الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
النسخة الثانية

فكّرتُ أن أكتب لحضراتكم اليوم عن نسخة جديدة من كتاب الجمهورية لمعلم الفلسفة إفلاطون ، الذي كان يريد أن يُعلّم تلامذته أن ّ: الحاكم الحقّ هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل .

يجب أن أعترف أنني دائما ما أُعيد على مسامعكم حكايات الكتب ، وأنسى أننا نعيش في بلاد تُقدّم للبشرية كلّ يوم إنجازاً بعد إنجاز، وكرامة بعد كرامة على حدّ قول " الحكيم " الذي سنفتقد طلّته خلال العامين المقبلين ، وأتمنى ان يتفرغ لكتابة الجزء الجديد من تجربته في الحكم .

لا ضرورة للإيضاح أنّ الكتابة ، عمّا جرى في البرلمان أمس ، لاجديد فيه سوى المؤامرة " الإمبريالية " ، لكنّها هذه المرّة ليست على العراق ، وإنما على مضحكات تجربتنا الرائدة في الديمقراطية ، وآثار هذه التجربة على المجتمع الذي يصحو كلّ يوم على أخبار نزال جديد يخوضه أحد السادة البرلمانيين ، هناك شيء مهمّ حسب اعتقادي ، هو أنّ النائبة حنان الفتلاوي تعترف أخيراً أنّ الكرسيّ في العراق أصبح أهم من الكرامة ، وما عدا ذلك لم يترك " جهابذة " البرلمان سوى مشهد " باطل " ، وأعتذر عن عدم متابعة فيلم عتريس وفؤادة بنسخته الجديدة ، وهذه المرة البطولة المطلقة للنائبة عالية نصيف ؛ ولذا أريد أن أشدّد على أنّ كل ما يرد في هذا العمود المتواضع ، هو انتقاء من " أفضال " السياسيين ، واستعارة من علومهم وخبراتهم .

ليس هناك سياسيّ عراقيّ لم يتقلّب ويتلوّن من أجل الكراسي ، الجميع يُذكّرنا بحكاية المسؤول الأفريقي الذي طلبت منه أميركا ان يستقيل ليجنّب بلاده مزيداً من الدماء والفوضى ، فكان رده بسيطاً ومختصراً " هل تريدون منّي أن أجلس على الأرض؟"

ولهذا، مازلت أعتقد أنّ معظم المعتصمين ومعهم غير المعتصمين كانوا يتحسّسون كراسيّهم حين يُصبح الحديث عن الفساد في الحكومات السابقة ، رغم أننا كنّا نغرق في النهب المنظّم ، وفي القتل على الهوية ، لكن الجميع ممن سمعناهم يصرخون اليوم " زواج فؤادة من عتريس باطل " كانوا غارقين في الباطل نفسه . ، وفي الصمت على الجرائم ، ، هو غرق لا أستثني أحداً منه ، لأنه كان ولايزال أسوأ انحدار نحو انعدام الضمير والوطنية .

أيها السادة المتخاصمون على رفاهية الكرسيّ ، بعد عشر سنوات من التجربة البرلمانية الجديدة ، اكتشفنا أنّ العدالة والحرية والأمل والمستقبل والأمان ، كلّها مجرّد واجهات لمشروع واحد هو إطالة عمرالفساد ، ليس مهمّاً أن نعرف أنّ الذي أعاد معرض السيارات ليس أبو درع الذي نعرفه ، فهذا شخص ثان أطلق على نفسه لقب أبو درع الكرخ ، إنها مشكلة النسخة الثانية من فيلم " عتريس " الذي تابعناه امس في البرلمان .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 27-04-2016     عدد القراء :  2988       عدد التعليقات : 0