الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حريق روما وحريق الكرادة ..

   في بغداد يرفع شعار وهّاج، كل اسبوع أو اسبوعين، عنوانه (يسقط الحريق). ليس لهذا الشعار قاعدة عامة ولا صيغة خاصة. لكن جميع الناس في الشوارع وفي دوائر الدولة يرفعونه وينادون به بعد كل حريق، دقيق أو غير دقيق، ينشب في إحدى الوزارات أو المؤسسات الحكومية نتيجة فعل فاعل، مجهول النسب والحسب والسبب والرتب.

   آخر حرائق بغداد جرى يوم الأحد 3 تموز 2016 وهو مختلف عن الوتيرة المعتادة بصفات الحرائق السابقة من حيث (دراما التماس الكهربائي) ومن حيث فلسفة ارسطو في محاكاة واقعية (ارتفاع حرارة الشمس) مما يستدعي البحث و التفاوض مع مخترع الكهرباء توماس اديسون حول انقاذ بغداد من ظاهرة التماس الكهربائي التي لا تحدث الاّ فيها .

   اللجان التحقيقية العراقية خلافا للإغريقية تعتمد في العادة على ألفاظ قانونية مثل : ( اللجنة تظن) و(اللجنة تعتقد).. وترى وتتوقع وتحتمل وتكمن ولا تستبعد.. ألخ

   تستعمل كل الفرضيات والاحتمالات ثم تختم أضابيرها بدعوة جميع العراقيين أن يرفعوا أياديهم إلى الله داعين تخفيض درجات حرارة الشمس المشرقة على بغداد لإنقاذها من الحرائق ، كما كان الحال بزمان الكلاسيكية السلجوقية حيث المولدات والمحولات الكهربائية ساذجة بدائية..!

   عندما نمعن النظر في اسباب حريق روما الشهير، الذي جرى قبل اكثر من ألفي عام أي عام 64 قبل الميلاد، لا نجد دورا لما يسمى (التماس الكهربائي) لأن توماس اديسون لم يكن قد ولد، بعدُ، ولأن الحريق لم يحدث في شهر تموز حيث التكنيك الرديء للطاقة الكهربائية لم يكن قد بلغ ما وصله العراق الغارب في القرن الحادي والعشرين..!

   الشيء المشترك بين (حريق الكرادة) و(حريق روما) هو أنهما حدثا و تمّا وأنجزا بمنطقة سكنية متشابهة ،حيث ابراج التسوق العالية والعمارات السكنية الفارعة وحيث اكتظاظ سكاني واسع. كل ما عدا ذلك هو وهم درامي ملحمي قائم على النظرية الايديولوجية المتهرئة وقد برهنت مسارح الهواء الطلق في روما عام 64 وفي الكرادة عام 2016 أن الحريقين كانا بفعل فاعل. كان الفاعل في روما عدواً لإمبراطورها (نيرون) كما أن حريق الكرادة كان الفاعل عدو الشعب العراقي اسمه داعش.

   ربما ليس من الغريب قدرة محلل نفسي في لجنة التحقيق العراقية أن يتعرف إلى الأسباب الحقيقية لمشعل الحريق في (روما) و(الكرادة) واسباب عدم وصول نيرانه لا إلى المنطقة البيضاء الرومانية ولا إلى المنطقة الخضراء العراقية.

   الشيء الملفت للنظر في اللجان التحقيقية العراقية عن اسباب الحرائق أنها تقوم على منهج وضمائر وزراء وبرلمانيين وفقهاء احزاب الاسلام السياسي وغيرهم من رموز الإيهام السياسي من دون أن تضم عناصر حرفية ذات تدريب قضائي – جنائي تستطيع كشف كل ما هو مستور من التأثير والمؤثر في الحرائق البغدادية ، كما فعل الامبراطور نيرون عام 64 قبل الميلاد ،حيث اكتشفت لجنته التحقيقية الادوار التمثيلية لجميع جوانب الفعل والفاعل بحريق روما الذائع الصيت تاريخياً وعالمياً من دون استخدام الكلاب البوليسية (كي ناين) المسئولة عن أمن بغداد دون سواها.

   لم يكتف نيرون بمعرفة اسباب الحريق ، الذي التهم ثلثي روما، بل استفاد من اساليب عراق الألفية الثالثة وتجاربه الناضجة بمكافحة الحرائق الناتجة عن المفخخات الداعشية أو عن فعل افعال المرتشين والمختلسين والسارقين من جماعة علي بابا والاربعين حرامي وغيرها .

   1. أول شيء فعله نيرون هو اشرافه المباشر على لجنة التحقيق بعد عودته الفورية إلى (روما) قاطعاً اجازته الصيفية من مدينة (أنتيوم) .

   2. ثاني شيء فعله نيرون أنه قدم المساعدات المالية إلى السكان المتضررين من الحريق، من ميزانيته الخاصة.

   3. ثالث شيء انه قام بفتح ابواب قصوره الشخصية لإيواء الناجين من الحريق واطعامهم .

   4. رابع شيء فعله الامبراطور نيرون هو أنه قام بنفسه حال اطفاء الحريق انه وضع خطة فورية مباشرة لإعادة بناء روما جديدة .

   انصب كل جهد (نيرون) على وضع وتنفيذ خطة جديدة لبناء البيوت بطريقة جديدة لا تكون فيها متلاصقة ببعضها ، كما اصر على اعادة بنائها من حجر القرميد وليس من الخشب سريع الاشتعال ثم وجّه المخططين نحو بناء رمز عمراني يشير إلى الحريق ظل محفوظا حتى الآن.

   بقي نيرون ممتناً من القادة العراقيين الديمقراطيين اصحاب التجارب الديمقراطية الغنية بحرائق بغداد الملحمية - الميكانيكية المتتالية، يدعو الله أن يدخلهم جميعا إلى فسيح جناته .

  كتب بتأريخ :  الخميس 28-07-2016     عدد القراء :  2922       عدد التعليقات : 0