الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل لدى قوى الخضراء خبرٌ بهذا؟

في بيان أطلقه مع انطلاق عمليات تحرير الجانب الأيمن (الغربي) من مدينة الموصل، ووزعته السفارة الأميركية في بغداد صباح أمس، أورد قائد قوات التحالف الدولي العاملة في العراق، الجنرال ستيفن تاونسند، معلومة أفادت بأن التحالف المساند للقوات العراقية المقاتلة "ضمّ 65 دولة توحّدت من أجل هزيمة داعش".

بطبيعة الحال، هذه المعلومة تعزّز الأمل لدى العراقيين بأنّ هزيمة التنظيم الإرهابي ستكون مؤكدة وماحقة أمام قواتهم المسلحة مادامت تحظى بالدعم من 65 دولة، في مقدمها الدول الكبرى جميعاً.

لكن هذه المعلومة تُحيل، من جانب آخر، الى مفارقة كبرى. بينما يتوحد العالم في مساندتنا عسكرياً واستخبارياً وسياسياً ومالياً لتمكيننا من تحريرأنفسنا ومدننا وأراضينا من الوحش الإرهابي، فإننا على الجبهة الداخلية، وهي الأهم في هذه الحرب كما في كل حرب، لسنا موحّدين، بل لسنا في أدنى المستويات من الانسجام في ما بيننا لتحقيق جبهة داخلية متماسكة توفر الدعم القوي، المعنوي في الأقل، للقوات المقاتلة الآن، وتُمهّد للسلام والاستقرار اللازمين لمرحلة ما بعد داعش، وهي مرحلة ستكون مفصليّة وحاسمة على صعيد تقرير مصير العراق برمّته ومستقبله.

القوى السياسية، بالذات المتنفّذة في الحكم، تبدو اليوم كما كانت دائماً منشغلة بصراعاتها على السلطة والنفوذ والمال، وبمناكفاتها ومهاتراتها وحروبها الدعائية التسقيطيّة التي غالباً ما  تتجاوز الأحزمة إلى ما تحتها.. هذه الصراعات تتجاوز أيضاً ما يُعرف بالمكوّنات (شيعة، سنّة، كرد وسواهم) إلى مَنْ يقدّمون أنفسهم بوصفهم ممثلين شرعيين ووحيدين لهذه المكونات.. صراعات ومناكفات ومهاترات وتسقيطات سياسية وأخلاقية بين أحزاب الإسلام السياسي الشيعي نفسها وبين أحزاب الإسلام السياسي السنّي ذاتها وبين الاحزاب الكردية أيضاً، وكذا التركمانية والآشورية الكلدانية.

هذه الأحزاب والجماعات والكتل منصرفةٌ عن الهموم العامة والمصالح الوطنية إلى مصالحها الحزبية وهموم زعمائها الشخصية، عيونها شاخصة بأبصارها نحو المغانم والمناصب، ولا تبدو مكترثة بتفاصيل حرب التحرير الوطني الدائرة في الموصل.

تابعوا معي من اليوم فصاعداً واحصوا بأصابع أيديكم: كم سياسياً ونائباً ، بمن في ذلك سياسيّو محافظة نينوى ونوابها وسياسيّو "المكون" السنّي ونوابه، سيتجشّم عناء السفر إلى مدينة الموصل (الجانب الأيسر المُحرَّر) أو المناطق القريبة منها، ليقف بنفسه على سير المعارك وعلى الخدمات المُقدَّمة إلى أفواج النازحين؟ ... كم سياسياً ونائباً سيُمسك بلسانه هذه الايام في الأقل ليتوقف عن التحريض الطائفي؟ .. كم قناة تلفزيونية وصحيفة تموّلها هذه الاحزاب وقياداتها ( من المال العام المسروق في الغالب)، ستعقد هدنة وتتوقف عن بثّ خطاب الكراهية؟

للقوات التي تخوض معارك تحرير الموصل الآن، أن تتوقف 10 أو 15 من القوى المتنفذة في السلطة، عن صراعاتها من أجل السلطة والمال والنفوذ وأن تكفّ عن مناكفاتها ومهاتراتها، هوأمرٌ بأهميّة ما تقدمه لها 65 دولة من دعم عسكري ولوجستي وسياسي، وربما أكثر من ذلك.

هل لدى قوى المنطقة الخضراء خبر بهذا؟!

  كتب بتأريخ :  الأحد 19-02-2017     عدد القراء :  2085       عدد التعليقات : 0