الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أينما تمتد أصابع السعودية وإيران وتركيا في الشرق الأوسط يرتفع الدخان!

تشير المعطيات المتوفرة على أرض الواقع بمنطقة الشرق الأوسط إلى تفاقم متواصل وخطير في الصراعات السياسية الدائرة بين تلك الدول الإقليمية التي تسعى إلى فرض سياساتها وهيمنتها على دول المنطقة، والتي تحول بعضها منذ سبع سنوات إلى حرب دموية داخلية وخارجية تغذى من الدول الكبرى ومن الدول المنتجة والمصدرة للسلاح في العالم. والمخاطر الكبيرة تبرز في احتمال اتساع عدد الدول الذي يعاني من الحروب الداخلية فيها أو من اعتداءات عسكرية وعدوان خارجي عليها. وإذا كان الصراع العربي الإسرائيلي قد احتل مركز الصدارة في عقود عديدة، بما في ذلك تلك الحرب التي شنّت من دولة إسرائيل ضد لبنان وحزب الله، وكذلك حرب إسرائيل ضد غزة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن إسرائيل لا تجد اليوم ضرورة مباشرة في التورط بحرب جديدة مع الدول العربية، ما دام هناك حكام عرب يمارسون بأنفسهم تدمير الدول العربية. فالصراعات الدائرة اليوم في منطقة الشرق الأوسط قد تحولت منذ سنوات إلى نزاعات عسكرية وحروب دموية ضد شعوب هذه الدول وتدميرية للبنى التحتية والصناعة والزراعة وعموم الاقتصاد الوطني والمراكز الحضارية والجامعات ودور السكن، حتى تحولت مدن سورية كثيرة ومدن يمنية ومدن عراقية إلى مدن أشباح مرعبة حيث أصبح الخراب والدمار شاملين.

فالشرق الأوسط يعاني اليوم من تناقضات محتدمة في المصالح الاقتصادية والرغبة في الهيمنة على سياسات الدول الأخرى وتشكيل مناطق نفوذ حيوية للدول الإقليمية الأكبر في المنطقة، بالتنسيق أو بدونه بين هذه الدول والولايات المتحدة، وأحياناً غير قليلة مع دول الاتحاد الأوروبي، أو مع روسيا. وهي تناقضات ليست دينية أو مذهبية بالأصل، ولكنها تتستر بها لتعبئ شعوبها التي تعاني في الغالب الأعم من نسبة عالية من الجهل أو الأمية السياسية أو الفكر المشوه والمزيف الذي عبئت فيه رؤوس الناس من قبل أجهزة الإعلام ومؤسسات التربية والتعليم في بلدانها. ويزداد الصدام والتدمير حين يتفاعل الجانب الطائفي بالمصالح الذاتية لحكام هذه الدول ويصبح السياسة الحاكمة لهم.

