الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لمن يخدم ضرب المتظاهرين بالرصاص ؟

تتساءل اوساط واسعة متنوعة داخلية و خارجية ادانت ماجرى، تتساءل عن اسباب الانفلات الفجائي للقوى الحاكمة في ضرب المتظاهرين السلميين بتلك القساوة التي لم تشهدها ساحات الإحتجاجات في البلاد من قبل في مرحلة ما بعد انهيار الدكتاتورية، خاصة و ان المحتجين يحملون ذات الشعارات و الهتافات التي تطالب بالتغيير و الإصلاح، التي ترفعها الكتل الحاكمة ذاتها . .

فالمحتجون يحيّون انتصارات قواتنا المسلحة الباسلة باصنافها و الحشد و البيشمركة على داعش و يطالبون بالتغيير من اجل تثبيت تلك الإنتصارات و الوصول بها الى تحقيق ثمارها الكاملة و اهدافها في حياة آمنة افضل لعموم البلاد بكل اطيافها، و يطالبون تحديداً الآن بتغيير مفوضية الإنتخابات لقرب موعد الإنتخابات . . لأنهم لم يلمسوا تغييراً حقيقياً يُذكر بل تتزايد الحياة صعوبة و الماً . .

الا تتبجح الكتل الحاكمة بكونها وصلت الى الحكم بـ (الإنتخابات و بالإرادة الجماهيرية الديمقراطية) ؟ لماذا تقف اذن بوجه جحافل الإحتجاجات الجماهيرية، بل و يجري ضربها بقساوة و عنف مفرطين تسببا بسقوط 7 شهداء و اكثر من 300 جريح، و سقوط اثنين من منتسبي القوات الامنية ـ فيما انقذت سيارات الشرطة بمبادرة منتسبيها ارواح عدد كبير من الجرحى ـ .

في فعالية ذلك مطلبها لقرب مواعيد الإنتخابات، و لعدم اثبات المفوضية استقلاليتها عن القرار السياسي و عن تفاهم و مخططات الكتل الحاكمة عينها، المخططات التي يتزايد في ظلها الفساد، حتى صارت تُسمىّ بـ (داعش الفساد)، لتشابك مصالحها الأنانية مع داعش الإجرامية، وفق تصريحات و اثباتات برلمانيين بارزين ـ راجع مقابلات النائبة د. ماجدة التميمي على الفضائيات ـ . .

هل لأن الأوساط الحاكمة خافت من التوسع الكبير للمشاركة في الحراك الشعبي وتعزز طابعه الوطني ومضمونه الديمقراطي ، سياسيا واجتماعيا ؟ لأن ماجرى يؤكد على ان السلطة قطعت خطوات جديدة نحو شرعنة العنف ضد الشعب بحجة الحفاظ على الأمن والاستقرار . .

و يتهم و يشير سياسيون و برلمانيون و مراقبون مطّلعون، الى ان المستفيد الأول من بقاء المفوضية و مما جرى هو نائب رئيس الجمهورية و رئيس حزب الدعوة الحاكم، رئيس كتلة (دولة القانون) نوري المالكي، و يتهم خبيرون ايّاه ايضاً، لأن الجماعات المعتدية و اسلوبها و اسلحتها، في الإندساس و الهتاف و الضرب، التي تحرّكت و كأنها ميليشيا حزبية بغطاءات رسمية و دبّرت الاعتداء، تحرّكت بنفس الاساليب التي تحرّكت بها لتمزيق تظاهرات الإحتجاج على حكم المالكي آنذاك . .

و حيث كشفت وقائع متعددة ان الاعتداء كان مهيّأ له و ليس صدفة و انه كان جزءاً من التضييق على التظاهرة الكبيرة و منعها، التي كان من خطط ذلك المنع، منع الدخول لمن يريد المشاركة بالتظاهرة من خارج بغداد اليها، بمذكرة عممت من قيادة عمليات بغداد الى السيطرات هناك قبل يوم من موعد التظاهرة، كما افاد شهود موثوقون . .

و فيما تتهم صحف منها صحيفة "العربي الجديد" لشهر شباط الجاري، و وثائق ويكيليكس . . تتهم المالكي باتباعه تلك الأساليب، و تشير بتفاصيل و اسماء الى وحدات خاصة شكّلها لمهمات خاصة في فترة حكمه و كونها لاتزال تحت امرته.

اشار النائب فائق الشيخ علي عن التيار المدني في مؤتمره الصحفي الى دفاع نواب من كتلة دولة القانون التي يتزعمها المالكي، دفاعهم عن المفوضية القائمة ـ ذكرهم بالاسماء و متسائلاً لماذا لا يمر الإعلام الرسمي على ذلك ـ و الى أن "المندسين هم من أيام حكومة المالكي، وهو الذي يأتي بالمندسين الذين يحملون الهراوات والسكاكين ويستخدمون القمع ضد المتظاهرين " في معرض تأكيده على ان "مجلس مفوضية الانتخابات سوف يتغير بكل الظروف إن كان بالدماء أو بالتظاهرات السلمية" . .

واشار النائب مشعان الجبوري عبر فضائية ان ار تي علناً الى التزوير و الحيل اليدوية و الألكترونية و عدم شراء نظام الكتروني كامل لعملية التصويت، بدورة حكم المالكي بدعوى تقليل المصروفات . . التي اتبعها هو و وزراءه و اعضاء بارزون في المفوضية القائمة، لأنجاح و افشال المرشحين في الإنتخابات، و بالتالي لضمان عودته (المالكي) للسلطة .

