الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
جامعاتنا خارج نطاق التصنيف!

أدنى ترتيب بين الجامعات في "تصنيف التايمز للجامعات في العالم" للعام المقبل (2018)، احتلّته جامعتان تركية وإيرانية. الأولى هي جامعة يديتبه الخاصة المؤسسة في إسطنبول في العام 1996، والثانية جامعة زندان الإيرانية المؤسسة في العام 1975، بتصنيف (1001) لكل منهما.

هذا التصنيف السنوي لم يظهر فيه هذه المرة أيضاً اسم أيّ من الجامعات العراقية، بما فيها جامعة بغداد والجامعة المستنصرية العريقتان.

بالطبع ليس ثمة مؤامرة إمبريالية أو صهيونية أو رجعية  أو إرهابية أو ناصبية أو رافضية  وراء اختفاء الجامعات العراقية من هذا التصنيف أو سواه. إنه تصنيف خاص بالمواقع التي تحتلّها الجامعات من مستوى 1 إلى مستوى 1001. وما يحدّد ورود اسم جامعة ما وموقعها في التصنيف معايير علمية مهنية شاملة.

التعليم لدينا كله "خربان" .. هذا أمر واضح ونتائج البكالوريا العامة من العلامات الصادمة على صدقية هذا الحكم. التعليم العالي ليس واحة وسط صحراء، فحاله من حال التعليم ومن حال البلد. خراب التعليم العالي هو الأكثر سوءاً في عواقبه ،لأن هذا الميدان هو "مصنع" الكفاءات.

خراب التعليم له أسباب كثيرة: الدكتاتورية وحروبها سبب رئيس، الإرهاب سبب رئيس آخر، لكن هناك سبب رئيس ثالث يفعل فعله الكارثي الآن، هو الفساد الإداري والمالي. وهناك سبب رئيس آخر يضاف إلى كل هذه الأسباب، يتمثّل في ظاهرة الاستثناءات في القبول في التعليم العالي، وهي استثناءات يتّسع نطاقها وتتعدّد صنوفها السنة بعد الأخرى، وربما لن يكون بعيداً الوقت الذي تصبح فيه الاستثناءات قاعدة والقاعدة استثناء.

حتى السبعينيات من القرن الماضي كانت جامعة بغداد واحدة من الجامعات المعتبرة في العالم. وقد ساهم العشرات من أساتذتها وخرّيجيها في تأسيس وتطوير جامعات في المنطقة، وبخاصة في بلدان الخليج العربي التي يحتلّ العديد منها الآن مراكز متقدّمة في التصنيفات الدولية. وبعد وقت قصير من إنشائها احتلّت الجامعة المستنصرية هي الأخرى موقعاً مناسباً.

لا أظنّ أنّ من الحكمة والوطنية الاستسلام للأمر الواقع واتّخاذ موقف المتفرّج حيال التردّي المتواصل للتعليم والتعليم العالي في البلاد. وليس من الحكمة والوطنية أيضاً الاستمرار في تعبئة الجامعات بحمَلة أوراق الاستثناءات، فهذا ممّا يساهم في انهيار مستوى التعليم العالي.

تستطيع الدولة أن تكرّم الشهداء والسجناء السياسيين وأن تعوّض جرحى الحرب والإرهاب وذوي الاحتياجات الخاصة بأشياء عديدة أخرى غير فرض أبنائهم فرضاً على التعليم العالي.. توزيع دور سكنية وقطع أراضٍ ومنحٍ أو قروض مالية أو إيجاد مصادر عيش هي أنفع وأكثر جدوى لهؤلاء ولعوائلهم من "إهدائهم" مقاعد في الكليات وشهادات تخرّج لا يستحقونها.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 15-09-2017     عدد القراء :  1539       عدد التعليقات : 0