الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
\"حلاوة\" رئيس المصالحة والمساءلة

لا أعرف السرّ الكامن وراء الإصرار المتواصل للبعض من مسؤولي الدولة، وربما أكثرهم، على التعامل معنا، على صعيد المعلومات، بمثل ما يتعامل به اللئام مع الأيتام إذ يُثقلون على على موائدهم بالوفير من أطايب الطعام والشراب ولا يمنحون الأيتام الجياع غير حقّ النظر، بحسرة وألم.

كان رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، على سبيل المثال، يكرّر القول بأن بين يديه ملفّات خطيرة تدين زعامات سياسية بالفساد أو بالإرهاب، لكنّه  ظلّ ممتنعاً عن فتح تلك الملفّات، بذريعة أنها تُزلزل عرش العملية السياسية وتقلب عاليها سافلها.

والحقّ يقال إنّ هذا لم يكن ماركة مسجّلة باسم السيد المالكي. معظم كبار المسؤولين في الدولة وفي القوى السياسية المتنفذة اختاروا هم أيضاً أن يتحدثوا من آن إلى آخر عن ملفّات من هذا النوع، مهدّدين مباشرة أو مداورة بالكشف عنها، أو مستخدمين إيّاها للابتزاز.

أمس تحدّث رئيس لجنة المصالحة والمساءلة والعدالة النيابيّة، النائب هشام السهيل، عن استيلاء سياسيين " مشاركين أقوياء" في العملية السياسية، على أملاك مسجّلة باسم نظام صدام خارج البلاد، لافتاً إلى "وجود أيدٍ خفيّة عراقيّة" تعمل لعدم استعادة الأموال العراقيّة في الخارج. (السومرية نيوز).

هذه ليست المرّة الأُولى التي يقول فيها السيد السهيل هذا الكلام، ففي 25 كانون الثاني الماضي أعلن عن قيام مسؤولين في الدولة "ببيع" أملاك مسؤولي النظام السابق بأسعار رخيصة. وقبل ذلك بخمسة أشهر (20 آب من العام الماضي) كان قد تحدث عن "توجّه مجلس النواب لتشريع قانون يُعيد النظر ببيع أملاك أزلام النظام السابق"، مبيناً أنّ بعض هذه الأملاك قد بيع  على وفق طرق الابتزاز أو استغلال اسم الدولة.

هذا الكلام، بطبيعة الحال، مهمّ، لكنه في صورته الحالية لا نفع فيه ولا قيمة له، فالمشاركون الأقوياء في العملية السياسية الذين استحوذوا على أملاك النظام السابق (هي في الواقع أملاك الشعب العراقي) لديهم أسماء وعناوين سكن ومناصب في البرلمان والحكومة والقضاء والهيئات "المستقلّة" والأحزاب الحاكمة والميليشيات المساندة.

القول بوجود أملاك وأموال عامة داخل البلاد وخارجها مستولى عليها من أفراد أو جماعات، ليس بالمعلومة الجديدة.. إنها معروفة للكثير من العراقيين، وربما لجميعهم، منذ أكثر من عشر سنين. والقول بأن المستولين على هذه الأملاك والأموال هم "مشاركون أقوياء" في العملية السياسية، ليس بالمعلومة الجديدة أيضاً .. العراقيون يعرفون هذا، بل يعرفون أنّ هؤلاء "الأقوياء" ينتمون إلى الأحزاب الحاكمة، وبخاصة الإسلامية، كحزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي ومنظمة بدر وحزب الفضيلة والتيار الصدري والحزب الإسلامي، وسواهم.

لماذا يتجشّم النائب السهيل عناء التصريح، كلّ أربعة أشهر أو خمسة، بمعلومات معروفة للقاصي والداني من العراقيين؟ .. ما الذي يُمسك بلسانه فلا يكشف عن أسماء المستحوذين على هذه الأملاك والأموال وعناوينهم ومناصبهم؟

العراقيّون ليسوا في حاجة إلى أن يعمل لهم رئيس لجنة المصالحة والمساءلة والعدالة النيابيّة "حلاوة في قدر مثقوب".

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 10-05-2016     عدد القراء :  2178       عدد التعليقات : 0