من جهة اخرى، تشير وكالات انباء عالمية منها رويترز الى سعي المالكي الحثيث للعودة الى رئاسة مجلس الوزراء بدعم من القوى و الميليشيات الاكثر ولاءً لنظام ولاية الفقيه الإيراني، لأن عودة المالكي إلى السلطة يعزز نفوذ إيران في بغداد (مقارنة بالسيد العبادي الذي صار رئيساً للوزراء بمباركة اميركية ـ ايرانية ، على حد تعبيرها ) . . الأمر الذي يعطي طهران بعودته، ثقلا في أي صراع مع الإدارة الأمريكية التي بدأت بفرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية في أعقاب اختبارها الصاروخي الشهر الماضي.

و فيما ترى اوساط ديمقراطية و مطّلعة و مراقبون حريصون، انه فيما تتوسع قاعدة المشاركة في الحراك الشعبي ويتعزز طابعه الوطني ومضمونه الديمقراطي ، سياسيا واجتماعيا و بدلالة اعراب قوى واوساط سياسية واجتماعية واسعة ، عن ادانتها للعنف المفرط غير المبرر الذي مورس بحق المتظاهرين السبت الماضي و سقوط قتلى و جرحى ضحايا له، ولأن الاحتجاج السلمي امر مجاز دستورياً ، و لأن الإعتداء بالنتيجة يربك المعركة المظفّرة ضد داعش، ولايخدم الاّ خلاياه النائمة سواء اردنا ام لا . .

تحاول جهات التقليل من شأن التظاهرات والفعل الاحتجاجي، و تحاول حصرها الآن بالتيار الصدري فقط وكأنها مطالب فئوية في اطار صراع شيعي- شيعي على المواقع والامتيازات، في طروحات تهدف الى تشويه طبيعة الحراك ومطالبه.

متجاهلين ان الشعارات والمطالب مرفوعة في ساحات الاحتجاج منذ انطلاقها عام 2011 و تواصلها، كانت و لاتزال شعبية ووطنية لا تنحصر بحزب او حركة سياسية واحدة كما تؤكدها المطالبات المتمثلة بالاصلاح الجذري، والمحاربة الحازمة للفساد ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، وكبارهم في المقدمة، وتوفير الخدمات وتخفيف الاعباء المعيشية الضاغطة على الجماهير الشعبية والفقراء وذوي الدخل المحدود .

و التي منها المطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات واعادة تشكيلها على اسس الكفاءة والنزاهة والاستقلالية بعيداً عن المحاصصة الطائفية والاثنية والسياسية، وتشريع قانون انتخابات منصف وعادل، فان تلك المطالب ليست محصورة بالتيار الصدري والتيار المدني، بل هناك قوى تشاركها حتى من الاوساط الواسعة من المحرومين ضمن الاحزاب التي تشكل الكتل المتنفذة.

و ان تصعيد الضغط الجماهيري من اجل اصلاح المنظومة الانتخابية ضروري لاحباط محاولات تمرير تشريعات تعيد انتاج " الطبقة" السياسية المتنفذة، الماسكة بمفاصل السلطة منذ التغيير والتي اثبتت فشلها وتورطها في الفساد ، و من اجل ضمان ايصال الارادة الشعبية لممثليها الحقيقيين في السلطتين التشريعية والتنفيذية. و يرون في الانتخابات القادمة مدخلا لإحداث التغيير المنشود ولتنفيذ الاصلاحات السياسية والاقتصادية والمؤسسية المطلوبة.

و تحذّر اوساط حريصة و مستقلة من ان لجوء اطراف حاكمة الى استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين الذين يزدادون عدداً و تنوعاً، لعدالة مطالبهم و تزايد الوعي بأهميتها . . يحذّرون المتظاهرين من ان يكون ذلك العنف طُعماً و فخّاً كبيراً لجرّ اوساط اقل وعياً منهم الى اللجوء الى العنف ايضاً دفاعاً عن النفس، ليقعوا في مصاب جلل كما حدث في الأنبار، في اعتداءات اجهزة المالكي اللاإنسانية على المحتجين ـ بدلاً من التوصل الى حلول عادلة سلمية لمطالبهم ـ و التي تسببت بالتالي بدخول داعش و ارهابيين آخرين عليها، لتتسبب باهوال و مذابح لايتسع لها المقال.

و ترى اوسع الاوساط ضرورة التحقيق الجاد فيما جرى و في اطلاق صواريخ الكاتيوشا على الخضراء . . اصلاحاً لسمعة و دور الحكومة في العالم، و البلاد بكل مكوناتها في الخندق الأمامي في محاربة داعش . . واعلان نتائجه للرأي العام، وتقديم المسؤولين عن استهداف المتظاهرين السلميين بالرصاص وعن ممارسة العنف المفرط الى القضاء.

من اجل ضمان الإنتصار الثابت و الدائم على داعش الإجرامية في جبهات القتال و على فلوله و خلاياه النائمة في المدن، و من اجل الأمن و الخبز و الحرية . .

  كتب بتأريخ :  الخميس 16-02-2017     عدد القراء :  3090       عدد التعليقات : 0