الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بينَ الكاتبِ وتعليقاتٍ خارج السياق، مُغرضة واستفزازيَّة..!

يُريد القارئُ أنْ يعرف، ومن حقّه أنْ يكون المكتوب دالاًّ على الحقيقة. والكاتبُ والإعلاميّ يؤكد على حقه في تدفق المعلومات إليه واطّلاعه على ما يجري في البلاد، وواجبه أن يضع ما يتجمّع لديه تحت تصرّف المتلقّي، قارئاً كان أو مشاهداً أو مستمعاً.

لكنْ من الضروري أن يعرف المتلقي أن الثالوث المذكور الذي يُفترض أن يكون ناظماً للعلاقة بين الكاتب أو الإعلامي والمتلقّي، غير متاح في دولتنا، كما الدول الشبيهة بها من حيث التعارض بين الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، وتطبيقاتها وحواملها المرتبطة بالسلطة السياسية وما تُعبّر عنه من مصالح وإرادات.

وكثيراً ما تصدمني تعليقات وآراء على ما أكتبه، تخرج عن سياقات المعالجة، وتُحمّلها ما لا علاقة له بالموضوع أو القضية المطروحة. وأحياناً تصل المغالاة حدّاً من التطرّف والتجاوز والتعريض الشخصي، تُخرج الأمر من باب التعليق والرأي ووجهة النظر المخالفة، وتحوّله الى فرصة لتصفية حساباتٍ مغرضة استفزازية. وقبل هذا، يُسقِط المتلقي الاعتبارات القانونية التي تحدّد حرّية الكاتب في التعرّض للأسماء والأمثلة الملموسة التي يمكن أن تشكّل تشهيراً أو تعريضاً أو قذفاً للآخر، قبل أن يقول القضاء كلمته الفصل. ولأننا ما زلنا تحت رحمة قوانين نافذة من العهد البعثي، وقرارات وتعليمات الحاكم المدني بول بريمر، وتعديلات جديدة، وما بينها من اختلاطات وتداخلاتٍ يدخل القاضي طرفاً مقرّراً فيها، فإن الملاحقة والمساءلة تظلّ تطاردنا، وإن لم نخرج عن حدود القانون في معالجة الظاهرات الفضائحية للفساد المستشري في كل أركان دويلتنا الهجينة، وهي تجلّياتٍ لممارساتٍ سلطوية تطول الطبقة السياسية الحاكمة وزبانيتها الطفيلية.

وفي مقالة الأمس حاولتُ تناول الوجه الآخر للفساد، المتعلق بالرّاشين، من دون الاكتفاء كالعادة بالفساد الإداري والمالي، وهي مقاربة لواقعة الزنى، حيث تتطلب طرفين، مع أنَّ المحرقة المتخلفة تطاول المرأة الضحية من دون الرجل. ولكنَّ التعليقات الأساسية لم تتوقف عند الظاهرة المقصودة بالمعالجة، وإنما تحوّلت الى استهدافاتٍ مغرضة ليس لها رابط بالقضية المثارة. وأحد هذه التعليقات يرى أنَّ الكلام لم يعد ذا فائدة إنْ لم توضع النقاط على الحروف، ويطالب بـ "النقد الذاتي" وكشف المخبوء الذي " أعرفه " ولا أُريد البوح به..! ولم أستطع فكّ شفرة تعليقات هذا القارئ الذي غالباً ما يُحيّرني بمطالباته، ومنها تأكيده على أنْ أكشف اللقاء الذي جرى بين عزيز محمد وبول بريمر، كما لو أنّ ذاك اللقاء كان بوّابة الفساد والتردّي الذي بتنا ننام ونتدثّر بأسماله الرثّة. وما دام يصرّ على أنني أعرف، فأقول له إنّ بريمر طلب من عزيز محمد أن يكون في مجلس الحكم، وموقفه كان رافضاً..!

إنّ ما أثرته من قضية ملموسة، هي جانب آخر من القضايا التي سبق لي أن توقفتُ عندها بالتفصيل، في الجريدة، وفي الحوارات التلفزيونية العربية والعراقية. ومن باب احترام عقل القارئ وذاكرته ووقته، ليس من المناسب العودة الى تلك التفاصيل، بل إنّ إيرادها قد يُفسّر من قبل أوساط كثيرة من القرّاء كما لو أنني أُكرّر عرض" بضاعة بائرة " يعرفها الداني والقاصي.

ومن لا يعرف أنّ شركة الإخوة الدباس هي المورّدة لجهاز كشف المتفجرات " الفاشوشيّة "؟ ومن يجهل أنّ مجلس النواب حوّل تقريراً يُسمّي كبار المسؤولين في الحكومة السابقة وقادة الجيش بالتسبب في سقوط الموصل، وفي جريمة سبايكر؟ وهل من الضروري أن أذكًر مرة عاشرة بأصحاب البنوك والمصارف وأشير الى الوثائق المتعلقة بتلاعباتهم وتزويرهم الوثائق الخاصة بنافذة بيع العملة في البنك المركزي ومسؤوليتهم عن ضياع مليارات الدولارات الى جهاتٍ لم يجرِ تحديدها بعد؟. أعتقد أنّ فضيحة الرشى الخاصة بعقود النفط قد لاكتها حتى ألسن طلبة الثانويات، وأنّ المستهدف بها السيد حسين الشهرستاني قد خرج في مؤتمر صحفي يطالب بالتحقيق وملاحقة الصحيفة الدولية التي نشرت الوثائق، وأصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً يشير فيه الى أن الموضوع حُوّل الى القضاء، وظلّ المواطنون ينتظرون جلاء موقف القضاء في شأن هذا الملف والملفات الاخرى مع التعبير العلني عن يقين بأنّ كل القضايا المذكورة ستُسجل مثل جريمة "نحر العراق الجديد على طريقة داعش" ضد مجهولٌ، رغم أنّ العراقيين جميعاً يعرفون أنه معلوم..!

أما رجل الأعمال السيد نمير العقابي الذي جرت الإشارة إليه، وعُدتُ للحديث عنه، فهو مستثمرٌ لم يساهم إطلاقاً في المقاولات والمزايدات الحكومية، ويعتبر هذا دليلاً على انه لا يدخل في خانة الفساد المالي، وقد سبق له أن ظهر في إحدى الفضائيات يُبرّئ رئيس مجلس الوزراء السابق وابنه أحمد وابن أُخته فائز، ويكذّب ادّعاءاتي عما أثرته بصدد قضيته المعتدى عليه فيها. إنّ ما أثارني في لغطٍ سمعته من أصدقاء بأنّ حفلاً باهظ التكاليف أُقيم قي لندن تكريماً لي، لأنني صالحته مع أحمد الماكي، والحال أنّ المصالحة تمّت على قاعدة ما فعله من إنكار لمصداقيّتي، وبراءة من اتهمهم بالجرم المشهود " المُسجّل تلفزيونياً ".

أرجو أنْ أكونَ قد وَفّيت...

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 28-06-2016     عدد القراء :  3576       عدد التعليقات : 0