الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
جلسة تخصصية لمثقفي وأدباء العراق حول النشيد الوطني

عقدَ الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق جلسة لمناقشة النشيد الوطني، بمشاركة نخبة من الأدباء والموسيقيين والمتخصصين والمعنيين بالشأن الثقافي ضحى السبت ٢٣ آذار ٢٠١٩ على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد ، الجلسة التي أدارها الناطق الإعلامي للاتحاد الشاعر عمر السراي ابتدأت بكلمة ترحيبية تلتها كلمة رثاء في ضحايا العبارة في الموصل وعزاء لذويهم والدعوة للوقوف دقيقة صمت وحداد وتحدي على أرواح الضحايا في نينوى.

استعرض السراي برنامج الجلسة مستذكرا مقولة للشاعر الكبير مظفر النواب ( ليس الحزن أن نحزن .. بل الحزن أن لا نحزن ) مشيراً إلى موقف الاتحاد من فاجعة العبارة ودعوته الجهات المسؤولة ومطالبتها بتحقيقات جادة تساهم في الحفاظ على أمن الناس ومعالجة التدهور الذي تشهده البلاد والتي يروح ضحيتها الإنسان العراقي ، منوها إن الزميل والأديب والصحفي عبدالجبار الجبوري فقد ثلاثة من عائلته وهو الآن مفجوع ككل العوائل المنكوبة التي توقد الشموع لرحيل من رحلوا.

رحب السراي بالدكتور والأستاذ صالح عبيدي متقدما بالتهنئة له باسم الاتحاد والضيوف بمناسبة تتويجه وفوزه بجائزة الإبداع  في مسابقة وزارة الثقافة للإبداع ومبارك له ولنا هذا الفوز.

بعد أحداث 2003 وتغيير النظام ليتنفس العراق الحرية، وبعد سلسلة من الإحداث تم أقرار نشيد موطني نشيدا وطنيا للعراق بعد إزالة كل الأناشيد السابقة من قبل 2003 وهي قصيدة للشاعر ابراهيم طوقان وهي أنشودة معروفة على مستوى الوطن العربي، وبعدها بقي موضوع النشيد الوطني مشارا إليه في الدستور على إن ينظم بقانون ، وظل الأمر بين وزارة الثقافة واللجنة الثقافية في البرلمان وصولا إلى ما بعد 2010 ليطرح مشروع قانون يناقش النشيد الوطني ابتدأ من الشعر وجرت مفاتحة جهات عدة منها الاتحاد العام للأدباء والكتاب ووزارة الثقافة والأكاديمية العراقية متمثلة بمجموعة من الأساتذة المتخصصين في الشعر ، وصولا إلى اختيار رأي إن يتم اختيار قصيدة لثلاث من كبار شعراء العراق ، وتم ترشيح قصائد لشعراء كبار هم الجواهري والدكتور البصير وبدر شاكر السياب وجلست اللجنة لتخرج باتفاق على قصيدة الجواهري وتم قراءة القانون مرتين وتم إرجاء هذا الأمر بسبب الأزمة في مجلس النواب ثم لم تجري المتابعة للانشغال بإصدار قوانين قد يرونها أهم للمرحلة ، وبعد هذه السنوات تفاجئ الوسط الأدبي والثقافي بتقديم طلب إلى رئاسة مجلس النواب من نائبين لمشروع قانون جديد للنشيد الوطني وهي قصيدة للشاعر اسعد الغريري ( عراق القيم ) والحان وغناء كاظم الساهر

قوبلت هذه الورقة بهجمة عاصفة من الأوساط المتخصصة والاعتراض الأول إن القصيدة طقطوقة بسيطة لاتمثل العراق وتنوعه وثقافته ويتضمن النص الكثير من الإشكاليات والمفردات التي تثير الجدل ،الاعتراض الثاني إن طرح هذا الأمر هو قفز على ماتمت قرأته لمرتين، الاعتراض الثالث ان كاتب النص ممن مجد النظام السابق بعشرات القصائد، فكيف القبول بنص بلا دراسة عميقة، من جانب الموسيقى واللحن الذي اختاره كاظم الساهر هو مقتبس من نشيد جمهورية العراق في عام 1958 للملحن لويس زنبقة وهذا سيحال الى مختصين لمعرفة الأمر والخروج بنشيد وطني بعيد عن الطائفة يتم التشاور فيه مع المختصين من الوسط الثقافي والأدبي ، الجلسة تتضمن 3 أوراق عمل الأولى للأستاذ فاضل ثامر حول الجانب الأدبي والثقافي والثانية للأستاذ عبدالرزاق العزاوي الموسيقي الأصيل والمعروف عنه في الأناشيد الوطنية ولعمله في السيمفونية العراقية والورقة الثالثة للدكتور الشاعر علي الشلاه عضو اللجنة الثقافية لمجلس النواب آنذاك والتي نضجت قانون النشيد الوطني.

الأستاذ فاضل ثامر في حديثه أشار سبق لمجلس النواب أن طرح فكرة (مسابقة) لتأليف النشيد الوطني العراقي، لكن الحساسيات والاعتراضات المتوقعة على هذا الاسم أو ذاك ألغت الفكرة ، ولجأنا إلى أسلوب أقل حساسية، وهو اختيار قصائد ملائمة لشعراء متوفين، ورشحت أسماء: الزهاوي والرصافي ومهدي البصير والجواهري والسياب ومصطفى جمال الدين، وحصلت مفاضلة ليستقر الرأي أخيراً عند الجواهري والسياب، وإن كانت كفة الجواهري هي الأرجح، وهناك جهات دعمت قصيدة الجواهري ، ومن المضحك إن يطرح الأمر من احد النواب الذي يدعي الشعر وربما هو شعراء الدرجة العاشرة وهذه من المفارقات في الوضع العراقي الجديد، أنها وصل به الأمر ليرشح نفسه لكتابة النشيد الوطني، ويجمع لإدراج اسمه ضمن المتنافسين 50 توقيعاً، باعتبار أن أي 50 توقيعاً من النواب حول موضوع ما من الممكن أن يجعله قانوناً.

