الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كفانا صراخا ورذاذا ورثاثة*
بقلم : حميد الكفائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

أحد معوقات التطور والتنمية في بلداننا ومجتمعاتنا هو قصور الفهم وغياب الخبرة السائدان بين المتصدين للشأن العام، إذ قلما تجد بينهم من يفهم فهما عميقا متطلبات الدولة الحديثة وتشعبات السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية، بل تجدهم ينطلقون من انحيازات شخصية أو مصالح متخيلة او تفسيرات ضيقة للأمور أو رغبة في الشهرة والحصول على أصوات الناس العاديين عبر إطلاق شعارات وآراء شعبوية دون إدراك لنتائجها المدمرة، ومن يدرك منهم النتائج فهولا يبالي فهمه الأول والأخير هو تحقيق مكاسب شخصية على الأمد القصير.

خذوا مثلا قانون حظر المشروبات الكحولية الأخير في العراق، فهذا القانون يمكن أن يجلب على العراق وبالا جديدا ويتسبب في تشكيل عصابات إجرامية مسلحة جديدة لا يمكن لأجهزة الدولة أن تسيطر عليها أو تردعها لعشرات السنين حتى بعد إلغاء الحظر، كما أنه سيضاعف الفساد مرات عدة وينمّي السوق السوداء ويخلق تجمعات سرية تعادي الدولة والمجتمع وتمارس الجريمة المنظمة. الغريب أن رئيس مجلس النواب اعترف امام وفود اجنبية أن القانون (غير مدروس)! والسؤال هو لماذا إذن تمرره يا سيادة الرئيس؟ ...

لقد اصبح لزاما على الناس أن ينتخبوا من لديه الخبرة والتجربة النافعة والفهم العميق للشؤون العامة بالإضافة إلى توفر الضمير الحي والحس الوطني والالتزام المهني لديه. لكن قانون الانتخابات الحالي لا يساعد على ذلك، فهو يأتينا دائما بنماذج من النواب والمسؤولين اللااباليين وغير المؤهلين للقيادة الذين لا يقدمون للمجتمع سوى اللغو وتوافه الأمور والقوانين أو السياسات المضرة… بعضهم لا يفقه ما يقول أصلا بل ولا يفهم معاني الكلمات التي يطلقها…

..... بعض الأحزاب هي في الحقيقة مشاريع شخصية أو عائلية بحتة وليس لها أهداف وطنية بل تسعى إلى ترسيخ سلطة الشخص أو العائلة واعتقد أن هذا واضح للجميع، فكل من يتولى منصبا يأتي بعائلته وأتباعه وكأن المنصب ملك شخصي له أو هبة نزلت عليه من السماء وليس تكليفا وطنيا مشروطا بالنزاهة وحسن الإدارة… هذه المهزلة يجب ان تتوقف لأنها أحدثت أضرارا بما فيه الكفاية حتى الآن ولم يعد البلد قادرا على تحملها إلى ما لا نهاية… لكنها ستبقى مسؤولية الناس أولا وأخيرا وهم بالتأكيد يستحقون أفضل من الفضائح والنوائح الحالية التي تملأ الفضاء صراخا ورذاذا ورثاثة…

  كتب بتأريخ :  الخميس 03-11-2016     عدد القراء :  2067       عدد التعليقات : 0