الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
دعشنة القوانين ﻷجل إستدامة عدم المساواة بين الجنسين

اﻷغلبية العظمى من اﻷحزاب اﻹسلامية تحصر نفسها ضمن فكر طوبائي ، يستقى من التشريع القديم ومن فتاوي أئمتهم ، الكثيرمن ما يندرج ضمن المعيقات اﻹجتماعية أو التطرف الديني الساعي لخلق نموذج بعيد كل البعد عن التحصيلات والمدركات الوقتية التي يسير بها الوطن . واﻷمر اﻷكثر غرابة في أن هذه اﻷحزاب تنهض في إعادة إنتاج الماضي وضرورات المحافظة عليه بكونه يشكل خط سير لها في السيطرة على مقاليد السلطة، وهذا الفكر الذي يدور في نهج أحزاب اﻹخوان المسلمين وتوابعهم ، برز بشكل واضح في مصر وبلدان شمال أفريقيا ، بينما تلعب اﻷحزاب اﻹخوانية في البلدان العربية وتركيا وبعض الدول اﻹسلامية، أدوار خفية في مسيرة تشريع قوانين تحاكي طموحاتهم في تثبيت ونشر تعاليم نهجم في إعادة رسم القديم بما فيه دولة الخلافة اﻹسلامية ، والذي ﻻ يحاكي العصرنة والتقدم في العالم.

ففي العراق مثلا قدم أحد أﻷحزاب اﻹسلامية المتنفذة قانون الجعفري للأحوال الشخصية كبديل لقانون 188 لسنة 1959 النافذ المفعول، فجوبه بالرفض المطلق لجماهير شعبنا وقواه الوطنية . وبعد مضي ما يقارب من عقد من الزمن عادت نفس ﻷحزاب اﻹسلامية التي ﻻ تتقبل قانون 1959 للأحوال الشخصية ، ﻹحتوائه على مواد تنصف المرأة العراقية . فطرحت تعديلا له يحاكي قانون الجعفري ، لُتُطمأن وتُرضي به هوس الزواج بالقاصرات من بنات التسع وحتى السبع سنوات ، من الذين لن يستطيعوا إستيعاب المساواة بين الجنسين . وبشكل ملتو تحت يافطة قانون تعديل قانون اﻷحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 النافذ المفعول ، والذي عُد بأنه يُشكل نكسة جديدة لحقوق المراءة العراقية ، كما أكدت عليه إحدى النساء العراقيات لما تضمن من مواد تجيز الزواج بالقاصرات . بينما إعتبرته عموم جماهير شعبنا وأحزابها الوطنية ، أهانة ونسفا لما حققته ثورة تموز المجيدة ﻹحتوائه على مواد تنصف المراءة العراقية ، و يُراد إلغاءها بقانون التعديل هذا ، حيث إن بعض مواده تسعى بشكل صريح لربط المراءة العراقية بمقوﻻت إفتاء بعيدة عن روح العصر ، فهو لن يصادر حقوقها فحسب ، بل يُحول ما يخص اﻷحوال الشخصية إلى اﻷوقاف الدينية ، ويبعد يد سلطة القضاء عن صيانة الحرية الشخصية عند اللجوء اليه ، حيث تنص أحد مواده على ضرورة إلتزام المحكمة المختصة بنصوص تناولها ، لنصوص قانون اﻷحوال الشخصية ، بإتباع ما يصدر عن المجمع العلمي في ديوان الوقف الشيعي واﻹفتائي في ديوان الوقف السني وتبعا لمذهب الزوج . عنده فحسب يصح سبب الحكم ، ويصبح ساري المفعول

سرعان ما تلقفه رئيس مجلس النواب ليعمل على تمريره ، وخاصة بعد أن حظي بقبول البعض من البرلمانيات والبرلمانيين للقانون ، من حيث المبداْ مما أثار جدﻻ واسعا بين أوساطهم ، ناهيك عن السخط الشعبي الذي ﻻ يقل شجبا وإستنكارا عن موقفهم تجاه قانون الجعفري عند طرحه ، بمناهضة مجرد مناقشته في المجلس.

