الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل أصبحت التورية لغة المسؤولين لطمس الحقيقة

لقد كثر إستعمال القائمين على مواقع القرار في حكومات ما بعد سقوط الدكتاتورية ،ﻹسلوب لغة التورية في اﻵونة اﻷخيرة ، ولزيادة معرفتي بهذا اﻹسلوب ، سيما و إن ما درسوه لنا في المدرسة ، قد داسته نزاهة الحكومات التي تعايشنا معها في عهد المراهقة ، متحولة لناقوس يدق في وادي النسيان ، في ظل الحكومات الدكتاتورية ، ومع هذا ﻻ زلت أتذكر ما كنا نتحاجج به ونحن صبية ، ما يقصده القائل ( حسب ما أتذكر ) ، طرقت الباب حتى كلمتني ولما كلمتني قالت أيإسماعيلصبري .

لجأءت لكوكل لمعرفة المزيد عن هذا اﻷسلوب لكنه يشف غرضي . ولكثرة تناول سياسيو الصدفة لهذا اﻷسلوب اللغوي ، في كل صغيرة وكبيرة تحصل في هذا الوطن الجريح ، دفاعا عن مسؤوليتهم لما يحدث من مآسي وويلات منذ تبنيهم نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، وربطهم الحكم بالدين ، خلصت بمعرفة أنها تعني ما تعنية ، هو إخفاء حقيقة من يقف وراء الفاعل لما اصابنا من مآسي ونكبات بكلمات لها معنيان قريب ظاهر في العرض أو التصريح به ، بقرينة تدل على عملية الحدث ، بشكل ﻻ يُراد به معرفة الحقيقة ، بمعنى إخفاءها عن مريديها بإسلوب التورية المتداول حاليا من قبل الكثير من قادة اﻷحزاب اﻹسلامية المرتبعين على كراسي الحكم ،  والذين لم يلمس المواطن تصفيتهم لما ورثوه من الدكتاتورية ، سوى إطلاعه على ما يكلفوا خزينة الدولة ، وبأن ملكيتهم المنقولة وغير المنقولة تراكمت بشكل أفلس الحكومة ، وأثقل كاهل الشعب الذي كانوا يحسبوا على فقراءه

فالبعض من المسؤولين ، يستخدم اللغط اللغوي لتضييع حقيقة  اﻷحداث المأسوية التي لم تنفك تلازم الشعب والوطن منذ تسنمهم السلطة من المحتل ، كالفساد والسحت الحرام ناهيك عن ما يحصل من أنفلات أمني وخصوصا في العاصمة بغداد ، تنتهي بكليشة حفظها الشعب ... هذا وقد فرض طوق أمني على منطقة الحدث ، ونقلت سيارات اﻹسعاف القتلى للطب العدلي والجرحى للمستشفيات ، كما أنه قد شُكلت لجنة تحقيقية ، لمعرفة الفاعل ، وليومنا هذا  ننتظر دون جدوى نتيجة تحقيق اللجان التي ﻻ يمكن إحصاءها عدديا لكونها مرتبطة بما حل بنا من مأسي وويلات خلال 14 عاما من تحكم اﻷحزاب اﻹسلامية وسيطرتهم على مقود العملية السياسية . فعلى الرغم من معرفة جماهير شعبنا المغلوب على أمره من اﻹفراط في إستعمالهم لغة التورية لطمس حقيقة اﻷمر الذي يكمن ، بعدم إمتلاك الشجاعة الازمة وبشكل صريح اﻹشارة ، إلى من يقف وراء تلك المأسي والويلات ، و عندها تخلط   اﻷوراق ، لتقبر حقيقة إحداثيات الفعل في دهاليزها اللجان المشكلة طبعا من قبلهم فحسب . وهذا بنظر المراقبين وبصورة خاصة الصحفيين و كل من يلاحق راس شيليلة الحقيقة ، مما يدل على سعة مساحة الديمقراطية ، التي جاء بها المحتل وسلمها لمن ﻻ يؤمن بها ،  ليتمتع بها اﻹعلام الحر ، وهو يدفع ثمن المطالبة بتطبيقها بشكل حي ، إما بالتصفية الجسدية ، أو بإرهابه  ، حتى ﻻ تخول له نفسه  التجرء في فضح المستور الذي اراد المسؤول حجبه عن الجماهير . إلا أن طبيعة العراقي التي إبتلي بها ، كونه إمفتح باللبن ، وبسرعة الحدس وعدم طول التأمل ، فهو سرعان ما يجد الغرض الذي يقف وراء  حجب الحقيقة عن الجماهير . ومع هذا يراهن البعض من المواطنين ، على أن دوافع ذلك يكمن وراءها هروب المسؤول من المحاسبة القانونية ، وتجنبا لتلفيق التهم التي برع بها بعض المرابطين في موقع القرار . وبما أننا أبناء الكرية كلمن يعرف أخيه ، فإن ما نسب لمندسين بإستعمال القوة المفرطة لتفريق التظاهرات السلمية يقع ضمن تمويه حقيقة الحدث ، بحجة  المحافظة على سير التظاهر السلمي ، وكما إن إطلاق النار على المظاهرة يوم السبت الماضي الذي راح ضحيته شهداء والمئات من الجرحى جاء ضمن السياقات المعروفة ، بتحميل مندسين مسؤولية الشغب وإستعمال القوة المفرطة بما فيه السلاح الحي  .

لقد إمتلأت بطون العراقيين وداخت رؤوسهم من كثرة التمنطق واللف ودوران ، بإتخاذ أجراءات حاسمة ﻹيقاف سيل الدماء ، جراء القوة المفرطة التي يتعامل بها مع المتظاهرين ( المكفول حقهم دستوريا ) ، خاصة حينما يطالبوا سلميا بمحاربة الفساد ، وإحداث التغيير واﻹصلاح الذي وعدوابه الشعب ، والتوجه بحزم نحو إيقاف مسلل اﻹنفلات اﻷمني الذي يوميا يحصد ارواح العشرات من المواطنين ، بدلا من التخطيط لكيفية إستعمال القوة المفرطة في فض النضال المطلبي . وفوق هذا كله بدون وجل يطالبوا المتظاهرين بالمساعدة في الكشف عن من يقف وراء المندسين ، لكون أﻷجهزة اﻷمنية (التي لها حصة اﻷسد من ثروات البلاد) ، عاجزة عن توفير اﻷمن للمواطنين ،

لقد إستطاب المسؤولون لغة  التورية , لذا يخرجوا علينا بين وقت وأخر بوثيقة شرف ، أحرها ما طرح على الشعب صيغة حكومة اﻷغلبية ، التي سرعان ما قبرت ، ليحل محلها حكومة اﻷغلبية الوطنية ، وهذا أيظا نوع من أنواع التورية السياسية لمفهوم التحاصص ، والجماهير تدرك أن من يطرح ذلك هو من يتمنطق باسلوب التورية ﻹخفاء حقيقة من يقف وراء تحجيم الديمقراطية السياسية واﻹجتماعية المحميتان دستوريا ، غير من ﻻ يؤمن بهما .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 17-02-2017     عدد القراء :  2955       عدد التعليقات : 0