والدول الداخلة في محاور الصراع عديدة ومتحركة أو غير ثابتة. فهناك محور الصراع التركي - الإيراني، الذي يكسب له المملكة العربية السعودية ودول الخليج، في حين تسعى إيران إلى تعزيز تحالفها مع سوريا وكسب العراق إلى جانبها، إضافة إلى تبعية حزب الله بلبنان للسياسة الإيرانية وخضوعه لقرارات مرشد الثورة الإسلامية بإيران علي خامنئي بالكامل. والمحور الثاني يجد تعبيره في الصراع الإيراني-السعودي، الذي تلتحق بالأخيرة دول الخليج، عدا قطر، التي تمردت هذه المرة على السعودية، وهي دولة لقيطة تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، فأعلن الحصار ضدها، وتشكل حلف جديد التحقت به مصر، ثم البحرين والإمارات العربية ضد قطر. كما إن الصراع الإيراني-السعودي قد احتدم منذ العام 2014 باليمن بسبب دعم إيران للحوثيين، مما أدى إلى تشكيل تحالف واسع تقوده السعودية وتشارك فيه كل من البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والمغرب والسودان والسنغال، في حين تقف إيران وحدها في هذه المعارك إلى جانب الحوثيين والرئيس المعزول علي عبد الله صالح. أما الرئيس هادي منصور فهو يعمل مع السعودية وتحالفها العربي. ومن الوقائع الدامغة تلك التي تؤكد أينما تمتد أصابع السعودية وإيران وتركيا يرتفع دخان الحروب والقتل والتدمير ولن يتوقف ما لم تسحب هذه الأصابع القذرة من التدخل الفظ في هذه الدول وشؤونها الداخلية وسياساتها الفعلية. فالحروب التي تشنها، إلى جانب الرغبة في فرض مصالحها وإرادتها ونفوذها على هذه الدول، فأن فيها رائحة عفنة من الشوفينية والطائفية والتمييز الديني والمذهبي!، وهي انتهاكات صريحة ومريعة للائحة حقوق الإنسان وبقية العهود والمواثيق الدولية في هذا الشأن وللشرعة الدولية واللائحة الأساسية التي تنظم العلاقات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة!  تحاول إيران خلق مجموعة سياسية شيعية تمتد من أيران عبر العراق إلى سوريا فلبنان واليمن، تحاول التأثير على أوضاع البحرين ودول الخليج الأخرى وتهيمن على سياسات هذه الدول الداخلية منها والخارجية والتوسع المذهبي. في حين تتصدى السعودية ودول الخليج ومصر وتركيا لمثل هذه الممارسة بدعوى إنها تريد نشر مذهبها في العالم العربي، وتريد التدخل في شؤون الدول العربية والتأثير فيها لصالحها. والعامل الحاسم في هذا الصراع هو الدور الذي تريد كل من هذه الدول الإقليمية الكبيرة أو الغنية السيطرة على سياسات الدول في منطقة الشرق الأوسط. ويبدو إن إسرائيل تحاول كسب السعودية ومن معها في تحالف أمني وعسكري سري أو مكشوف ضد إيران، إذ تعتقد إسرائيل بأنها تريد تدميرها.  

وقد تورطت كل هذه الدول في حروب قذرة مدمرة لشعوب المنطقة تعكس عن مدى استعداد تلك الدول التي تقود هذه الحروب على التضحية بأبناء وبنات شعوب هذه الدول وتدمير اقتصادها وحياتها الاجتماعية في سبيل تحقيق مصالحها الاقتصادية وهيمنتها السياسية والفكرية أو المذهبية في هذه الدول وعموم المنطقة.

فالحرب السورية المستمرة منذ مارس /أذار 2011 لا يمكن التكهن متى تنتهي، وقد كلفت الشعب السوري مئات ألوف القتلى وأضعاف ذلك من جرحى ومعوقين ونازحين، إضافة إلى الملايين التي هاجرت من سوريا إلى الدول المجاورة والعالم. وقد دُمرت مدن بأكملها ولم تعد مؤهلة للسكن واستخدمت شتى أنواع الأسلحة المدمرة وذات القتل الواسع، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيمياوية. ولم تقتصر هذه الحرب على حرب داخلية بين القوى السياسية المتصارعة، بل شاركت فيها المليشيات الإرهابية المسلحة مثل القاعدة وداعش بأسماء مختلفة، كما دخلت تركيا والسعودية وقطر والإمارات وإيران وحزب الله وفصائل من المليشيات الطائفية المسلحة من العراق بشكل مباشر وغير مباشر في هذا الحرب، ثم تتوجت بتدخل أمريكي وروسي مباشر مكونين محورين رئيسين في هذا الصراع، إضافة إلى حربهما ضد القاعدة وداعش! والمخاطر الكبيرة الراهنة تبرز في محاولات جادة لجر العراق إلى حرب مماثلة وكذلك لبنان، رغم إن العراق يخوض منذ العام 2014 حرباً مريرة ضد داعش وحقق فيها انتصارات باهرة، بعد هزيمة حزيران عام 2014، حيث كان المستبد بأمره نوري المالكي الحاكم المستهتر بأمور العراق وشعبه.

