الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تركيا و حربنا ضد داعش الارهابية ـ 2 ـ

و في ظرف لم تتفق فيه الكتل الحاكمة العراقية على موقف موحد من النظام التركي، و احيلت المشاكل اليومية منذ عام 2003 الى السلطات المحلية و الاقليمية الداخلية لوضع الحلول، اضافة الى الصراع الطائفي و الارهاب و تزايد ضحاياهما، و المواقف المتعالية للرئيس التركي، التي لاتتناسب مع مواقف رئيس لبلد جار عزيز كتركيا، و تصريحات الساسة الاتراك، بوجوب التدخل و التواجد التركي في العراق مادامت ايران تتدخل و تسيطر على الشأن العراقي، حفاظاً على التوازن الضروري في المنطقة من اجل امنها و سلامتها، اثر تزايد الدور الايراني فيها، على حد تعبيرهم . .

يرى سياسيون شكوكاً في الموقف العسكري التركي الأخير مع التوجه و بدء معركة تحرير الموصل و اصرار العراق و حلفائه على انهاء سيطرة داعش الاجرامية و انهاء احتلالها ـ كقوات لدولة خلافة جرى اعلانها ـ للموصل . .

اضافة الى اوضاع الملحقية التركية و نشاط افرادها في الموصل الذي اثار الشكوك قبيل و عند شروع داعش باحتلال الموصل، و لأن التواصل و التعامل العالمي مع داعش كان يجري دوماً عبر تركيا . . من نقل الملتحقين الجدد و نقل الاسلحة و المعدات و اخلاء و علاج الجرحى في المستشفيات التركية القريبة لها، و الى تصدير النفط الخام او مشتقاته من المصافي التي احتلتها داعش، و الى اسواق النخاسة سيئة الصيت حيث جرى بيع الرقيق من النساء السبايا فيها من ايزيديات و مسيحيات و شيعيات و سنيات معاديات . .

اضافة الى رفض تركيا الانضمام الى التحالف الدولي الذي يحارب داعش عند اعلانه ، و ان استجابة اردوغان تأتي الان فقط بعد انواع الضربات التي تلاقاها نظامه و في فترة الخسارات المتلاحقة لداعش على يد القوات العراقية المشتركة و قوى التحالف الدولي من جهة، و لإحتضانها و دعمها لأوساط سنيّة اكثر تشدداً باعتبارها (الراعية الكبرى) لها و الداعية الى عودة دولة آل عثمان السنيّة المتشددة . .

الأمر الذي يزيد القلق من تواجد عسكرييها قرب مدينة الموصل الآن، و اصرارها الداعي الى انها تشارك حتماً في تحرير الموصل (انتصاراً للسنة و التركمان) كما تدّعي، دون موافقة الاطراف المعنية و على رأسها الحكومة العراقية، في اجواء تحاول الدولة التركية زيادة تلبيدها بالطائفية، بعد معاناة اهل الموصل منها و من حكم داعش الاجرامي الحامل للراية الدينية و الطائفية زوراً، لمعاداته كل الطوائف.

و الى انتشار اخبار تفيد انها محاولة لإنقاذ اعداد من الدواعش الاتراك المتواجدين داخل الموصل في الوقت الحاضر بينهم ضباط من المخابرات التركية المدربين على النشاطات الخاصة، و الذين هم على اتصال بالقطعات العسكرية التركية المتواجدة في بعشيقة، من اجل اخراجهم و عدم افتضاح امر الدور التركي مع داعش، كما عبّر عدد من النواب العراقيين . .

و يرى مراقبون بأن القلق الآن بين اهالي الموصل ينبع من تزايد العنف و ضحاياه في المعارك التي بدأت لتحرير الموصل، بسبب لامبالاة داعش بارواح المدنيين و استخدامهم كدروع بشرية كجريمة من اشنع جرائم الحروب التي عُرف بها من جهة، و من جهة اخرى اصرار القوات العراقية المشتركة على تحرير الموصل من الاحتلال الداعشي الهمجي، مع شعور الفرح عند اهالي الموصل لبداية أمل جديد، بعودتهم لوطنهم الأم . .

و ما يزيد القلق بين اهالي الموصل، تخوفهم من التطرف الطائفي الشيعي الذي كانت ترفع شعاراته و تمارسه وحدات او ميليشيات وقحة على حد تعبير السيد الصدر، ممن تتحرك ببرقع الحشد الشعبي، و تدّعي بملء الفم انها تعود لمرجعية ولاية الفقيه الايراني السيد الخامنئي و انها قادمة (لاتمام الثارات الشيعية من السنّة الكفرة)، كأنما غالبية ابناء الموصل و هم من المسلمين السنّة، من مؤيدي المجرم خليفة داعش البغدادي، و كأنما لم يروا و يسمعوا ماعمل هذا الخليفة باهالي الموصل و ما انزل عليهم من ارهاب و تعذيب و تقتيل و ما يأخذ منهم من رهائن . .

