الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بشأن تصريحات قائد عمليات تحرير مدينة الفلوجة

ادلى الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد عمليات تحرير الفلوجة ، بتصريحات مهمة في لقاء على فضائية السومرية في برنامج «حق الرد» .

فهو يشير اولاً إلى بعض الحقائق والمعطيات عن الوجود الإرهابي في الفلوجة؛ فهو يقدر عدد ارهابيي داعش داخل مدينة الفلوجة ما بين 3500 و4000 ، يشكل غير العراقيين منهم ما بين 10 الى 15 في المئة، قُتل واُسر معظمهم، ثم يؤكد في سياق الحوار التالي :

1. أن «أهالي الفلوجة اجبروا على القبول بالتنظيم»، اي أن الغالبية الساحقة من اهاليها كانت بشكل او بآخر ضحية للتنظيم الارهابي ورهينة لديه، والمتعاونون معه والمغرَر بهم لا يشكلون سوى نسبة ضئيلة.

2. أن «معركة تحرير الفلوجة قد وحدت العراقيين جميعاً» وأن العراق «لن يُقسم»، مشدداً بالقول «اذا كان لدى بعض السياسيين خطة للتقسيم فإن العراقيين ليس لديهم ذلك».

ورغم النجاحات والانتصارات المتحققة والتي يؤكد انها ستتواصل فانه يتوقع ظهور «نسخة أكثر تطوراً من تنظيم داعش مستقبلاً» مشيراً الى أن «العراق ليس لديه مناعة من تنظيم داعش حتى الان».

وما يميز صدور مثل هذا الحديث وهذه الآراء والتقديرات من قائد عمليات تحرير الفلوجة، عما يقوله غيره من ساسة ومسؤولين آخرين، كون آراؤه تستند في خلفيتها إلى تجربة قتالية ميدانية عمل وتعامل خلالها مع مقاتلين، ومع أهالي من اطياف شعبنا المتنوعة دينيا وطائفيا وقوميا، وبالتالي فإنها تعبر عن واقع معاش، كما انه يؤشر، عن دراية ومعرفة دقيقة لمتطلبات الحاق الهزيمة الكاملة بداعش ، مسألتين جوهريتين:

• الأولى هي الطابع الوطني للحرب ضد داعش، واجد في ذلك تحذيرا ضمنيا من مخاطر اسباغ اية صفة أخرى عليها ، سواء أكانت مذهبية أم قومية أم عشائرية.

• والثانية بالغة الاهمية والخطورة عندما يتوقع أن لا تكون الانتصارات العسكرية في المعارك ضد داعش كافية لتحقيق الانتصار الكامل في الحرب، بل يذهب اكثر من ذلك ليتوقع ظهور نسخة أكثر تطورا من تنظيم داعش، ولعله يقصد اكثر عنفاً وتطرفاً منه، لأن العراقيين « ليس لديهم مناعة».

فحديث الفريق وخلاصاته تبعث الأمل اولاً في المزيد من الانتصارات العسكرية في المعارك القادمة ضد داعش، ولكنه يبعث برسالة فيها ما يشدد على عدم التفاؤل المفرط والتقليل من المصاعب التي تحول دون اجتثاث الإرهاب. وهو محق تماماً عندما يؤكد أن الانتصارات العسكرية هي شرط ضروري لهزيمة داعش إلا أنها غير كافية لاستئصال الإرهاب، ولا نوافقه كليا عندما يقول أن العراقيين ليس لديهم المناعة اللازمة لذلك.

فالعراقيون بجميع اطيافهم وعلى اختلاف انتماءاتهم يتطلعون إلى العيش بأمن وأمان وسلام وإلى العيش الكريم، وأن استفحال مشاعر التعصب والتوتر والتخندق الطائفي والديني والقومي لم ينطلق من رحم المجتمع حيث قيم وثقافة العيش المشترك كانت سائدة ولا تزال حاضرة اليوم إلا انها تتعرض إلى التفكيك والتهديم من التسييس المفرط والمتطرف للهوية والانتماء الطائفي والديني والإثني، ومن التيارات الفكرية والسياسية التي تسعى إلى تحويل التنوع من مصدر اثراء واغناء إلى مصدر صراع ونزاع مستمرين لا حل لهما إلا بالافتراق والانفصال.

فحقا يصعب اجتثاث مصادر انتاج وإعادة انتاج التطرف والإرهاب طالما كانت الطائفية السياسية واعتماد الهويات الفرعية مرتكزا لبناء الدولة ومؤسساتها وسياساتها بدلاً عن المواطنة المتساوية لجميع العراقيين.

وبهذا المعنى يكون قائد عمليات الفلوجة محقا لأن بناء الدولة العراقية الجديدة لا يزال اسير نهج المحاصصة الطائفية والأثنية ، وهو يستوجب الخلاص منه عبر عملية الإصلاح الحقيقي الهادف إلى بناء دولة المواطنة الديمقراطية التي تؤمن تكافؤ الفرص الحقيقي للجميع وترسي مقومات القضاء على الفساد.

  كتب بتأريخ :  الخميس 23-06-2016     عدد القراء :  3015       عدد التعليقات : 0