أما الحرب باليمن فقد بدأت حين استولى الحوثيون في العام 2014 على السلطة بصنعاء العاصمة وهروب كافة المسؤولين الحكوميين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية هادي منصور، لخوض المعركة من عدن ومناطق أخرى، وشكلت السعودية حلفاً عسكرياً للتدخل في الحرب ضد الحوثيين وحليفهم علي عبد صالح في الربع الأول من عام 2015 بدعوى التصدي للتدخل الإيراني باليمن ومساندتهم للحثيين ومدهم بالسلاح والعتاد والأموال. ويشير تقرير نشر بتاريخ 27/03/2017 في موقع العربي الجديد جاء فيه:

"وفقاً لأحدث الإحصائيات المعلنة من قبل الأمم المتحدة، قتل 4773 مدنياً وأصيب 8272 آخرون خلال المواجهات. وفيما تتحدث التقارير الأممية عن مقتل ما يقارب هذا العدد من المقاتلين، تفيد مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، بأن الحصيلة تفوق هذه الأرقام، وأن هناك عشرات الآلاف من القتلى (30 إلى 50 ألفاً وفق التقديرات المتفاوتة)، معظمهم من الحوثيين وحلفائهم. وسبب ارتفاع حصيلة الضحايا من جانب الانقلابيين، يعود لكونهم يخوضون المواجهات دون غطاء جوي ويتعرضون لغارات جوية مباشرة، لكنهم لا يكشفون عن أعداد ضحاياهم من المقاتلين." علماً بأن الموت والدمار والخراب قد اتسع خلال الفترة الأخيرة وخاصة بعد أن فرضت السعودية الحصار البحري والجوي والأرضي على اليمن، مما تسبب في مزيد من المخاطر على الشعب اليمني. وقد ورد في ذات التقرير وعن تقارير الأمم المتحدة ما يلي:

"والوضع مأساوي إلى درجة أن اليمن بات يستحوذ منذ أشهر قليلة على اهتمام طارئ من قبل المنظمات الدولية التي لا تتوقف عن التحذير من خطر مجاعة تهدد ما يقارب سبعة ملايين يمني، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة" (راجع: حرب اليمن بعد عامين: حصيلة إنسانية كارثية، صنعاء ــ العربي الجديد، 27 مارس2017). والمخاطر التي تتهدد هذي الملايين لا تنشأ من الجوع وحده، بل ومن واقع انتشار الكثير من الأمراض المعدية وبسبب نقص الدواء والعناية الصحية والطبية وتدهور المناعة عن الأطفال والشيوخ والعجزة والحوامل...الخ. ويبدو واضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية غير معنية بضحايا الحرب باليمن، بل جل همها يتركز في الحفاظ عل علاقتها بالسعودية وبيع المزيد من الأسلحة لها وللدول الأخرى المشاركة في هذه الحرب القذرة.

ولكن هذه الدول الإقليمية الكبيرة وحليفاتها التي تخوض الحروب في الدول الأخرى لفرض هيمنتها عليها، فإنها تجد الدعم والتأييد الفعليين من الدول الكبرى بثلاثة أشكال: 1) المشاركة المباشرة في البعض من هذه الحروب، كما في الحرب الجارية بسوريا أو العراق؛ 2) التأييد السياسي والإعلامي من جانب الدول الكبرى لهذا الطرف أو ذاك وأحياناً للطرفين بصيغ مختلفة؛ و3) الأخطر من كل ذلك تزويد هذه الدول بالمزيد من الأسلحة الحديثة والمتطورة التي تزيد من قتل البشر وتدمير المدن وتقليص إمكانية العيش فيها. وتشير المعطيات المتوفرة إلى الحقائق التالية:

** ارتفعت صادرات الولايات المتحدة الأمريكية بين 2006-2010 و2011-2016 من 28% إلى 33% من إجمالي صادرات العالم للأسلحة، في حين انخفضت صادرات روسيا من 25% إلى 23%. وبين عامي 2012-2016 بلغت صادرات الدول المنتجة والمصدرة للسلاح على النحو التالي:

** الولايات المتحدة 33%، روسيا 23%، الصين 6,2% وفرنسا 6%، ألمانيا 5,6% بريطانيا 4,5% وإسرائيل 2,3%.

** ارتفعت صادرات المانيا من الأسلحة من 6,5 مليار دولار أمريكي في عام 2014 إلى 9,8 مليار دولار أمريكي في العام 2015. كما تضاعفت مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية خلال عامي 2016 و2017 في الوقت الذي تخوض فيه السعودية على رأس تحالف عسكري، حرباً عدوانية ضد اليمن.

