الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
شذرات من زمن جميل!

يتفق الكثير من المراقبين على أن النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي كان يحمل بين طياته شذرات زمن جميل، حيث ظهرت أصوات تركت بصمات مميزة في تأريخنا.

ففي الغناء ظهر ياس خضر والثلاثي الجميل فاضل عواد وفؤاد سالم وحسين نعمة. وفي الشعر حدّث ولا حرج، شاكر السماوي وعزيز السماوي وطارق ياسين وعلي الشباني وكاظم الركابي وزامل سعيد فتاح وأبو سرحان ويعرب الزبيدي ومن الملحنين حميد البصري وطالب القرغولي وكوكب حمزة وكمال السيد وطالب غالي.

هؤلاء وآخرون، لم تسعفني الذاكرة في تذكرهم، أسسوا في مجال الاغنية والأدب الشعبي مساحة تليق بالعراق حضارة وجمالا، وما زالت تلك الاضاءات المشرقة تتلألأ في اسماعنا وفضائنا مثل نجوم لا يحجبها غيم او سحابة.. ولكن ألاعيب السياسة وطموحات الحزب الأوحد والحاكم المطلق لتجيير كل ما من شأنه أن يبعث على الحياة ان يكون من اجل « تلك الطموحات» وإن لم ينتم اليها! قد اوقف المسيرة الجمالية التي اختطها أولئك العراقيون المبدعون.

فهاجر منهم من هاجر واستشهد من استشهد! ورويدا رويدا تصاعد دخان المدافع الفاشية التي احالت الوطن إلى ركام، ولم تبق للمواطن سوى خرقة سوداء، يلبسها مرة او يرفعها على السطح مرة اخرى!

من شذرات ذلك الزمن الستيني الجميل رجل صاحب محل لبيع الأقمشة في سوق مدينة بعقوبة القديمة اسمه أكرم البزاز..كان انيقا بملبسه، حلو اللسان، جميل النبرة، لا يتردد في بيع بضاعته الإنجليزية من أقمشة فاخرة بالتقسيط المريح!

حين دخلت الإعدادية اشترت لي والدتي قطعة قماش منه لاخيطها بدلة، وكانت اول مرة اخيط بها «قاطا»!

لكن والدتي لم تستطع أن تفي بدينها بشكل منتظم مثل عشرات العوائل المديونة لأكرم البزاز، الذي لم ينفعل يوما بسبب التأخير في تسديد الدين ولكنه بالمقابل كان يرسل للمتخلفين وغير المتخلفين، بالبريد، بطاقة تهنئة في كل عيد، فيها من الورد أجمله، ومن الكلام ارقه دون ذكر للدَين. ولكن الحليم تكفيه إشارة أكرم البزاز الجميلة!

وجاء الاراذل، واختفى «أكرم» واختفت بطاقات العيد واختفى البريد.

وجاء زمن الفاسدين والنصابين والمارقين والسراق الذين لن يطول زمنهم ما دامت «التحرير» ساحة للتغيير!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 27-04-2016     عدد القراء :  3147       عدد التعليقات : 0