع، ومطالبه المشروعة وشعاراته الرصينة ذات الطابع المدني الديمقراطي والحضاري السلمي، ورغم اتساعه يوماً بعد آخر، وتأييد المرجعية وسائر المواطنين العراقيين المغلوبين على امرهم، إلا ان قادة السلطات المعنية، التنفيذية والتشريعية والقضائية، صمّوا آذانهم ولم يستجيبوا لصوت الشعب. بل مارسوا التسويف والمماطلة، ودخلوا في ما بينهم في مماحكات ومعارك دونكيشوتية ما أنزل الله بها من سلطان، تحت عناوين براقة مثل الاستحقاق الانتخابي والشراكة الوطنية والتوافق وحقوق المكونات والاصلاح الشامل.

وحصل هذا رغم الاجماع، مع بعض الاستثناءات على رفض المحاصصة الطائفية وادانتها ومزايدة الآخرين في التهجم عليها، والدعوة الى التخلص منها واستبدالها بالهوية الوطنية الجامعة لكل العراقيين!

لكن مواقف المتنفذين الحقيقية لم تعد تنطلي على احد، رغم اختفائها وراء جدران عالية من الكذب والتمويه والتضليل، دونها الكتل الكونكريتية المنتشرة في شوارع بغداد والتي لا نفع فيها سوى إلحاق الأذى بالناس وخلق الزحامات الخانقة.

حقاً ان الشعب في وادٍ، والحكام في وادٍ آخر ولا جسر يعتد به يربط بينهما، الامر الذي يدفع الى الواجهة مثالنا عن «حبة القمح والقاضي الذي تشتكي عنده». والانكى هو هذا الهذيان والاصرار المرضي على الخطأ، حتى ان التجربة الليبية البائسة اصبح لدينا من يحاول استنساخها بصناعة برلمانين وربما حكومتين ورئاستي جمهورية في القادم من الأيام.

صحيح ان الاهابات والمناشدات والتذكير بالماضي الوطني لبعض المسؤولين لم تعد نافعة بالمرّة، مثل هواء يمر عبر شبك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. الا ان الصحيح ايضاً، بل الاصح ان الحراك الجماهيري هو الحل، وهو الدواء لهذا الداء العضال، وكلما اتسع وانتظم وتوحدت قواه حقق المؤمل والمرتجى بسرعة اكبر واكثر حيوية.

وليكن في علم الفاشلين والمتحاصصين وراكبي موجة الاصلاح والتغيير، ان الشعب لن يستكين ولن يفقد الامل، وسيظل يطالب باسترداد حقوقه المسروقة من قبل حكامه، الى ان يرغمهم على التسليم بما يريد، ويبني الوطن الذي يريد، وطن السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-04-2016     عدد القراء :  1998       عدد التعليقات : 0