** بلغت حصة دول الشرق الأوسط من استيراد السلاح 18% من مجموع صادرات العالم للسلاح خلال الفترة 2006-2010، وارتفعت هذه النسبة إلى 25% في الفترة 2011-2015.      

** لقد كانت المملكة السعودية ثاني أكبر مستورد للسلاح بعد الهند خلال السنوات الأخيرة. ففي الأشهر العشرة الأولى من عام 2016 باعت الولايات المتحدة الأمريكية معدات عسكرية للسعودية بمبلغ قدره ملياري دولار أمريكي، ووافقت في العام نفسه على بيع أسلحة لها بمبلغ قدره 40 مليار دولار أمريكي. يضاف إلى ذلك أن المملكة السعودية اشترت في شهر كانون الأول/ديسمبر 2016 (48) طائرة نقل عسكرية "إتش-47 شينوك" بمبلغ قدره 3 مليارات و500 مليون دولار امريكي. كما أن الكويت اشترت 28 طائرة من طراز F 28)) في العام 2016 بمبلغ قدره 10 مليارات دولار أمريكي و218 دبابة بمبلغ قدره مليار و700 مليون دولار أمريكي. أما قطر فقد تصدرت "قائمة الدول المستوردة للأسلحة الفرنسية خلال 2015 بقيمة 6.8 مليارات يورو، ضمت صفقة أسلحة أمريكية إلى قطر شراء 72 طائرة من طراز "F-15QA" بوينغ متعددة الوظائف، بقيمة 21 ملياراً و100 مليون دولار، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وفي المرتبة الثانية تأتي الكويت، بشرائها أسلحة أمريكية بقيمة 11 ملياراً و837 مليون دولار." (راجع: صفقات السلاح بالعالم.. أرقام "خيالية" والخليج يتصدر المتحصنين، تقرير خاص، موقع الخليج أونلاين، 24/02/2017).

** وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن مبيعات الأسلحة بين فترتي 2006-2010 و2011-2015 قد ارتفعت على النحو التالي: السعودية 275%، قطر 279%، الإمارات 35%، مصر 37% والعراق 83%. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مصدر للسلاح على المملكة السعودية التي كانت تزود قوى الإرهاب وقوى المعارضة السورية بالسلاح لمواصلة الحرب بسوريا، إضافة إلى حربها الإجرامية باليمن. وأشار تلفزيون دويتشة فيلة DW حول تجارة السلاح إلى ما يلي: "من الصعب تقدير حجم تجارة سوق السلاح. غير أن معطيات صادرات السلاح الأمريكية والروسية والألمانية والصينية وغيرها تشير إلى أنها بعشرات المليارات سنويا. وتعد السعودية في مقدمة الدول التي تشتري الأسلحة. فقد اشترت الرياض في عام 2014 أسلحة بقيمة أكثر من 80 مليار دولار" (راجع: تجارة السلاح، دويتشة فيلة DW بتاريخ 02/11/2017).

وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن إيران تمتلك قوة عسكرية ضارية وكميات هائلة من الأسلحة الهجومية والدفاعية، وهي تقوم بإنتاج الكثير من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ البالستية، كما تستورد الكثير من الأسلحة من روسيا ومن دول أخرى كثيرة وتوجه مبالغ كبيرة من ميزانيتها العامة صوب التسلح، وهي متقدمة على السعودية في إجمالي توسعها العسكري واستعدادها القتالي. (راجع: علاء الدين السيد، إيران والسعودية من الأقوى عسكرياً، موقع ساسا  sasaفي 30/03/2015).    

