الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الشعب العراقي ومهماته الملحة...

أدعو الشعب العراقي بكل قومياته وأتباع دياناته ومذاهبه واتجاهات الفكرية والسياسية الوطنية والديمقراطية، أدعو العمال والفلاحين والمثقفين والطلبة والكسبة والحرفيين والصناعيين العراقيين الوطنيين، أدعو جميع فئات المجتمع العراقي الحية، التي تجد أن وطنها العراق يواجه أخطاراً داهمة مدمرة، أدعو الإنسان العراق رجلاً كان أم امرأة، متديناً أم غير متدين، أدعو جميع من في هذا الوطن، المستباح من قبل عصابات داعش والمليشيات الطائفية المسلحة والإرهاب اليومي والفساد السائد، أن يدرسوا تجربة العراق منذ إسقاط الدكتاتورية الغاشمة على أيدي القوات الأجنبية الغازية، التي أعلنت احتلالها للعراق بقرار جائر من مجلس الأمن الدولي، ومن ثم إقامتها النظام السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية والأثنية، بهدف مسبق الصنع، بهدف دق أسفين الخلاقات والصراعات والنزاعات الدموية بالعراق، بهدف منع قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة. أدعو الشعب العراقي أن يدرس تجربة وجود أحزاب سياسية إسلامية طائفية، شيعية وسنية، ووجود ميليشيات طائفية مسلحة عائدة لها، ولكنها لا تأتمر بأوامر قادة هذه الأحزاب الطائفية مباشرة، بل بقرارات وتوجيهات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية بإيران، فولي الفقيه هو مرشدها وولي أمرها ومقرر رأيها ومحدد مواقفها السياسية والعسكرية. وخلال السنوات المنصرمة كانت هذه الأحزاب وميليشياتها، وما تزال حتى الآن تشكل الطامة الكبرى والمقتل الفعلي للشعب العراقي. وكل الدلائل التي أعقبت أحداث مجلس النواب تؤكد بأنها ما تزال وستبقى كذلك، ما لم يوضع حد لوجودها القسري، لأن وجودها الراهن يشكل مخالفة صريحة وكبرى للدستور العراقي وضد مصالح الشعب العراقي، وضد استقلاله وسيادته الوطنية. وهذه المخالفة الكبرى هي التي سكت عنها القضاء العراقي وتناغم مع الفاسدين والمفسدين ممن يقود هذا النظام الطائفي المحاصصي. وهو السبب وراء صرخة الشعب المدوية: باسم الدين باگونة الحرامية، وهذا النداء لا يشمل السلطة التنفيذية وحدها فحسب، بل السلطة التشريعية وسلطة القضاء والسلطة الرابعة (الإعلام) الرسمية المقبوض عليها من أحزاب وقوى البيت الشيعي وقادته "العظام!!!" أيضا.

لقد برهنت الأحداث الأخيرة بأن المهمة المركزية أمام الشعب تبرز في الخلاص من النظام الطائفي المحاصصي ومن المليشيات الطائفية المسلحة وفسادها المتسع، الذي سيسمح بتعزيز القدرات الهجومية للقوات المسلحة العراقية ضد عصابات داعش المجرمة التي ما تزال تنزل الضربات القاسية بأبناء وبنات الشعب العراقي، ولا يدري الإنسان العراقي من يشارك في قتل الناس من غير عصابات داعش المجرمة.

أما المهمة المركزية للمليشيات الطائفية المسلحة، التي كشفت عن وجهها القبيح، فهي حماية النظام السياسي الطائفي، حماية قادة الأحزاب الطائفية السياسية الذين مرغوا كرامة الشعب العراقي بالتراب، وسرقوا الشعب ونهبوا خيراته وجوعوا نسبة عالية جداً من بنات وأبناء هذا الشعب، فارتفع حجم البطالة المكشوفة والمقنعة والفضائيين، وارتفعت نسبة من هم تحت خط الفقر المعروف دولياً، وتراجعت الخدمات العامة إلى حد مأساوي، وتفاقم ابتزاز الناس واغتيالهم وتهديدهم بالموت أو اختطاف المواطنين وفرض الجزية عليهم. وهذا الأمر لم يقتصر على بغداد بل شمل البصرة الفيحاء ومدن الجنوب والوسط. لقد عم الفساد كل العراق دون استثناء، وعاد الإرهاب ليتسع أكثر فأكثر.

