الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التدليس، تصديق وتبعات -5-

بيدو أن الماضي السحيق بسلبياته، ومحنتنا مع الأوغاد لن ينسى

قبل أن اختلفت مع أحد الأصدقاء الأعزاء، كنّا نتكلم بأمور شتى لساعات طوال بين الحين والآخر، ونشترك معاً في تذمرنا واستياءنا من البعض الذين لم نتخلص منهم، ويبدوا كما يقال (حتى بالمركة يطلعولنة)، كنت أقول له: غريب أمرهم يا أخي، وصلوا إلى ارض كندا، وكان بامكانهم أن يبدءوا حياتهم من جديد بشرف، إلا أنهم استمروا بوحل التملق  والخباثة والطعن وتسلقهم على الظهور، الفرصة امامهم والناس سوف تنسى ماضيهم الأغبر، فلماذا يضيعونها ولا يختاروا العيش بأخلاق؟

كجزء من اسلوبي في الحياة،  احب ان اعطي الفرص للتغيير، وطالما يحذروني من بعض العلاقات، إلى أنني أجيبهم لا عليكم، لدي من الخبرة ما يكفي لمعرفتهم وغربلتهم، لكني لا ارفض صداقة السيء حتى يسيء، وابقى حذراً معه، وإن أخطأ سأحدد علاقتي به وكلانا في طريقه، أما لو استمر بعلاقته ضمن حدود الأخلاق، ستأخذ العلاقة بعداً اعمق مع الإبقاء على الحذر، وإن طعن فسأطوي صفحته وتبقة التحايا بلباسها الروتيني المعتاد، وكل ما المس تصرف أحمق أتذكر الحمقى في العراق من الرعاع التي ابتلينا بهم.

أثناء خدمتي العسكرية في الجيش العراقي الباسل المغدور من حكومة المقبور وحزبه النتن، كانت تربطني علاقة لطيفة بشخص طيب فعلاً من التجار أباً عن جد وأسمه علي هادي، وكان عملي في المكتب (القلم) يقرب المسافات في العلاقات، إذ كنت لا أبخل أبداً بمساعدة الأشخاص قدر الأمكان وفوقه.

صديقي علي يثق بي جداً، وكان يجلب ما يحتاجه مساعد الوحدة والضباط ليحصل على المساعدات، ولم يخلوا طريقه هذا من مساعدتي المجانية له.

في يوم ما اختفى علي لأسبوع، وبعدها التحق للوحدة مجدداً وعلمت مثل غيري بأنه قد أجري تحقيق معه في الأستخبارات العسكرية الحقيرة.

فسلمت عليه وقبلته واردت الأطمئنان عليه، وسألته إن ضرب أو أهين هناك، فأجابني بحذر: لم أبقى سوى ساعتين بأحترام كامل، واعطوني إجازة بعدها!!

وبين مصدق وغير مصدق ذهلت للجواب،

لكن علي فيما بعد مال بوجهه عني، ولم يعد ذلك الصديق الطيب، ويرتبك من رؤيتي ويتحاشاني، وكنت دوماً أبادر معه بطيب خاطر.

يوم التسريح سألني أن أعجل معاملته، فقلت له (أدلل) فأكملت معاملة تسريحي ومعاملته وخرجنا سوية إلى دائرة التجنيد، وبعدها تناولنا الغذاء وصارحني بسر خطير قائلاً: هل تتذكر عندما كنت في الأستخبارات؟ فأجبته: نعم أذكر

قال في حينها قالوا لي بأن زيد غازي ميشو من شكاك وله اثبابتات بأنك ترشي المساعد والضباط! فقلت له هل أنت جاد؟ قال: نعم

فشتمت صدام والحزب والجيش والمخابرات وحزنت فعلاً كوني احب هذا الأنسان واحتقر كل من يعمل بسلك الأستخبارات الأمن والمخابرات والكلاب من الحمايات ..لا بل احتقر له من له مركز في حزب البعث الدموي والحكومة.

فال لي: كنت مجبوراً على تصديقهم بعد أن ذقت الويل من التعذيب، بالرغم من ثقتي بك، والآن اعترف لك بأنني ابتعدت عنك لهذا السبب وأنا اعتذر، وأنا متأكد من إنك بريء وصديق وفي.

ولم انسى هذه الخباثة أبداً لأنني كنت دائماً أخاف ان يكون هناك من تصور فعلاً بأنني أحد العناصر الحقيرة في العراق المحتل من البعثيين.

الإشاعة والتلفيق والتدليس ما زالت تقلق مضجعي، ولو شتمت وأنا استحق، اشرف من مدحي وانا لا أستحق، فكيف الحال بمن يعمل على تشويه سمعتي والسبب اخلاصي وصراحتي!!؟؟

هذا ما جرى لي سابقاً وحاليا والحبل على الجرار،وما زلت أعاني من الذين يقول عنهم المثل: (العادة إللي بالبدن ميغيرها غير الجفن)

مُصدّري الإشاعات، ومروجي الفتن، ومن لهم ماضي سحيق سيء الصيت ماذا  يفعلون بالمهجر؟

اول ما يبدأون به هو البحث عن أماكن العبادة كي يحسنوا من سمعتهم

وقولي في ذلك" أن اماكن العبادة والأنشطة التي فيها أصبحت لهم مركزاً لتبييض السمعة، مقتبساً الفكرة من تبييض العملة التي تمارسه العصابات والقفاصة والعلاسة.

المشكلة لا تنحصر بهم، بل برجال الدين في تلك الدور، إذ نراهم قد بنوا عروشهم على نوعين من البشر وهم السذج والمنافقين

والغريب بالأمر، نرى هؤلاء الرجال يبعدون الطاقات الجميلة لعدم توافقها مع المنافقين والسذج واقصد بها حاشيتهم وحبربشيتهم، وذلك لأن المنافق مسموع رأيه والساذج يوقّعه، وهذا يروق للزعماء الأرضيين الذين بنوا مجدهم الباطل على المقدسات!

ولعبة النفاق لن تنتهي لديمومة الكراسي السعيدة.

المسؤول الحقيقي هو من يتقصى الحقيقة من مصدرها، وهو من يكترث لمعيته، ولا يصدر حكماً سلبياً بناءً على رأي الأنتهازيين والسذج، بل يفترض الأعتماد على مبدأ الحوار الذي يليق بمنصبه واحترامه للآخرين، ورجل الدين بحسب الأديان هو الذي يجسد التعاليم الإلهية بحياته! وهذه هي المفارقة بالمقارنة مع واقع الحال.

ومن العموم إلى الخصوص، وكمسيحي يهمني كنيستي، اطالب رؤسائها بانتهاج مبدأ الحوار في القضايا المهمة او الخلافات، ولا يعتمدوا أسلوب شيوخ القبائل الذي لا يقبل قرارهم الجدل، وقبل ان يكون هناك قرار مبني على ما وصل لهم من طرف، المبادرة من قبلهم بالأتصال مع الطرف الآخر لمعرفة رأيهم ومحاول مد الجسور وليس هدم ونسف كل شيء،  ومن ثم يأتي القرار بعد دراسة صحيحة.

الأمل في كنيستي أن يعمل مدبروها بحكمة أكبر، خصوصاً في ابرشية كندا التي عانت من مشاكل كثيرة وما زالت، ولنا بذلك حديث.

zaidmisho@gmail.com

  كتب بتأريخ :  الجمعة 06-05-2016     عدد القراء :  2718       عدد التعليقات : 0