إن تجارة السلاح ليست سوى تجارة الموت لشعوب الشرق الأوسط، تجارة المزيد من الفقر والحرمان، والمزيد من الإرهاب والدمار وحصد الأرواح البريئة. إنها أكبر الجرائم التي ترتكب في منطقة الشرق الأوسط التي كلما ازداد استيراد السلاح فيها، كلما ازدادت الصراعات والنزاعات والحروب والسعي لحل المشكلات بقوة السلاح، وحين تنشب الحروب يزداد استيراد السلاح ايضاً، وهكذا تسقط هذه البلدان في الحلقة الشيطانية، في الدائرة المغلقة، إنها المأساة والمهزلة في آن واحد، إنها مأساة امتلاك هذه المنطقة للذهب الأسود، للبترول. ولا نبتعد عن الحقيقة حين نؤكد بأن أصابع السعودية وتركيا وإيران حين امتدت إلى هذه البلدان ارتفع الدخان، دخان نيران الحروب وروائح الدم والخراب والدمار. ولا شك في أن وراء ذلك سياسات دولية ودول كبرى تهدف إلى الهيمنة على "مناطق النفوذ الحيوية" لمصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهي التي تزيد من تعمق وتوسع الأزمات والحروب ومن صب المزيد من البنزين على النيران المشتعلة لتزيدها اشتعالاً وهمجية وموتاً مستمرا.

إن ما تمارسه السعودية وتحالفها المشين يعتبر ضمن عمليات الإبادة الجماعية ضد شعب مسالم وفقير وعاجز عن الدفاع عن نفسه، كما يعتبر عملاً يهدف إلى قتل المزيد من السكان المدنيين، من أطفال وشيوخ ونساء بتدمر كل شيء عبر القوة الجوية السعودية والإمارتية بالصواريخ والقنابل، بما في ذلك قصف المستشفيات التي يرقد فيها المرضى من أطفال وشيوخ ونساء حوامل، إنها جرائم بشعة يندى لها جبين البشرية والأمم المتحدة، إذ لم يتحرك العالم كله لإيقافها، في الوقت الذي يرون فيه ما يجري على أرض اليمن الحزين. كما لا تقصر إيران في إرسال المزيد من السلاح والعتاد إلى الحوثيين لتزيد من المعارك فيها ومواصلتها. إنهم يتحاربون على الأرض اليمانية كما يتحاربون على الأرض السورية، ويريدون اليوم خوض الحرب في لبنان والعراق أيضا!! إنها المأساة والمهزلة التي يعيشها عالمنا المعاصر!  

ولو لم تكن أغلبية شعوب هذه البلدان غافية ومهملة لمصالحها بسبب جهلها أو زيف وعيها وتشوه الفكر الذي تحمله، لما استطاع حكام هذه الدول الجبناء والمستبدين، ولا دعم تلك القوى الدولية التي تقف وراء هذه الحروب والمآسي والكوارث الإنسانية، أن يبقوا في الحكم لهذه العقود الطويلة. والطلائع المثقفة والواعية والأحزاب التقدمية والديمقراطية، رغم الجهود المضنية التي تبذلها، لم ترتق بعد إلى المستوى المطلوب ولم تتوحد جهودها في النضال ضد هذه النظم المستبدة، كما إنها تواجه سياسة محاربة بأقسى الأساليب وأكثرها شراسة وعدوانية وفي جميع هذه الدول دون استثناء. ومع ذلك فنضال القوى المدنية والديمقراطية والعلمانية لا بد له أن يستمر ولا بد له أن يثمر، لكي يمكن إيقاف هذه الحروب والتخلص من هذه الفئات الحاكمة المعادية لمصالح شعوبها جملة وتفصيلا. وهو آمر أت لا ريب فيه، إلا إنه يستوجب المزيد من العمل والتوعية والنضال في صفوف شعوب المنطقة وبين كادحيها، فهم الخاسرون الأوائل من تلك السياسات والصراعات والنزاعات والحروب بمنطقة الشرق الأوسط.  

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 21-11-2017     عدد القراء :  2469       عدد التعليقات : 0