و يرون ان الارتياح كان كبيراً عندما قُسّمت القوات العراقية المحررة بقيادة السيد العبادي ، ادوارها و مواقعها، و ان لاتدخل قوات الحشد الشعبي و البيشمركة الى داخل مدينة الموصل الاّ في الضرورات القصوى التي قد لايستطيع فيها الجيش و القوات الامنية و قوات الشرطة من التقدم او ان اصيبت بخسائر معيقة لايتمناها احد لقوات التحرير . .

ان القلق على مستقبل اوضاع الموصل خلال و بعد التحرير ينبع من ان سقوطها بيد داعش في صيف 2014 كان تدريجيا على سنوات، بسبب فساد الضباط و تغاضي حكومة المالكي الطائفية و الأميركيين عن عمليات التهريب الكبرى التي كان ينفذها (داعش)، و عن فرضه خاوات ـ اتاوات ـ على التجار والشركات. حتى اعتبر قسم ان (داعش) بالحقيقة كان موجوداً طيلة عشر سنوات في الموصل كدولة داخل الدولة، قبل سقوطها بيده القذرة.

و ان المالكي لم يهتم بالتقارير التي رفعت اليه من كبار موظفي الموصل في ذلك الوقت، عن تورط ضباط كبار في الإستخبارات العسكرية (غالبيتهم من المتشيّعين الجدد) آنذاك، في تسهيل عمل (داعش) في الموصل، وتهريبه النفط بشاحنات عبر منطقة "عين الجحش"، و تأمين اماكن لبيعه وتسهيل دخول تجار و مافيات التهريب، علماً ان اولئك التجار كانوا من قادة الصف الثاني في داعش، و كانوا يجمعون انواع المعلومات . . كلّه مقابل عمولات كبيرة اعمت عيونهم.

و ان عدداً من اولئك الضباط اختصوّا في ابتزاز أصحاب المصالح، في وقت كان يجري الحديث فيه عن ان القضاء لايستطيع ضمن اعلى صلاحياته في الموصل توقيف اي ضابط الاّ بعد موافقة رئيس الوزراء المالكي آنذاك، بغطاء المصالح الطائفية. اضافة الى حصول (داعش) اموالاً طائلة كضرائب شهرية ثابتة من التجار واصحاب المصالح، مضافاً الى نسبة 20 في المئة من ارباح اي مقاولة حكومية، الذي شمل حتى الذين كانوا يعملون مع القوات الاميركية، حيث كان (جباة) داعش يتجولون علناً لجمع الاموال تحت انظار الجيش الاميركي، ثم برعاية جيش المالكي بعدئذ !! في ظروف فقد فيها غالبية الموظفين و الضباط من اهالي الموصل و خاصة الكبار منهما (و غالبيتهم من السنّة) فقدوا وظائفهم بتهم موالاة البعث فترة حكمه البائد، وصاروا باعداد كبيرة يهيمون في الشوارع ـ لتفاصيل اكثر راجع بي بي سي، الشرق الاوسط، الحياة، راديو صوت روسيا . . لشهر تموز 2014 ـ .

و فيما يرى خبراء و سياسيون و عسكريون بان المعركة ستطول، و يحذرون من التصور بأن النصر سيحدث سريعاً و انه سيتم بالنصر العسكري فقط، فإن النصر العسكري الهام فعلاً لن ينجز بسهولة امام السلوك الخبيث المخادع لداعش و لتحصيناته بالاعداد الخيالية للخنادق و الالغام من جهة، و مازرعت تسلكاته الوحشية من احقاد و ضغائن بين مكونات مجتمع الموصل الاثنية و الدينية، اضافة الى المشاكل الطائفية التي تسببت بها حكومة المالكي الطائفية السابقة، ثم داعش . . التي تتطلب جهوداً سياسية و اجتماعية و خدماتية دؤوبة.

فانهم يحذرون من اي تدخل خارجي، من خارج التحالف الدولي و القوات العراقية المشتركة . . و يؤكدون على الالتزام يتوجيهات السيد العبادي، و ما عبّر عنه السيد البارزاني اثر انتصارات المعارك الاولى بانها حققت خطوة هامة حيث " لأول مرة توحدت دماء البيشمركة و الجيش العراقي ضد اعداء العراق . . "، و الالتزام بحقوق و واجبات المكونات العراقية في الموصل بعد عودة النازحين الى ديارهم و تعويضهم، وفق الدستور العراقي الفدرالي بعد اجراء التعديلات الضرورية عليه بضوء التجارب المريرة التي مرّت، و بحصر السلاح بيد الدولة و الجيش، و السير الحقيقي و الفعلي معاً كتفاً لكتف من اجل الدفاع عن الوطن و عن الشعب العراقي بأطيافه . . (انتهى)

  كتب بتأريخ :  الأحد 23-10-2016     عدد القراء :  3279       عدد التعليقات : 0