قبل إسقاط نظام الدكتاتورية البعثية والدكتاتور صدام حسين في الحرب الدولية ضد نظامه المهور داخلياً، أدرك الدكتاتور بأن نظامه قاب قوسين أو أدنى من السقوط، فعمد إلى وضع سلسلة من الإجراءات السياسية والعسكرية والأمنية والمالية، السرية منها والعلنية، ووضع مجموعة من كوادر حزبه وفدائييه من مختلف المستويات في سرية تامة لكي يستفيد منهم في حالة سقوط النظام البعثي ليمارس بهم المقاومة. وهو ما تحقق فعلاً. ومثل تلك الجماعات هي التي ما تزال تحمل راية البعث الملطخة بدماء ودموع الشعب العراقي، دماء شهداء حروب النظام وقمعه، ودموع الثكالى والأيتام والمرضى والأطفال الجياع. كما كان لدى صدام حسين فدائيوه، وهم في الغالب قتلة أوباش. وقد نشرت سلسلة مقالات حول تلك الإجراءات قبل بروزها على الساحة السياسية العراقية في العام 2003 وتحت عنوان ماذا فعل صدام قبل سقوط نظامه؟

وها نحن اليوم أمام حقيقة مماثلة. فتوجيهات المرجعية الإيرانية والقادة العسكريين الإيرانيين للمليشيات الطائفية المسلحة تقضي بالالتفاف حول رئيس الوزراء السابق للدفاع عنه أولاً، وعن النظام الطائفي المحاصصي الذي كرسه ثانياً، ضد كل من يحاول المساس بهذا النظام الطائفي المحاصصي. وقد رأت عيون الشعب، التي أرجو أنها كانت مفتوحة، كيف نزلت المليشيات الطائفة الشيعية المسلحة إلى بغداد ومناطق أخرى من العراق لتحمي قوى الأحزاب الإسلامية السياسية من المعارضة الوطنية، من المتظاهرين والمعتصمين غير المسلحين والسلميين الذين لم يحملوا غير غصن الزيتون بأيديهم. وما حصل في مجلس النواب هو ضرب بعض أعضاء المجلس أو موظفيه كان استثناء، ولم يعرف حتى الآن من كان هؤلاء الذين ربما أرادوا تشويه الاعتصام بإصرار، وتوسيخ "القنفة المقدسة!"، وما كان له أن يحصل، لولا شعور البعض بأن حي الخضراء هو الآمن فقط من كل أشكال الإرهاب، في حين سكان بغداد بكل ضواحيها وشوارعها وأسواقها الشعبية وأزقتها، وكل وسط وجنوب العراق، غير آمن، وموت الناس يتم بالجملة ويومياً. لقد وقف رئيسا مجلس الوزراء والنواب ساهمين مصعوقين أمام "القنفة" المتسخة، وليس أمام شهداء العراق وجرحاه. ودفعة واحدة وصل العراق رئيس جهاز الأمن الإيراني ومسؤولون آخرون لإعادة ترتيب الأوضاع على وفق مشتهاهم، فبغداد هي عاصمة الدولة الإسلامية الإيرانية، كما صرح أحد قادتهم قبل حين!

تباً لهذا النظام وقادته حيث يموت فيه يومياً عشرات العراقيين وتسرق لقمة عيش الشعب وتنهب خيراته، ولا يفعلون شيئاً حقيقياً! والسؤال اللاهب للعقول والقلوب هو: متى يتحرك هذا الشعب ليلهب ظهور الفاسدين والمفسدين الذين سرقوه وصرخ بشعاره الصارم بوجههم "باسم الدين باگونة الحرامية!"  

  كتب بتأريخ :  الخميس 19-05-2016     عدد القراء :  2769       عدد التعليقات : 0