الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
قانون الانتخابات بين ترسيخ الفساد و كوّة التغيير

يتساءل البعض عن مغزى تركيز حركة الاحتجاج في الاشهر الاخيرة على موضوعة الانتخابات، بعد ان كان شعارها اصلاح النظام السياسي وتخليصه من المحاصصة الطائفية والاثنية، ومحاسبة الفاسدين، وتوفير الخدمات. حقا انه تساؤل مشروع، فيما اذا كانت المطالب التي تتوجه الى السلطات الثلاث تلقى استجابة ملموسة في هذا الاتجاه. لكن للاسف لم يتم الاصغاء الى مطالب المحتجين ولم ينفذ لهم اي مطلب حتى وإن كان ثانويا، بل على العكس من ذلك ازداد تمسك المتنفذين بنهج المحاصصة، و لم يجر اي تحسن على مستوى الخدمات. كما ان الفاسدين بقوا في مناصبهم متمترسين، وكل جهدهم هو ترسيخ وجودهم في السلطة متمتعين بالحماية والحصانة.

لم يبق امام حركة الاحتجاج غير التوجه إلى التغيير عبر صناديق الاقتراع. في وقت تشير المؤشرات إلى عزوف المواطنين عن التوجه للانتخابات، لعدم جدواها، حسب قولهم، بسبب بقاء نفس الوجوه بعد كل عملية انتخابات، و من دلائل هذا العزوف هو تواضع اعداد المسجلين في التسجيل البارومتري، وهو نظام تدقيق لسجل الناخبين الكترونيا. وهذه المؤشرات تعبر عن عدم الثقة بالعملية الانتخابية.

ان احد اهم المعايير الاساسية لنجاح الانتخابات هو حجم مشاركة المقترعين. وكي يتم تجاوز حالات العزوف، وتشجيع المواطنين على ان التغيير ممكن، وباستطاعتهم التغيير عبر صناديق الاقتراع، ينبغي ان يشهد الناس تغييرا في المنظومة الانتخابية. ومن هنا اصبح من شأن تشريع قانون منصف وعادل للانتخابات، وكذلك تغيير مجلس المفوضين بمجلس كفوء بعيد عن المحاصصة، أن يعيد امل التغيير الى الناس. وبينما يركز المحتجون على هذا المطلب الواقعي والدستوري، فإن المتنفذين يعدون العدة لتشريع قانون يعيدون به انتخاب الفاسدين والفاشلين وصقور الصراع الطائفي، وذلك عبر القائمة المغلقة! فمن المؤكد ان اهتمام القوى المتنفذة ينصب على إدامة المحاصصة الطائفية والاثنية، واستبعاد التيار المدني، وكل قوى الاصلاح والتغيير من التمثيل، في محاولة لتأبيد وجود المتنفذين في السلطة بعد فشلهم في ادارة البلاد وجعلهم العراق مرتعا للارهاب والفساد والفقر والامية والامراض والتخلف. ومن اجل السلطة وحدها بما تعنيه لهم من مال ونفوذ وصفقات فساد ووجاهة وحصانة تحميهم من الملاحقات القانونية، واجهوا المحتجين يوم 11 شباط الدامي بالعنف والترويع والقتل، اذ شهدت شوارع بغداد مجزرة وحشية سقط فيها 12 شهيدا، و 28 جريحا.

ان اختيار النظام الانتخابي قرار مهم يحدد مستقبل الحياة السياسية في البلد، ويرسم معالمها. وبطبيعة الحال فان القوى المتنفذة في المجتمع (أي مجتمع) لها دورها في اختيار النظام الانتخابي، وبما ينسجم مع مصالحها، ويؤمن لها التمثيل الذي يناسب طموحاتها، ويستجيب لتطلعاتها. وبهذا المعنى فإن القضية ليست مسألة فنية بحتة يصممها خبراء ومختصون مستقلون، حيث ان المصالح السياسية تشكل الأساس في قرار اختيار النظام الانتخابي. ومن هنا ينبع الاهتمام بالأنظمة الانتخابية واختيار أفضلها. كما ان الواقع السياسي للبلد المعني له الدور الأساس في تحديد المبادئ والآليات الصحيحة التي يعتمدها، بهدف إيجاد ضمانة قوية لممارسة عموم المواطنين حقهم الانتخابي وفق النظام الانتخابي المناسب.

ان الانتخابات ليست عملية بسيطة، فالهدف منها ايجاد افضل الممثلين لارادة المواطنين، ويتم ذلك عبر توسيع المشاركة فيها، وتحسين ادارتها، وتسهيل ممارستها، وهي بالتالي ليست مهمة الغير، بل هي مهمة كل مواطن واعٍ، فهي الخيار الاساسي المتاح لاجراء تغييرات تمكن المواطن من تحقيق ما يصبو اليه

  كتب بتأريخ :  الخميس 23-02-2017     عدد القراء :  3288       عدد التعليقات : 0