الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
معركة الموصل ومستلزمات الانتصار
بقلم : طريق الشعب
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تحرز قواتنا المسلحة والقوى والتشكيلات الداعمة لها من المتطوعين والبيشمركة وابناء العشائر والتحالف الدولي، انتصارات جديدة على داعش كل يوم، وتضيّق المساحة التي يسيطر عليها التنظيم الارهابي، وتلحق به خسائر جسيمة في الافراد والمعدات والموارد . ويعكس سلوك داعش في الفترة الاخيرة حالة الهستيريا التي يعيشها، وطبيعي بالنظر الى ما عرف به من وضاعة وتجرد من اي عرف واخلاق، ان يلجأ الى عمليات ارهابية جبانة ضد ابناء شعبنا في محافظاته ومدنه المختلفة ومنها بغداد .

لقد تحررت في الفترة الاخيرة الشرقاط، وهي آخر المناطق التي يحتلها داعش في محافظة صلاح الدين، كذلك العديد من الجزر في الانبار. واصبحت قواتنا قاب قوسين او ادنى من تخليص مدن محافظة كركوك، ومنها الحويجة، من شروره واجرامه .

وعلى طريق التحرير الكامل لاراضي وطننا تتواصل الاستعدادت وتجرى اللقاءات، بين مختلف الاطراف ، للتنسيق وضمان التعاون في المعركة الكبيرة المنتظرة لتحرير مدن محافظة نينوى، وفي المقدمة الموصل، واستعادتها من قبضة داعش والارهاب .

ان تحرير الموصل والمدن الاخرى في المحافظة يكتسب اهمية كبيرة. فعند تحقيقه نكون قد استعدنا المدينة التي شكلت مركزا هاما لداعش، وحلقة تنسيق بين قواته ولمناقلتها بين سورية والعراق، والتي وفرت مصدرا ماليا كبيرا لادامه جرائمه . كما ان لتحريرها دلالات سياسية ومعنوية ونفسية. فهي كانت مدخل داعش للتمدد نحو بقية الاراضي التي سيطر عليها إثر انتكاسة 10 حزيران 2014 . وسيكون الانتصار في هذه المعركة الحاسمة، ايضا، ردا مدويا على تلك الانتكاسة، وهزيمة لمخططات داعش واحلامه الدونكيشوتية في تثبيت دولة خلافته، التي لم تصمد كثيرا بفضل تضحيات شعبنا وصبره وتحمله، وبسالة قواتنا المسلحة والبيشمركة والمتطوعين .

ان معركة بهذ الاهمية يتوجب ان تتوفر لها كل مستلزمات الانتصار الخاطف، وباقل الخسائر البشرية والمادية، وتجنيب ابناء هذه المناطق المزيد من الاذى عبر توفير ممرات آمنة لهم، والاستعداد لايواء من يضطر الى النزوح، وهو واجب الحكومة الاتحادية اولا، ثم الاقليم والحكومة المحلية .على ان هناك دورا هاما لابناء الموصل ومدنها انفسهم في تحريرها، عبر انتفاضهم وتصديهم لداعش وعناصره المجرمة .

ومن المهم هنا، كذلك، استكمال التحضيرات العسكرية وحسن التعاون والتنسيق بين الاطراف المعنية كافة، وتكاتفها في لحظة مصيرية، واعتبار دحر داعش وهزيمة الارهاب معركة وطنية لها الاولوية على سائر القضايا الاخرى. وهذا يتطلب عدم الانفراد في اتخاذ القرارات، والعمل على حسمها بشكل مشترك .ومن الملح هنا توفير الاجواء السياسية المناسبة، وعدم افتعال التنشنجات فيما قواتنا تقترب من لحظة الحسم والاشتباك مع عدو شرس، لا يمكن الاستهانة به .

وتأسيسا على ذلك نرى ان ما يطرح الآن من مشاريع في شأن مستقبل المحافظة، ويعبر عن اجندات خاصة باصحابها، لا يخدم تأمين الظروف التي تتطلبها معركة التحرير ودحر داعش. فالمهمة الكبيرة الآن هي الخلاص من التنظيم الارهابي واعادة الحياة الطبيعية، ومباشرة سلسلة من الحوارات الجادة والمسؤولة في اجواء ايجابية، واحترام حق ابناء المحافظة في ان يختاروا مستقبلها وفقا لارادتهم الحرة، والتوافق على صيغة ادارية تؤمن لهم قبل كل شيء الامن والاستقرار والمصالحة المجتمعية والحفاظ على الوحدة الوطنية. صيغة تخدم النمو والازدهار للمحافظة وابنائها جميعا، على اختلاف تكويناتهم ومنحدراتهم القومية والدينية والطائفية والسياسية .

ان هذا الموقف ليس في اي حال موقفا يتعارض مع البحث والتمحيص المسؤولين وفي اجواء مناسبة، في تطوير الصيغ الادارية الحالية واقامة الاقاليم وفقا للآليات الدستورية وفي الوقت المناسب، وتفعيل المادة 140 ذات العلاقة بمعالجة قضايا المناطق المتنازع عليها.

من جانب آخر يتوجب على دول الاقليم والعالم كافة، احترام سيادة ووحدة اراضي العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وان تقدم المساعدة والاسناد والدعم في المعركة ضد داعش والارهاب، عبر الحكومة العراقية ومؤسساتها المخولة. فمن غير المقبول التعامل وفق سياسة الامر الواقع، واستغلال ما يمر به العراق الآن من ظروف صعبة لفرض اجندات خاصة ومشاريع تتقاطع مع مصلحة البلد وشعبه ووحدته . وعليه فان تلويح تركيا بالتدخل ورفضها سحب قواتها من اراضينا، هما موضع استنكار وادانة، لانهما يشكلان تدخلا فظا في شؤون بلدنا وانتهاكا للقانون الدولي ولعلاقات حسن الجوار .

من جانب آخر دللت مجريات الحرب ضد داعش والارهاب، بما لا يدع مجالا للشك، ان الانتصار العسكري ليس بعدُ الانتصار النهائي على الارهاب، وان هذا يستلزم الاقدام على مجموعة اجراءات سياسية وعسكرية وامنية واقتصادية واجتماعية واعلامية وثقافية، لتجفيف منابع الارهاب والحؤول دون ظهور داعش واخواته واخوته من جديد تحت اي مسمى كان .

وعلى هذا الطريق، ومن اجل ترسيخه، يتوجب تصعيد النضال والعمل، والضغط بمختلف الاشكال السلمية الممكنة لفرض ارادة الاصلاح والتغيير، لاخراج بلدنا من ازمته والمضي قدما على طريق الخلاص من المحاصصة والفساد، وتحقيق المصالحة الوطنية، وبناء دولة المواطنة والمؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية

  كتب بتأريخ :  الخميس 29-09-2016     عدد القراء :  2061       عدد التعليقات : 0