ويرى فاضل ثامر ان من الضروري لمجلس النواب اعتماد آليات ديمقراطية تأخذ بنظر الاعتبار ان قرار اختيار  النشيد الوطني يكون بالتشاور وبموافقة المثقفين والمؤسسات واللجنة الثقافية في البرلمان هي المسؤول المباشر عن هذه الإشكاليات وعليهم احترام الذاكرة الثقافية التي وافقت على قصيدة وطنية ولا نريد مماحكة مذهبية ، لأن النشيد الوطني أحد الرموز السيادية مثل العلم الذي هو رمز الدولة.

الأستاذ عبدالرزاق العزاوي شخصية ضليعة في هذا المجال وله تجارب عديدة وخبرة واسعة يقول: العلاقة وثيقة بين العلم والشعار والنشيد وهناك أنواع وأشكال للأناشيد حسب تاريخ وخصوصية وثقافة كل دولة، والنشيد له ميزاته وما يحملها وتكون مرتبطة بالمجتمع واستجابة الشعوب لها، هناك أناشيد هادئة وبسيطة وهناك أناشيد مرتبطة بالحروب الأهلية، وهناك أناشيد للسلام والنشيد الوطني كان لدى بعض البلدان عبارة عن موسيقى ومقاطع قصيرة وربما الحالة مماثلة لبعض البلدان العربية مثل الأردن والكويت لكن بعد حين تم الاشتغال عليها بإضافة كلمات، ويضيف عبدالرزاق ان النشيد الملكي كان موسيقى فقط ، بعد الجمهورية أهدى لويس زنبقة السلام الجمهوري وجرة الاتفاق عليه ، والعلاقة وثيقة بين الشعار والنشيد والعلم، ولايمكن الفصل بينهم وان يكون معبرا عن البلد ونابعا من تاريخه، واستمر العمل بالسلام الجمهوري حتى 1963 حتى جاء نشيد ( وطن مدى ) وكان هناك تعديل على النص واستمر رغم أرادة الجميع، وبعد 2003 جرى التفكير بنشيد وطني ومحاولات كثيرة للتغيير ، واعتقد لن يكون هناك نشيد إلا إذا تم فرضه علينا، نحن نرغب بنشيد نابع من الأرض ويحفظ من الجميع الصغار والكبار، الإشكالية في النص هو الذي يتحكم في صياغة اللحن على إن يتميز بالجدية ويعطيه قيمة عليا.

الدكتور علي الشلاه في ورقته تحدث عن النشيد الوطني والحديث عنه هو الحديث عن الوطن وهو غير خاضع للأستيرادات ، كان مقترح قانون حول النشيد الوطني والهدف ان يكون رمزا جامعا لا عكس ذلك، والحل هو اللجوء لرمز متفق عليه من الناس وهناك أسماء مثل محمد مهدي الجواهري والبصير والسياب، وكانت هناك قراءة أولى وثانية وكان نص الجواهري هو المرجح والمقبول من الجميع ،وهناك رأي قول إن يترك الأمر ليطرح على الناس للتصويت وهذه تجربة تحتاج إلى وعي وسنوات من العمل، وبين مؤيد ومعارض استمر مخاض النشيد وفجأة طرح نص أخر مدعوم بخمسين توقيع تبعها مشادات واستياء وحصلت قطيعة وانتهى الأمر بالسكوت، وإذا اخذ النشيد بهذه الطريقة والفكرة لن يستمر فيجب إن نتحدث عن نص يمكن إن يستمر باستمرار الدولة والحكومات المتتالية.

الأستاذ ناجح المعموري في مداخلته:  النشيد الوطني يجب إن يكون مفهوم من الجميع ومن النخب وغيرهم ويحصل على قبولهم، وهناك طلب من محمد المبارك قدم إلى وزارة الثقافة حول الموضوع ، من جانب أخر إن شخصية الجواهري تمتلك مكانة مقدسة والتجاوز على النص والرمز وقدسية حضور الجواهري ، ديباجة الدستور هناك إشكالية تدعونا للانتباه والعودة للتفكير الجدي بنشيد وطني يمثل الكل علينا إن نحترم تاريخ العراق.

تخلل الجلسة مداخلات لعدد من الأساتذة والأدباء ( الأستاذ سالم روضان الموسوي -  د. حسين الجاف - جمال السماوي - علاء النداوي - الدكتور حسين القاصد - د. باسم مطلب - الناقد بشير حاجم - دريد الخفاجي - علاء المسعودي ).

واختتمت الجلسة بتجديد مطاليب الاتحاد التي تضمنها بيانه حول النشيد الوطني مؤكدين إن على الجهات المعنية بالأمر، من رئاسات ووزارات ونوّاب، الحذر كلَّ الحذر، فالتعامل مع مفصل تخصصي خطير بأهمية النشيد الوطني، بهذه السهولة والاستخفاف أمر لن تحمد عقباه، ولن يمرَّ أبداً، إلا إذا أراد المسؤولون الجدد أن يعيدوا نفيَ الجواهري مرةً أخرى، ليدفن في الغربة دليلاً على بقاء النظام السابق حاكماً الآن.

  كتب بتأريخ :  السبت 30-03-2019     عدد القراء :  2142       عدد التعليقات : 0