إن تمرير قانون التعديل لقانون 188 الجاري المفعول ، سيصعد من التجييش الطائفي بين المكونين الرئسيين للمذهبين اﻹسلاميين ، ﻻ ﻵنه يهضم حق المرأة باتباع مذهب زوجها فحسب ، وإنما سيفتح اﻷبواب قانونيا أمام معتنقي مبدأ تعدد الزوجات والميسورون إقتصاديا والمولعون بزواج القاصرات ( تسعة سنوات) .مما سيحول دورالمراءة لخادمة في البيت تسهر على رعاية الزوج وتلبية رغباته ، وتكون مرتبطه به معاشيا ، وكأنهم بذلك أرادو به أن يكون نسخة طبق اﻷصل لنهج داعش ، الذي يمعن في إمتهان كرامة المراءة ، فيسبيها وحتى يبيعها في سوق النخاسة ، كما حصل عند إحتلال داعش لثلث أرض الوطن ، باﻹضافة لكونه سيسمح لبعض القوى اﻹسلامية المتطرفة الحاملة للسلاح ، بفرضه على جميع مكونات مجتمعنا المتعدد اﻷديان والمذاهب، وبتطبيقه ستلغي كل المساعي الرامية إلى إعتماد المساواة بين الجنسين والتي تنهض بها الحكومة العراقية

إن هذا القانون الذي تُبني من قبل القائمين على نهج المحاصصة الطائفية، ومن ضمنهم رئيس مجلس النواب الذي فاته أن يدرك تواجد مكونات عرقية غير مسلمة في المجتمع العراقي ، فهناك مسيحيون كلدان وآشوريين وسريان وبجانبهم صابئة مندائية وبهائيين ونسبة كبيرة من العلمانيين ، ليسوا من مذهب شيعي واحد . فهل من تبناه يرتضي أن يزوج بنته في سن التاسعة، لتصبح ذليلة البيت وهي لم تكمل الصف الثالث اﻹبتدائي ، لتبقى أمية ﻻ تجيد القراءة والكتابة بشكل صحيح ، وﻻ تستطيع اﻹعتماد على نفسها إقتصاديا . تحقيقا لمبدأ ما يريده البعض من الأسلاميين ، بعزل المرأة العراقية عن أخيها الرجل بصفتها عورة وإنسان غير متكامل ، مع إستغفال أن قانون التعديل جاء متضاربا في مواد عديدة لمواد في الدستور العراقي وخاصة مادته (2) أوﻻ وج التي تنص على أنه ﻻ يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات اﻷساسية.

إن الكرة حاليا في ملعب المراءة العراقية ، فهي مدعوة كما عُهد بها للتصدي لطرحه ومناقشة هذا القانون المجحف بحقها في البرلمان ، وخاصة النائبات منهن قبل فوات اﻷوان، وذلك بعدم الخضوع ﻷرادة رئيس الحزب أو الكتلة التي تنتمي إليها.، وبجانب ذلك أن تصعد مع أخيها الرجل وعلى كل المستويات من حراكها ﻹيقاف إمتهان كرامتها ، باعتبارها النصف الثاني للمجتمع والمربية للأجيال القادمة.

فليرتفع صوتكن ضد عدم المساواة بين الحقوق والواجبات بين الجنسين وأن تصعدن من ضغوطكن عبر التظاهر واﻹحتجاج بكل ما أتيح من وسائل أباحها الدستور العراقي وحقوق اﻷنسان في حرية التظاهر والتعبير أمام رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب . لقطع دابراﻹنتهااكات التي تثار بين فترة وأخرى للحد من الحرية الشخصية والمساواة بين الرجل والمرأءة ، ولوضع حد لتطاول بعض من يسعى لعزل المرأة اجتماعيا بهذا القانون العقيم وإيقاف دعشنة القوانين المتحضرة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 06-11-2017     عدد القراء :  2397       عدد التعليقات : 0